أعرب العديد من رؤساء البلديات بتيبازة عن تذمّرهم واستيائهم من تداعيات تفسير المادة 6 من المرسوم التنفيذي 236 / 10 الصادر سنة 2010، المعدل خلال سنوات 2012 ، 2013 و2014، المتعلق بتنظيم الصفقات العمومية، إلا أنّ هؤلاء لم يخف رضاهم المطلق بإجراءات الرقابة القبلية لتسيير المال العام والتي يضمنها عمليا المراقب المالي على المستوى المحلي.
وفي ذات لسياق، فقد أجمع رؤساء البلديات الذين تحدثنا إليهم بشأن الموضوع على أنّ تفسير حيثيات المادة 6 من المرسوم التنفيذي والذي اعتمده ممثلو وزارة المالية على مستوى الرقابة القبلية من حيث الجمع ما بين مختلف مواد الصرف في إعداد موضوع الطلبية وعدم تجاوز مبلغ 500 ألف دج خلال العام الواحد يعتبر مجحفا ومثبطا ومعيقا لعمليات التكفل بحاجيات المواطن الأمر الذي لم يكن على من ذي قبل، بحيث كانت كلّ مادة تحرّر الطلبية بشأنها على انفراد، فيما تمّ الجمع ما بين المواد التي يربو عددها عن 50 مادة في عملية مالية واحدة خلال السنة، وضرب بعضهم مثلا يتعلق بإنجاز طلبية تتعلق باقتناء الوقود مثلا دون بلوغ السقف المحدد بـ500 ألف دج مرة واحدة في السنة، وفي حال تعرّض بعض قنوات الصرف الصحي للانجراف أو الاهتراء الفجائي مثلما يحتمل بأن يتعلق الأمر بالطرقات أو التعبير عن الحاجة للحليب أو المؤونة من لدن بعض العائلات المعوزة، فإنّ المجالس البلدية ستكون مطالبة باتباع منهجية الاتفاقية التي تقتضي استشارة محلية بمشاركة 3 مؤسسات ممونة أو منجزة، الأمر الذي يطيل إجراءات التنفيذ ويثقل كاهل الآمرين بالصرف على المستوى المحلي، إلا أنّ هؤلاء اتفقوا جميعا على أهمية اعتماد شخصية الرقابة القبلية ممثلة في منصب المراقب المالي الذي يتكفل بالتأشير على العمليات المالية بصفة قبلية لصالح مجموعة من البلديات من حيث إرشاد هؤلاء إلى الإجراءات القانونية وعدم الوقوع ضحية أخطاء التسيير، لاسيما حينما يتعلق الأمر بالمال العام، وإذا كان المراقب المالي كثيرا ما يرفض التأشير على عمليات مالية يقترحها رؤساء البلديات، فإنّه بذلك يقيهم من شرّ متابعات قضائية محتملة تتعلق بتبديد المال العام وتبقى النقطة السوداء التي طبعت هذا الملف ترتبط بطول الاجراءات الادارية التي ينص عليها المرسوم التنفيذي 236 / 10 والتي تقارب فترة 6 أشهر كاملة لإعداد صفقة بكل تفاصيلها و4 أشهر أحيانا لإعداد اتفاقية مكتملة الجوانب بدءا بإعداد الكشف الكمي والتقديري وانتهاء بتقديم الأمر بالبدأ في الأشغال للمؤسسة المختارة.
ولأنّ معظم بلديات الولاية تعتمد في مشاريعها التنموية على عطاء الوصاية باعتبارها لا تحوز على مداخيل مالية كافية، فإنّ ذلك يضيف عبئا إضافيا على سيرورة تجسيد الصفقات المحلية بحيث ينتظر رؤساء البلديات قرارات لجنة التحكيم الولائية التي تخوّل لها صلاحية انتقاء المشاريع المؤهلة للتمويل، كما تضطر البلديات أيضا إلى انتظار فترة أخرى حينما ترسل الصفقة إلى مديرية البرمجة والتخطيط لتسجيل المشروع رسميا، مما يرفع فترة أجال إعداد ملفات المشاريع إلى حدود قصوى لا تقل عن 4 أشهر بالتمام والكمال فيما تقل ذات الفترة عن ذلك بمقدار شهر تقريبا حينما يتعلق الأمر بتموين المشاريع من لدن البلديات ذاتها، إلا أنّ حالات مشابهة تعدّ على أصابع اليد الواحدة .
كما أشار بعض رؤساء البلديات بالولاية الى استحالة تنفيذ المادة 55 من المرسوم في الوقت الراهن على الأقل، وهي المادة التي تنص على تخصيص ما يعادل 20℅ من الصفقات المحلية لفائدة المؤسسات الصغيرة المنبثقة عن أجهزة الدعم إلا أنّ محتوى المادة يشير إلى تحديد إجراءات التطبيق عن طريق التنظيم، الأمر الذي لم ير النور بعد، مما أثار حفيظة بعض المؤسسات المعنية والتي لا تزال تنتظر حقها من المشاريع المحلية.
على صعيد آخر، يؤكّد العديد من رؤساء البلديات بالولاية على أنّ مشاركة ممثلي الرقابتين القبلية والبعدية في لجنة الصفقات المحلية يعدّ في حدّ ذاته مكسبا هاما للمجالس البلدية من حيث سهر هذين الطرفين على حسن سير العمليات المالية وفقا لما تنص عليه القوانين المعمول بها، كما أنّ مصادقة المراقب المالي في مرحلة قبلية على مختلف مراحل المشروع يحمل في طياته العديد من أوجه تمكين رئيس البلدية من ممارسة مهامه كاملة بعيدا عن الشبهات التي يحتمل بأن تجره إلى أروقة العدالة، كما لمّح بعضهم إلى أنّ الاجراءات المنصوص عليها حاليا ضمن مواد المرسوم التنفيذي 236 / 10 تمكن من تجسيد مشاريع بأقل تكلفة وبتكافؤ الفرص ما بين المؤسسات المنجزة وفي شفافية تامة، الشيء الذي اعتبره بعضهم مكسبا لا يجب التراجع عنه أو التخلي عنه لفائدة صفقات التراضي التي تحمل في طياتها العديد من أوجه الفساد.