اكواشـي: الدّولة اعتمدت آليات تمويل متنوّعة لإرساء تنمية مستدامة وشاملة
نظّمت وكالة ولاية قسنطينة لتسيير القرض المصغّر ندوة اقتصادية بعنوان “القرض المصغر والتنمية المحلية في الجزائر”، تحت رعاية المديرة العامة للوكالة الوطنية وتحت إشراف والي ولاية قسنطينة، وبالتنسيق مع المركز الجزائري للاستشراف الاقتصادي وجامعة عبد الحميد مهري قسنطينة 2.
وفي كلمة خلال الجلسة الافتتاحية، أكد المدير العام للوكالة الوطنية لتسيير القرض المصغر، أنّ “الجهاز يعد أحد أهم الآليات الاقتصادية التي تراهن عليها الدولة لتجسيد التنمية المحلية المستدامة، من خلال مرافقة الشباب وتمكينهم من إنشاء مؤسسات مصغرة ذات مردودية اقتصادية واجتماعية”، مشيرًا إلى أنّ الوكالة “تعمل على تكييف خدماتها مع توجهات الدولة الرامية إلى بناء اقتصاد وطني قائم على الابتكار والمبادرة”.
وكشف ممثّلو وكالة قسنطينة خلال الندوة، أنّ الولاية سجلت منذ بداية سنة 2024 إلى غاية مارس 2025، تمويل أزيد من 3.200 مشروع مصغر، بمبلغ إجمالي فاق 500 مليون دينار جزائري، ساهمت في خلق ما يزيد عن 6 آلاف منصب شغل مباشر وغير مباشر، مع توسّع لافت في النشاطات ذات الطابع الحرفي والخدمي.
وشهدت النّدوة تنظيم جلسات حوارية ثريّة، ناقش خلالها المتدخلون واقع وآفاق المقاولاتية في الجزائر، وقد استعرض مستشار المديرة العامة للوكالة جهود التحديث المؤسساتي وتحسين خدمات المرافقة، في حين أكّد رئيس المركز الجزائري للاستشراف الاقتصادي على أهمية تعزيز التنسيق بين الفاعلين المحليين لتفعيل أثر جهاز القرض المصغر في السياسات التنموية.
من جهته، خصّ الخبير الاقتصادي والأستاذ الجامعي، مراد كواشي ، “الشعب” بتصريح قال فيه إنّ الجزائر تبذل جهوداً ملموسة منذ سنة 2020 لتشجيع المشاريع الصغيرة والمتوسطة، من خلال تسهيل الإنشاء وتوفير قنوات تمويل متخصّصة، في إطار سياسة اقتصادية تهدف إلى إرساء تنمية محلية مستدامة وشاملة، موضّحا أنّ الدولة اعتمدت آليات تمويل متنوعة لتغطية احتياجات هذه المشاريع، على غرار أجهزة دعم التشغيل كـ«الوكالة الوطنية لدعم وتنمية المقاولاتية” (ANADE) وصندوق ضمان قروض المؤسسات الصغيرة والمتوسطة (FGAR)، إضافة إلى تسهيلات مصرفية وامتيازات ضريبية وجمركية، ما أتاح لآلاف الشباب حاملي الأفكار والمبادرات من تجسيد مشاريعهم ميدانياً.
وأضاف المتحدّث أنّ هذه السياسة ساهمت في خلق نسيج اقتصادي محلي جديد، خاصة في المناطق الداخلية والهضاب العليا، غير أنّ عدداً من التحديات ما يزال قائماً، ويحدّ من فعالية هذه الديناميكية، وفي مقدمتها تعقيدات الإجراءات الإدارية، وطول آجال دراسة الملفات، وضعف مرافقة أصحاب المشاريع في مرحلة ما بعد التمويل.
وأشار البروفيسور كواشي إلى أنّ العديد من الشباب يواجهون صعوبات في الحصول على العقار الصناعي أو التجاري، إلى جانب محدودية التكوين التقني في إعداد دراسات الجدوى وتسيير المؤسسات الناشئة، وهو ما يؤدي في بعض الحالات إلى فشل المشاريع في سنواتها الأولى.
وشدّد محدّثنا على ضرورة الانتقال من منطق تقديم التمويل فقط، إلى منطق المرافقة الفعلية قبل وأثناء وبعد إنشاء المشروع، من خلال مراكز أعمال جهوية، ومرافقة تقنية وقانونية وإدارية، مع ضرورة رقمنة المسارات الإدارية وتقليص عدد المتدخلين في الملف الواحد.
وختم كواشي تصريحه بالتأكيد على أنّ “الاستثمار في المشاريع الصغيرة والمتوسطة ليس فقط رهاناً اقتصادياً، بل هو خيار استراتيجي لتحقيق عدالة اجتماعية ومجالية، وتعزيز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي على المدى الطويل”.
وعلى هامش اللّقاء، استفاد الحاضرون من ورشة تكوينية أطّرها مختصو الوكالة، تناولت خطوات إنشاء مؤسسة مصغرة والإجراءات المتعلقة بالتمويل، من إعداد الملف إلى المتابعة الميدانية، كما نُظم معرض مصغر ضمّ نماذج ناجحة من مشاريع مولتها الوكالة، أبرزت ديناميكية الشباب المقاول في الولاية، كما تم توزيع شهادات تأهيل ومرافقة لفائدة مستفيدين جدد، وتكريم بعض المؤطرين والمساهمين في إنجاح هذه المبادرة،