تنافس بين الخبز التقليدي والكامل على الموائد

عائلات تسترزق من بيع «الكسرة» بالبليدة

استطلاع : أحمد حفاف

تنتعش تجارة الخبز خلال شهر رمضان، حيث تحرص العائلات في البليدة على شراء مختلف أنواعه وحضورها على موائد الإفطار كما هو حال عديد الأطباق، حيث يعتبر وجودها ضروريا مثل الحساء والتمر والمشروبات الغازية والعصائر.
في جولة استطلاعية قمنا بها بأنحاء متفرقة في الولاية وبأسواقها ومحلاتها التجارية، بدا جليا ارتفاع في كمية الخبز المعروضة للبيع منذ أول يوم من الشهر الفضيل، ونقصد الخبز التقليدي الذي يُحضر في المنازل.
ويُعتبر تحضير الخبز التقليدي من عادات العائلات التي تنحدر من الأرياف، فالنسوة تٌحضره يوميا ونادرا ما يذهب الرجال إلى المخابز العصرية لشراء الخبز، وهناك صنف آخر من العائلات لا تحضر الخبز التقليدي لكنّها تحرص على الإفطار به وتفضله استهلاكه في رمضان وخلال بقية أشهر السنة.
تسميات مختلفة ومصدر رزق
تختلف تسميات الخبز التقليدي الذي تحضره العائلات بحسب المنطقة، لكنّ التعلق به مشترك بين الجزائريين، ويطلق عليه العاصميون « خبز الدار « أو « المادون»، فيما يسمونه في الغرب بـ» الكسرة» وهناك ما يسميه بـ» الفطير» أو « المطلوع «.
وفي البليدة يسمون خبز الدار بـ» الكسرة» أو « المطلوع» أما « الفطير» فهي أحد أنواعه التي يفضلون تناولها مع فطور الصباح مع الحليب والقهوة، وتُحضر بدون خميرة على عكس « المطلوع «.
ويُشكل الخبز التقليدي مصدر رزق للعائلات المعوزة التي تقوم بتحضيره طوال السنة، وتبيعه في المتاجر والأسواق والأماكن السياحية، كما تعتمد عليه بعض العائلات ذوي الدخل المحدود للاسترزاق في شهر رمضان مستغلة في ذلك زيادة الإقبال عليه.
خبز الفرن الترابي
وتكمن جودة الخبز التقليدي في المواد الأولية التي يحضر بها، فلابد أن تكون الفرينة والسميد المستعملين من النوع الرفيع، ويتم تخمير العجينة وتدليكها جيدا، أي قبل وضعها في الفرن سواء أكان تقليديا أو عصريا.
وفي وقت مضى كانت سيدة تسمى « الياقوت» تُحضر « الكسرة « بشكل مميز في الفرن الترابي الذي توقده بالحطب بدلا من الغاز، وهو ما يعطي نكهة جيدة لمئات الخبزات تحضرها يوميا لزبائنها من قريب ومن بعيد.
وكانت هذه المرأة تقيم بالتجمع السكني «عمروصة « الذي عرف نموا عمرانيا كبيرا في السنوات القليلة الماضية بإنجاز المدينة الجديدة بوعينان، وبحكم أنه لا يبعد عن العاصمة إلا بنصف ساعة بالسيارة، فكان العاصميون يأتون إليه لشراء الخبز الرفيع من عند هذه السيدة.ولا تعد هذه السيدة الوحيدة التي تقوم بطهي الخبز في الفرن المصنوع بالتراب، بل هناك الكثير من نسوة الأرياف في بلدية حمام ملوان يٌحضرن ما لذ وطاب من الخبز بما فيه النوع الذي يُصنع من دقيق الشعير، ويبعن سلعتهن في سوق بلدية بوقرة المجاورة.
المخابز العصرية تبدع
حينما توجهنا إلى منطقة البليدة الكبرى والتي نقصد بها مركز الولاية والمدن المجاورة لها كأولاد يعيش وبوعرفة وبني مراد، وجدنا أيضا انتشار لبائعي « الكسرة» أو الخبز التقليدي في الأسواق كما هو الحال لسوق باب الجزائر الشهير.
واللافت أنّ المخابز العصرية هي الأخرى تبدع في تحضير الخبز في رمضان، بل أصبحت منافسا حقيقيا للسلع التي تأتي من الأرياف أو تنتجها العائلات التي تقطن بالمدن لكنها متمسكة بتقاليدها في تحضير الخبز التقليدي.
وتعتبر مخبزة «la fournée rustique» لمالكها بن بابا علي وسط مدينة بني مراد بمحاذاة المسجد، نموذجا للمخابز التي تحرص على توفير أجود أنواع الخبز لتجلب زبائنها، وبفضل تفانيها في العمل ذاع صيتها في كامل أرجاء الولاية.
ويقول سلمان مسؤول بهذه المخبزة :» لقد أنشأت والدتي هذه المخبزة في سنة 2005 بعد حصولها على شهادات وأجرت تربصات في الخارج، وأنا كنت أمتهن مهنة أخرى وهي من علمتني مهنة تحضير الخبز»
وأضاف مُحدثنا :» نستعمل فرنا خاصا في تحضير الخبز الكامل ونحرص على أن يكون مذاقه لذيذا لإرضاء الزبائن... وفي شهر رمضان نحضر أنواع جديدة من الخبز بإضافة مكونات مثل خبز الزيتون وخبز النخالة وخبز الشعير».
الخبز الكامل يلقى رواجا
وبجانب مسجد عثمان بن عفان في مدينة بوفاريك يزاول الخباز كريم نمديل عمله للعام السادس على التوالي في مخبزة استأجرها بحي القصاري العتيق حيث تقوم عائلات أخرى بتحضير الزلابية، ويستعمل هذا الخباز وسائل تقليدية في تحضير الخبز مثل الفرن المصنوع بالحجر.
وسبق لهذا الخباز أن أجرى تكوينا في مجال الصناعة الغذائية في كندا خلال سنوات الغربة، وفي الجزائر أشرف على تقديم دروس للممتهنين في مجال تحضير الخبز، وبسعر 70 دينار يعرض خبزا خاصا وكاملا للبيع.
وقد يبدو هذا السعر مرتفعا مقارنة بخبز العائلات أو الخبز الكامل العصري الذي لا يتجاوز سعره 50 دينار، لكن إذا ما نظرنا إلى فائدته فلن يتردد الزبون أبدا في شرائه يقول الخباز كريم، لأنه يُحضر طبيعيا وبدون محسنات.
مكوّنات إضافية وفوائد صحية
وعرج هذا الخباز على الفوائد الصحية للخبز الخاص الذي يقوم بتحضيره طوال العام لكنه في رمضان يضيف أنواعا جديدة لإرضاء زبائنه، حيث قال :» في المدرسة الفرنسية هناك الخبز العادي المصنوع من الفرينة، أما الخبز الخاص فحينما نٌضيف للفرينة مُكونات أخرى مثل الشوفان أو زريعة الكتان والتي لديها فائدة صحية لبعض المرضى».
وأبرز المتحدث قائلا :» أقوم بتحضير الخميرة لمدة 24 ساعة ولا أستعمل المحسنات لذا تكون نسبة السكر في الخبز قليلة جدا، وبالتالي يكون مفيدا لمرضى السكري وللمرأة الحامل حينما ترتفع نسبة السكر في دمها. «
وتابع :» الخبز العادي فيه كمية كبيرة من السكر ويفتقر للألياف، وهناك توجه لإنتاج الخبز الأسود من القمح الكامل أي بمسحوق القمح الكامل الغني بالألياف التي تسهل عملية الهضم عند الإنسان»ا

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024