منذ أن دخل شهر رمضان الفضيل نصفه الثاني، عاش فيه المواطن الجزائري كل أنواع العذاب النفسي والمادي، بسبب ظاهرة ارتفاع أسعار مختلف المواد الغذائية من خضر وفواكه زادت من متاعب العائلات المعوزة والمتوسطة، وحتى المرتفعة الدخل التي دخلت امتحانا ثانيا أكثر قسوة وشدة هذه الأيام، يتعلق بكيفية إيجاد مخرج ما بين تطلعات الأبناء ولهيب السوق لاقتناء ألبسة العيد من أجل إدخال الفرحة على أطفالهم.
“كارثة حقيقية في أسعار ملابس الأطفال”، “تجار انتهازيون”، “لقد قتلوا البسمة في وجوه أطفالنا”، وغيرها من العبارات القاسية التي رددها أرباب عائلات وهم يتجوّلون داخل محلات وفضاءات بيع الملابس أمام قساوة مشاهد الأسعار الصادمة التي دشنها أصحاب المحلات هذه السنة استعدادا لعيد الفطر المبارك، فيما صرح البعض الآخر لـ “الشعب”، أن أسعار أطفال الملابس تعدت كل المعقول، وتضاعفت بنسبة كبيرة مقارنة مع السنة الماضية أو الأشهر القليلة الماضية، والغريب أن الكل يشتكي بمن فيهم التجار، الذين استغلوا الظرف الاقتصادي الاستثنائي لتدمير آخر حصون العائلات الجزائرية المعوزة والميسورة على السواء بحجة تزايد رسوم الاستيراد، وارتفاع السلع والمواد الأولية في الأسواق الدولية”.
وفي استطلاع سريع لآراء المواطنين لأسعار ملابس الأطفال بمحلات بومرداس والمدن المجاورة، كانت الاجابة واحدة هي “الغلاء الفاحش والاستغلال المفضوح من قبل الباعة، الذين استغلوا الظرف والمناسبة الحساسة بالنسبة للعائلات لامتصاص جيوب أرباب الأسر بطريقة غير أخلاقية”، فيما أكد البعض الآخر”أن معدل سعر الأطقم المخصصة للأطفال إناثا وذكورا تتراوح ما بين 5500 دينار إلى 9 آلاف دينار، وبعضها تجاوز هذا السعر بالنسبة للماركات العالمية المعروفة، ونفس السعر بالنسبة للأحذية خاصة الرياضية منها التي لا تنزل في مجملها عن 2500 دينار بالنسبة للمنتوج المحلي والمستورد بأقل جودة”.
وفي حديثنا مع الباعة المتخصصين في بيع ملابس الأطفال، كانت الإجابات متشابهة تقريبا، حيث الكل يرفع شماعة السوق الدولي وارتفاع تكاليف الشحن ورسوم الجمارك، وغيرها من الأسباب الأخرى التي تبدو بعضها منطقية إلى حد ما، خاصة في ظل الأزمة العالمية التي تعصف بالاقتصاد الدولي وتداعيات الحرب الاوكرانية الروسية، لكن بعض من هذه الردود لم تكن سوى ذر للرماد في عيون الزبائن بالنظر إلى حالة التلاعب الكثيرة التي تشهدها مختلف التعاملات التجارية بالخصوص في هذا النشاط، الذي يصعب مراقبته أو محاولة التدخل لتسقيف أسعار المنتجات الخاضعة لمنطق العرض والطلب والمنافسة.وسط كل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة التي سوّت في تأثيرها العميق بين جميع الفئات الاجتماعية، وحققت نوعا من العدالة من حيث درجة التأثر بين مرتفعي الدخل وأصحاب الوسط، أما الفئة محدودة الدخل أو معدومة فهي ببساطة لم تعد تناقش مثل هذه المسائل التي تجاوزتها لتكتفي بالبحث عن كيس حليب وصفيحة زيت في طوابير طويلة، في انتظار الفرج وعودة الابتسامة لأطفالها التي سلبتها الأزمة الاجتماعية.