يعتبر التكفل بانشغالات المواطنين حجر الزاوية في معادلة الاستقرار بالبلديات والتنمية بها، حيث كثرت الاحتجاجات في عاصمة الأوراس باتنة، في السنتين الأخيرتين، بسبب مطالب يراها المسؤولون شرعية يكفي فتح باب الحوار مع المواطنين بشأنها لإيجاد حلول لها، أو على الأقل إقناع المواطن بقرب حل ذلك الانشغال أو استحالته في الوقت الحالي، فالمواطن حسب العديد من الذين تحدثنا إليهم أثناء إنجاز هذا الملف أكدوا أنهم لا يبحثون سوى عن الحقيقة والوضوح والإصغاء إلى انشغالاتهم، لأن الدولة عينت أولئك الموظفين مهما كانت رتبهم لخدمة المواطن ومهما كان مستواهم وفي أي نقطة من الإقليم الذي يقطنون به.
ولعل هذا ما دفع بوزارة الداخلية والجماعات المحلية إلى التأكيد في كل مرة على حقوق المواطن في تسيير شؤونه المحلية وهي حقوق نص عليها الدستور “صراحة”، ولا أحد يستطيع إنكارها أو تجاوزها، غير ان “جهل” المواطن وأحيانا “المسؤولين المحلين” بتلك الحقوق ضيعها في كثير من المناسبات وجعلها غير موجودة في الميدان.
وقد أوضح الطيب بلعيز وزير الدولة وزير الداخلية والجماعات المحلية خلال تنصيبه لفوج عمل بهذا الخصوص يضم حسب مصادر من الولاية باتنة، ممثلين عن كل القطاعات الوزارية والمنتخبين وبعض المؤسسات، لتفعيل ممارسة المواطن الجزائريين في كل بلديات وولايات الوطن لحقوقه في تسيير شؤونه، ويؤكد رئيس بلدية باتنة عبد الكريم ماروك لـ “الشعب” أن مشاركة المواطن في تسيير الشؤون المحلية هو حق مكرس دستوريا وموجود في كل من قانوني البلدية والولاية، مشيرا إلى أن المشرع الجزائري أولى أهمية كبيرة للديمقراطية التشاركية وكرسها في الدستور ومختلف القوانين، وهو ما يسعى لتحقيق منذ انتخابه رئيسا لبلدية باتنة سنة 2012، حيث يقوم في كل اجتماع بتوجيه دعوات للمواطنين والمجتمع المدني لحضور أشغال النقاش الخاصة بتسيير شؤون البلدية.
وأكد والي باتنة الحسين مازوز في عديد المناسبات على أن الدولة سخرت وآليات ووسائل تسمح بتطبيق تللك النصوص القانونية التي تكرس حق المواطن في المشاركة في صناعة القرار على المستوى المحلي.
وانتقلنا، إلى بلدية باتنة، حيث وجدنا المجلس البلدي في اجتماع حضرته إحدى المواطنات إلتقاها السيد عبد الكريم ماروك خارج البلدية وطلب منها حضور أشغال الاجتماع تجسيدا لحقها في ذلك، وأضاف بهذا الخصوص رئيس بلدية باتنة ان هناك أكثر من 5 مواد واضحة في هذا الشأن في قانوني البلدية والولاية على غرار حق المواطن في حضور الأشغال الخاصة بالمداولات المتعلقة بالمجالس الشعبية البلدية والولائية.
وأبرز أن إشراك المواطن في تسيير أمور بلديته منصوص عليها قانونيا لكنها غير مطبقة بسبب نقص آليات ووسائل تطبيق هذه القوانين، وهو ما تعمل حاليا وزارة الداخلية على تجسيده ميدانيا من خلال تنصيب الفوج المكلف بذلك.
ومن بين هذه المواد تلك التي تنص على حضور المواطن جلسات المجالس الشعبية وأن تكون الجلسات علنية، كما يحق له الاطلاع على كل المستخرجات الخاصة بالمداولات، ومن حقه أيضا أن يستخرج أول نسخة من هذه المداولات، ولكن، يضيف مير باتنة لحد الآن هذه النصوص غير مطبقة والمواطن لا يستطيع المشاركة، ولا تزال عديد البلديات بالوطن تسير دون إشراك المواطن، عكس ما هو حاصل بولاية وبلدية باتنة.
وأشار وزير الداخلية الطيب بلعيز في عدة خرجات ميدانية ، أن السيد رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة أمر الحكومة وكلفها بالعمل على ترقية الديمقراطية التشاركية وإيجاد آليات لهذا الغرض، مضيفا أن هذا الأمر هو محور أساسي في خطة عمل الحكومة التي صادق عليها البرلمان، والوزارة حريصة على تكليف ولاة الجمهورية على تطبيق ذلك وبخصوص خطة عمل الفوج المنصب مؤخرا كشفت وزارة الداخلية أن مهمته تتمثل في إيجاد آليات وتدابير تسمح بممارسة حقوق مكرسة دستوريا وتؤسس لمبدأ ديمقراطي جوهري وهو مشاركة المواطن في تسيير شؤونه وتدبر أمره على المستوى المحلي، كما أكده وزير الداخلية ان مهمة الفوج تقتصر على دراسة وإثراء مجموعة اقتراحات قدمتها سابقا مجموعة من الاطارات العاملة بوزارة الداخلية والجماعات المحليةللوصول الى آليات ووسائل توضع تحت تصرف المواطن والجمعيات ولجان الأحياء لتمكينهم من المشاركة في تسيير شؤونهم في المجالس الشعبية البلدية والولائية، حيث كلف أعضاء الفوج بتناول ملف دور المواطن في تسيير الشؤون المحلية بكل حرية وشفافية ودون قيود أو شروط مسبقة مع السماح لهم بالاستعانة بالخبراء والمختصين إذا اقتضت الضرورة ذلك، وأكد وزير الداخلية أنه سيتم عرض نتائج عمل هذا الفوج على الحكومة لدراستها والموافقة عليها حتى تجد طريقها إلى التطبيق على أرض الواقع في أقرب وقت تطبيقا لتعليمات رئيس الجمهورية بهذا الخصوص.