يشرع موالو المناطق السهبية والرعوية بولاية النعامة مع اقتراب موسم الحر في زجّ مواشيهم من الصوف حيث انطلقت العملية، غير أن الإشكال الكبير الذي يعترض هذه العملية هو غياب أماكن تسويق مادة الصوف مع غياب مصانع تحويلية لهذه المادة ما يهدد بإتلاف وضياع آلاف القناطير من هذه الثروة.
تعد ولاية النعامة منطقة رعوية فهي تتوفر على ثروة كبيرة من المواشي قدر عدد الأغنام بها الى أكثر من مليون و 700 ألف رأس من الأغنام الى جانب 1800 رأس من الجمال، من بينها 1245 ناقة، وهي تتمركز بجنوب الولاية.
يتكفل بهذه الثروة الهائلة من رؤوس المواشي بها حوالي 6700 موال بالولاية الذي يمتهن هذا النشاط الرعوي بطرق تقليدية، وكل هذه الثروة كان في السابق يتم زجها سواء الأغنام أو الإبل غير أنه اليوم يتم زج الأغنام فقط وقليل من يقوم بزج الإبل حيث يبلغ إنتاج الصوف سنويا أكثر من ألف قنطار بلغت سنة 2020 أكثر من 1251 قنطار من الصوف و243 قنطار من الجلود بحسب أحد إطارات مصالح الفلاحة.
التويزة صورة للتعاون والتضامن
عملية الزج التي انطلقت هذه الأيام لها عدة فوائد أهمها تحسين صحة الحيوان وكذا نوعية الصوف وزيادة وزن الماشية وتتم عملية بطريقتين تقليدية بالمقص أو بالآلة، ويتم التحضير لهذه العملية بتحديد موعد محدد يتم خلالها دعوة الأقارب والجيران للمساعدة عن طريق ما يعرف بالتويزة وهي عملية تضامنية يقوم بها موالو المنطقة.
من بين التحضيرات لهذه العملية بحسب الأخوة ح. محمد. أحمد المجدوب من منطقة لروية ببلدية الصفيصيفة الحدودية هي تحضير الآلات بكثرة (المقص) وبعض الخيوط تسمى محليا بالكتاف أي حبال صغيرة يتم ربط الماشية بها وقت الزّج مع توفير كيس كبير جدا يتم وضع الصوف فيه وبعض الحجارة الخاصة بسن المقص.
خلال عملية الزج التي تتم في الصباح الباكر حيث تكون المواشي صيام حتى تكون خفيفة تكون فارغة من الفضلات والاهم من كل، يوضع رأس الشاة في مكان مرتفع.
ويتم خلال عملية الزج إلقاء بعض القصائد الدينية أو ما يعرف بالحضرة، وهي عبارة عن مدائح دينية تصب كلها في مدح النبي صلى الله عليه وسلم والصلاة والسلام عليه.
كما يتم خلال هذه اللمة إعداد مأكولات خاصة وتقليدية تمتاز بها المنطقة منها الرفيس(الخبز مطحون بالتمر) الزريزري ( الكليلة أو جبن اللبن جافة ومطحونة مع التمر ) المعكرة ( سميد غليظ يتم طهيه قليلا مع التمر كذلك ) وكل هذه المأكولات يضاف إليها بعض التوابل والسمن الحر أي سمن الغنم.
هذا بالإضافة الى خبز تقليد يسمى المسمن أو البغرير، وهذه المأكولات تقدم مع اللبن والشاي الذي يرافق عملية الزج من البداية إلى النهاية، أما وقت الغذاء فيكون طبق خاص غالبا ما يكون لحم المشوي للإشارة أن صاحب هذه اللمة سيقوم بذبح شاة خلال هذا الموعد لإكرام ضيوفه.
ثروة هامة مهملة
عملية زج المواشي سواء الأغنام، الماعز أو الإبل كان يستغل محصولها في عدة صناعات تقليدية محلية فصوف الأغنام وشعر الماعز كان يستعمل في صناعة الخيم الفراش الأغطية الجلابة ونفس الشيء بالنسبة لوبر الإبل لصناعة الجلابة أو البرنوس، وهي منتوجات غالية الثمن.
والبعض الآخر من هذه المحاصيل أو المنتوجات يتم تجميعها وبيعها لتجار يأتون من ولايات شرقية كبرج بوعريريج، المدية و سطيف لبيعها للمصانع المتواجدة هناك، غير أن الجفاف الحاد الذي عرفته المنطقة منذ حوالي عقدين من الزمن دفع بالموالين إلى الاستقرار بمكان واحد وتوديع سياسة الترحال، وذلك ببناء منازل ريفية وبالتالي لا مجال للخيمة التي تراجعت بنسبة 98 بالمائة وأصبحت مهددة بالانقراض.
تراجعت عملية البيع هي الأخرى بشكل ملفت للانتباه لأسباب مجهولة على ضوء توجه المصانع لنشاطات أخرى أو الاعتماد على مواد أولية أخرى كلها عوامل أدت إلى تراجع مردود هذه المنتوجات، الصوف ،شعر الماعز ووبر الإبل، التي أصبحت مهددة بالإهمال ورميها في الأودية.
أكد المجدوب أنه خلال السنوات الثلاثة الأخيرة بقي الصوف في الهواء يتطاير بفعل الرياح والزوابع فنحن أصبحنا لا نستغله والبيع تراجع بل عرضناه حتى للإهداء مجانا ولكن لا أحد اقترب منا وأخذه موجها ندا إلى كل المعنيين أن مادة الصوف بولاية النعامة تعد ثروة هامة جدا هي اليوم مهملة ومهددة بالإتلاف.
الاستثمار الخيار الامثل
ثروة صوف المواشي بولاية النعامة كغيرها من الولايات السهبية الرعوية كولايات البيض، الجلفة و الاغواط أصبحت مهددة بالإهمال والإتلاف مالم تتخذ إجراءات إستعجالية لحمايتها وذلك بفتح فرص الاستثمار في هذه الميدان بتشجيع الشباب بإنشاء مؤسسات مصغرة مع وضع تسهيلات لذلك خاصة وأن اهتمام الدولة اليوم يتجه نحو الاستثمار، فإذا كان منتوج الصوف وحده بولاية النعامة يتجاوز الألف و 200 قنطار سنويا فما بالك بالمنتوجات الأخرى كشعر الماعز ووبر الإبل بكل الولايات الرعوية.