تراجعت في السّنوات الأخيرة حملات مكافحة الكلاب الضالة التي تجوب الشوارع في بعض الفترات بمدن بومرداس والأحياء السكنية رغم المخاطر التي قد تسبّبها هذه الحيوانات، والأمراض المتنقلة التي تحملها إلى الإنسان منها داء الكلب، وهي الوضعية التي أرجعها بعض المختصّين «إلى تقلص الظاهرة بصفة ملحوظة، وتراجع عملية الإقبال على تربية مثل هذه الحيوانات الأليفة من قبل العائلات خاصة بالقرى والأرياف بسبب تغير نمط الحياة وبالتالي فقدت مبررات وجودها».
لم تعد حملات مكافحة الكلاب الضالة المتشردة التي تنتشر في بعض الأحياء السكنية والشوارع التي تعرف انتشارا كبيرا للنفايات والمفرغات العشوائية تحمل الكثير من الاهتمام من قبل الجهات لمختصة بالنظافة وحماية البيئة، وكذا مصالح البيطرة مقارنة مع الحملات السنوية التي تقوم بها مكاتب الصحة بالبلديات للقضاء على الحشرات والقوارض، بالنظر إلى تراجع حدتها في السنوات الأخيرة حسب الكثير من التصريحات التي استقتها «الشعب»، وأيضا غياب إلى حد كبير شكاوى المواطنين المتعلقة بهذه القضية مقارنة مع فترات سابقة.
مع ذلك لا تزال بعض البؤر السوداء تشكّل مصدر خطر للمواطن والأطفال الصغار بالخصوص، وأغلبها متواجدة في الأحياء السكنية التي تعرف حالة كبيرة من الفوضى كغياب الإنارة العمومية وانتشار المفرغات والحاويات المهملة التي تترك لعدة أيام دون معالجة من قبل أعوان النظافة، بالأخص في بعض الفترات والمناسبات المعروفة كالأعياد، حيث يتعمّد بعض المواطنين إلى رمي الأحشاء والجلود وغيرها التي تشكّل مرتعا مفضلا لهذه الحيوانات، التي تحمل معها كل أنواع الأمراض الخطيرة، ناهيك عن مخاطر الافتراس والاعتداء على المارة.
كما شكّلت ظاهرة انتشار الكلاب الضالة تراجعا أيضا حتى في الأرياف والقرى، حسب ما تحدث عنه بعض المواطنين لـ «الشعب»، بالتأكيد «أنّ عملية تربية الكلاب بالمنازل تراجعت بشكل كبير في السنوات الأخيرة بسبب تغير نمط الحياة اليومي للعائلات والفلاحين، واندثار بعض الأنشطة التقليدية المعروفة سابقا كتربية الماشية ونشاط الرعي المرتبطة ارتباطا وثيقا بتربية كلاب الحراسة لحماية القطيع، والسرقات التي كانت منتشرة بكثرة».
كما أدّت عملية التمدن المتواصلة التي تعرفها المناطق الريفية وعصرنة الأنشطة الاقتصادية اليومية، إلى التخلي عن عملية تربية الكلاب التي لم تعد لها أهمية كبيرة سوى المتاعب والأضرار الناجمة عن الاعتداءات التي تطال المنازل وخم الدجاج، وأيضا مخاطر التهجم على المارة والأطفال، وتبعات ذلك من الناحية الصحية والقانونية في حالة ما إذا لم يكن الحيوان مسجّلا بدفتر ومستفيدا من التطعيم، في حين تبقى حالات قليلة لبعض العائلات التي لا تزال تحتفظ بهذه التقاليد، وأغلبها مختصة في مجال الصيد مع حرصها على تربية كلاب مروضة وليست عدوانية.