شكل ملف الأمراض المتنقلة عن طريق المياه محور اللّقاء التقييمي الدوري للمجلس الولائي لبومرداس بحضور ممثلي القطاعات المعنية كالصّحة، مكاتب النظافة بالبلديات، قطاع المياه ومختلف الفاعلين المطالبين بتكثيف إجراءات الرقابة واتخاذ كافة التدابير الوقائية لمعالجة النقاط السوداء المتعلقة بظاهرة المياه المستعملة التي لا تزال تشكل مصدرا خطيرا على الصّحة العامة في الكثير من المناطق والتجمّعات السكنية التي تفتقد لشبكة الصرف الصّحي.
يشكل موضوع المياه المتنقلة عن طريق المياه أحد أكبر التحدّيات التي تواجه السلطات المحلية لبومرداس على ضوء استمرار ظاهرة انتشار المياه المستعملة والنقاط السوداء التي تهدّد صحّة المواطن خاصّة مع اقتراب فصل الحرارة وموسم الاصطياف، حيث تشهد الكثير من الشواطئ الرئيسية خطر تدفق هذه المياه كالشاطئ المركزي لبومرداس وشاطئ قورصو الذي يبقى أحد أهم الإشكاليات المطروحة نتيجة تضاعف كمية المياه المتسرّبة والخطيرة من مركز الردم التقني.
عملا بمبدأ الوقاية والإجراءات الاستباقية لتجنّب كوارث محتملة بالخصوص هذه السنة، حيث تعرف ولاية بومرداس شحًا كبيرًا في مياه الأمطار المتساقطة مقابل تزايد عدد البؤر السوداء لتسرّب وتجمّع المياه المستعملة المنتشرة في الطبيعة ونسبة كبيرة منها تهدّد المياه الجوفية ومنابع المياه الرئيسية التي استفادت مؤخرا من عملية تهيئة وعددها 72 منبعا تشهد استقطابا يوميا للمواطنين، في حين تصّب النسبة الأكبر في الوديان الرئيسية ومنه مباشرة إلى البحر، وما يشكل ذلك من خطورة على الحياة البحرية بدأت مؤخرا بتسجيل نفوق أعداد كبيرة من طيور البجع بمصّب وادي يسر في الحدود بين رأس جنات وزموري.
كما لا تزال أزمة الربط بشبكة الصّرف الصّحي في الكثير من البلديات، بالأخصّ في القرى والتجمعات السكنية المستحدثة فوضويا، تشكل عقبة حقيقية في مواجهة خطر انتشار الأمراض المتنقلة عن طريق المياه، حيث تعمل مديرية الموارد المائية على تجاوز المشكل بتسجيل عمليات لتوسيع الشبكة الى كافة المناطق، وتجديد القنوات المهترئة التي تشكل أيضا مصدرا لعشرات التسرّبات التي عجزت أمامها كل المجهودات المبذولة في تطبيق البرنامج الوقائي لتجنب المخاطر المحدقة بالمواطنين، في حين تبقى أزمة افتقاد أغلب مدن بومرداس لمحطات تطهير المياه المستعملة تشكل مصدرا رئيسيا لانتشار الظاهرة وعجز البلديات في إدارة هذا الملف الحسّاس.
يبقى ملف الأمراض المتنقلة عن طريق المياه والحيوان وحتى الحشرات السّامة التي تتضاعف مع الحرارة، تشترك من حيث الأسباب والمصادر مع عدة ظواهر سلبية تنتشر بالأحياء ومدن الولاية، أبرزها أزمة النفايات وطريقة تسيير القطاع، حيث تشكل أكوام النفايات المتكدسة يوميا وطول فترة تحويلها من قبل شاحنات مؤسسة مادينات نحو مراكز الردم التقني، خطورة كبيرة على الصّحة العامة وقد تضاعف من المشكل، وهو ما يتطلب أيضا إشراك جميع المتدّخلين لمعالجة الموضوع على غرار قطاع الموارد المائية، الصّحة ومكاتب النظافة بالبلديات التي يبقى الكثير منها لا يقوم بالدور الفعّال في مثل هذه الحالات.
في الأخير يمكن القول، إن بومرداس بطابعها السياحي تشكّل حالة خاصّة في هذا الجانب، ما يستدعي تكثيف إجراءات التدّخل من قبل السلطات الولائية والبلديات الساحلية 13 على وجه الخصوص، التي ستبدأ في الأيام القادمة استقبال عشرات المصطافين عبر شواطئها والمراكز العائلية، في وقت تبقى النقاط السوداء وتسرّب المياه المستعملة السمّة الأبرز على طول الشريط الساحلي، رغم كل النداءات من قبل المختصين والمهتمين بمجال البيئة للمطالبة بمعالجة هذه الظاهرة التي قد تهدّد المصطافين وتسبب في انتشار أمراض خطيرة بسبب نسبة التلوّث المرتفعة واختلاط مياه البحر بمجاري المياه المستعملة.