بجاية ... شباب لا تستهويه المهنة

بحث في فائدة “الفلاحـين”

بجاية: بن النوي - ت.

يُعتبر قطاع الزراعة الوتر الحساس في اقتصاد أي دولة، باعتباره القطاع الذي يؤثر ويتأثر بالقطاعات الأخرى بنسبة كبيرة، لذلك تحتل التنمية الفلاحية المرتبة الأولى في سلم أولويات السياسات الاقتصادية، نظرا لأهمية الزراعة كمصدر أساسي للغداء والمواد الأولية التي تستخدم في الصناعات الأخرى. ونظرا لأهمية الزراعة في الاقتصاد الوطني، ركزت الدولة الجزائرية في السنوات الأخيرة، على انتهاج سياسة فلاحية جديدة حيث عمدت على دعم الفلاحين ماديا ومعنويا من أجل تكثيف العمل وزيادة المساحات المزروعة، كما قامت بتشجيع المستثمرين في القطاع الفلاحي وتحفيزهم قصد الرفع من الإنتاج وتحقيق الاكتفاء الذاتي المحلي.
 وتُعدّ ولاية بجاية من بين الولايات التي استفادت من هذه السياسة، كونها تملك إمكانيات فلاحية تؤهلها بأن تكون الرائدة في الإنتاج الزراعي، غير أن الفلاحين والمزارعين غالبا ما يصطدمون بمشكلة نقص اليد العاملة، حيث يشتكي معظم أصحاب المستثمرات الفلاحية في مختلف مناطق الولاية، من صعوبة في إيجاد العمال قصد توظيفهم في مزارعهم، خاصة في أعمال الحرث، إزالة الأعشاب الضارة، التسميد، الري الحصاد، وغيرها من الأشغال التي تتطلب جهدا وصبرا كبيرين، وفي هذا الصدد يقول مزارع صاحب مستثمرة لأشجار البرتقال، أنه “ في كلّ موسم يضطر إلى الاستعانة بأفراد عائلته والجيران وحتى النساء منهم، قصد المساعدة في الجني وهذا بسبب رفض معظم الشباب العمل في الفلاحة، رغم أنهم يعانون من البطالة وهذا لأسباب تبقى مجهولة”، حيث يؤكد العارفون بالقطاع أنّه لولا عزوف وتهرّب الشباب عن العمل في الزراعة، لتمّ القضاء عن البطالة في بجاية بنسبة كبيرة، لأن الولاية حسب المختصين تمتلك مؤهلات زراعية ضخمة بإمكانها تحقيق الاكتفاء الذاتي من الخضر، الحمضيات والزيتون، وحتى اللحوم والألبان، لكن نقص اليد العاملة خاصة في موسم الجني والحصاد يمثل عقبة رئيسية ومشكلة حقيقية أمام تطور الإنتاج، لأنّ العمل في الزراعة يستوعب نسبة عالية من اليد العاملة المؤهلة. وعن السبب وراء عزوف الشباب عن العمل في هذا القطاع الحيوي، يقول صاحب مزرعة خاصة يعود أساسا إلى غياب سياسة مُحكمة تحدد توظيف وعمل اليد العاملة في الزراعة، من بينها تحليل ظروف العمل كالمرتبات والأجور، التأمين الصحي والاجتماعي، وكذا الأدوات والمعدات التي يشتغلون عليها، فأغلب الفلاحين يطالبون بسياسة وطنية لجرد العمّالة الزراعية، بالإضافة إلى تحديد ظروف العمل وكذا المعوقات، لأنه حسبهم ظروف العمل المعتمدة حاليا لدى أغلب أصحاب المزارع، لا تتناسب مع قوانين التوظيف والتشغيل، هذا ما يؤدي إلى امتناعهم عن قبول العمل في الحقول والمزارع، الأمر الذي يؤثر سلبا بطبيعة الحال على مردودية الإنتاج، بسبب تخلي أصحاب المزارع والأراضي عن خدمتها  لصعوبة إيجاد من يعمل بها دون شروط مغرضة.  
ولاية “النموذج”
ويذكر أن ولاية بجاية تزخر  بتنوع بيئي وقدرات فلاحية هائلة وثروات حيوانية ضخمة مكّنتها من تطوير قدراتها الفلاحية وتعزيز مختلف الأنشطة الزراعية، خاصة بعد تدابير الدعم والإعانة التي منحتها الدولة لفلاحي المنطقة قصد تنمية وتحديث مختلفة الأنشطة الفلاحية وتعزيز الإنتاج. حيث تقدّر مساحة الأراضي الفلاحية الساحلية حسب مديرية الفلاحة لولاية بجاية بـ 287294 هكتار، إذ تبلغ المساحة المزروعة 130348هكتار، بينما تقدر المساحة المروية 6500 هكتار، في حين تحتل المراعي مساحة 34446 هكتار، أما الغابات والمرتفعات الجبلية، فإنها تتربع على مساحة تقدر بـ 122500 هكتار. كما أن الولاية تمتلك ثروة ضخمة من الأشجار المثمرة منها 70050 هكتار من أشجار الزيتون، و13550 هكتار من أشجار التين، بالإضافة إلى ثروة حيوانية متنوعة منها الماعز والأغنام والأبقار والدواجن، ونحل العسل. فرغم أن أغلب الأراضي الزراعية لولاية بجاية متواجدة في المنحدرات والمرتفعات الجبلية، غير أنّ ذلك لم يمنع فلاحو المنطقة وبمساعدة من السلطات المحلية من استحداث طرق جديدة وإيجاد وسائل فعالة سمحت بتكثيف النشاط الفلاحي في هذه المناطق الجبلية الوعرة، وهي وسائل وتجارب متوارثة جيلا عن جيل. كما تنتشر الزراعة أيضا وبنسبة أقل على سفوح الجبال وفي السهول المنخفضة، أين تُقدر المساحة المزروعة في الجهة الشرقية للولاية بـ 2000 هكتار، وفي الجهة الغربية تقدر مساحة السهول المزروعة بـ 1000 هكتار، كما تنتشر الزراعة المكثفة على طول الشريط الساحلي وعلى السهول المحاذية لحوض الصومام، أين تكثر حقول الخضر الموسمية على مساحة 6000 هكتار و2000 هكتار مساحة مخصصة لزراعة الحمضيات والحبوب. حيث يبلغ عدد المزارع والمستثمرات الفلاحية في بجاية والتي تستغل في إطار حملة ذات المصلحة الوطنية  بـ 36312 وتنقسم إلى 218 مستثمرة جماعية، و531 مستثمرة فردية، بالإضافة إلى مزرعتين رائدتين، و35350 مزرعة خاصة و205 مستثمرة ذات امتيازات. فقد أدى الاستغلال الجيد لهذه المساحات الزراعية إلى ارتفاع الإنتاج الزراعي بالولاية هذه السنة مقارنة بالسنوات الماضية، حيث بلغ انتاج الحبوب 106262 قنطار مزروعة في مساحة 6480 هكتار أي بمعدل 16 قنطار في الهكتار الواحد حيث ارتفعت نسبة الإنتاج من 25 % إلى 36 %، كما بلغ إنتاج البقول والحبوب الجافة هذه السنة 8240 قنطار مزروعة على مساحة تقدر بـ 545 هكتار، أما إنتاج العلف، فقد بلغ 408910 قنطار مزروع على مساحة 16147 هكتار. وبما أنّ ولاية بجاية تشتهر بزراعة الزيتون والحمضيات، فقد ارتفع انتاجهما سنة 2011، فمن بين 50658 هكتار من المساحة المغروسة بأشجار الزيتون، بلغت المساحة المحصودة 49025 هكتار، فحين بلغ إنتاج الزيتون 802766 قنطار، أما كمية الزيت المنتجة، فقد بلغت 840153 هكتولتر، كما سجل هذا القطاع الحيوي أيضا تحسنا ملحوظا في إنتاج الحمضيات، إذ بلغ الإنتاج 162.5 كلغ / هكتار حيث بلغ 274146 قنطار في 1686 هكتار من المساحة المزروعة. كما عرف الإنتاج الحيواني والألبان هو كذلك نموا معتبرا، حيث بلغ عدد الأبقار 33155 رأس منها 11980 رأس من الأبقار الحلوب، بالإضافة إلى زيادة في عدد المواشي التي بلغ عددها مجتمعة 99580 رأس، منها 36770 رأس من الغنم، 41800 رأس من الماعز، حيث وبالنظر لمردود القطاع الفلاحي للسنة الماضية2011، فقد أحصت الولاية زيادة في الإنتاج لكل المحاصيل، إذ بلغ إنتاج الزيتون  802766 قنطار بزيادة قدرها 158٪ مقارنة مع العام السابق، كما بلغ إنتاج زيت الزيتون 19 مليون لتر، وقد زاد إنتاج الحليب أيضا بسقف إنتاج بلغ أكثر من 34 مليون لتر، إذ عرف تحسنا بنسبة 15٪ أي بزيادة إنتاج أكثر من 11 مليون لتر، حيث بلغت نسبة الإنتاج 74٪، أما فيما يخص إنتاج الدواجن فقد بلغ الإنتاج أكثر من 330 مليون وحدة بنسبة تحسن وصلت إلى 102٪، في حين تمكنت الولاية من تحقيق الاكتفاء الذاتي للحوم البيضاء بنسبة 100٪ بسقف إنتاج وصل إلى 132000 قنطار. ويرجع الفضل في هذه النتائج الإيجابية حسب مديرية الفلاحة للولاية، إلى سياسة التجديد الفلاحي والدعم المادي والمعنوي المقدّم للفلاحين والمزارعين، وكذا حملات الإعلام والتوعية التي شرعت الدولة في تطبيقها في السنوات الأخيرة، وعلى جميع الأنشطة الفلاحية بما في ذلك الصحة النباتية، وفحص الأمراض ومكافحة السل البقري ومختلف حملات تلقيح المواشي

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024