يشكو سكان حي 412 مسكن سيدي بنور ببلدية المعالمة، غرب العاصمة، من غياب أدنى ضروريات الحياة، منذ أكثر من 15 سنة تاريخ ترحيلهم من بلدية الجزائر الوسطى إلى هذا المكان، فالزائر للحي المصنّف ضمن مناطق الظل بالعاصمة، يخيّل له وكأنه في منطقة نائية تنعدم فيها شروط العيش الكريم، رغم أنّه لا يبعد كثيرا عن مقر البلدية والمدينة الجديدة سيدي عبد الله.
يفتقر حي 412 مسكن سيدي بنور لغاز المدينة الذي يعتبر مادّة حيوية وضرورية، خاصة في فصل الشتاء، حيث يضطر السكان إلى اقتناء قارورات غاز البوتان بأي ثمن، ما جعلهم يتساءلون عن سبب عدم ربط سكناتهم بشبكة الغاز الطبيعي، بالرغم من أن حيي «الزعاترية» و»كوسيدار» المجاورين يتوفّران على هذه المادة.
يخلو الحي كذلك من المحلات تجارية أو الأسواق الجوارية، ماعدا محل واحد لبيع المواد الغذائية، ولا وجود لمكتب بريد، حيث يلجأ السكان إلى وسط مدينة المعالمة من أجل معاملاتهم المالية، وأحيانا يصطدمون بغياب السيولة المالية، نظرا للكثافة السكانية الكبيرة التي أصبحت تعرفها مدينة المعالمة منذ سنوات.
قاعة علاج واحدة لا تغطّي الحاجيات
كما أنّ الحي لا يتوفّر على مستوصف أو عيادة طبية ماعدا قاعة علاج تقع بمدخل إحدى العمارات، بها طبيبة عامّة واحدة يقصدها السكان في الحالات المرضية الخفيفة أو من أجل وصفة طبية، فهي تفتقر لأبسط الأجهزة الطبية أو سيارة إسعاف، أما في الحالات الحرجة فيضطر السكان للتنقل إلى مستشفى زرالدة، فهذه القاعة الوحيدة لا تغطّي حاجيات أكثر من ألف نسمة.
«الكلونديستان» يستغلّون انعدام النّقل
مشكل آخر يؤرق سكان سيدي بنور، وهو إنعدام مختلف وسائل النّقل العمومية أو الخاصة، فهم يعيشون في عزلة شبه تامة خاصة العمال الذين أصبحوا في مشاكل يومية مع مسؤوليهم بسبب تأخر وصولهم إلى مقرات عملهم، ما جعل أصحاب سيارات «الكلونديستان» يستغلون هذا الوضع ويفرضون منطقهم، فبعدما كان السعر بـ 200دج ارتفع هذه الأيام إلى 400 دج، خاصة بعد الرفع التدريجي للحجر الصحي وعودة العمال إلى مناصب عملهم.
في هذا الصدد، تقول الأستاذة «ب ــ ن» بمتوسطة محمد مواز بالمعالمة، التي إستأنفت عملها مؤخرا بعد فتح المؤسسات التربوية أبوابها تحضيرا لإمتحانات شهادتي التعليم المتوسط والبكالوريا، إنّهم يعيشون حياة مزرية جدا في هذه المنطقة المعزولة، «سيارات الكلونديسان استنزفت جيوبنا، مقر المتوسطة التي أعمل فيها لا يبعد كثيرا عن الحي، تصوّروا أنّني أنفق يوميا ما قيمته 800 دج في النقل فقط ، فنحن مجبرين غير مخيّرين، رغم أنّنا نغامر بحياتنا في ظل خطورة الوضع الحالي وانتشار فيروس كورونا، لكن ليس لدينا خيار آخر»، تضيف محدّثتنا. وعن سبب الإرتفاع الجنوني للتسعيرة، قالت إنّ مصالح الأمن أصبحت تترصّد أصحاب «الكلونديستان»، وبالتالي حوّلوا طريقهم باتجاه الزعاترية التي تعرف هي الأخرى مسالك وعرة وطويلة، بعيدا عن أعين أفراد الأمن خوفا من سحب رخصة السياقة وحجز السيارة، باعتبارهم يعملون خارج القانون.
السكان في وقفة احتجاجية تنديدا بالتّهميش ويهدّدون بالتّصعيد
في نفس السّياق، نظّم سكان الحي وقفة احتجاجية أمام الطريق المؤدي إلى حي بن شعبان، تنديدا بالإقصاء الذي يعانون فيه منذ سنوات، مهدّدين بالتصعيد في حال تجاهلت السلطات المحلية لانشغالاتهم، فلا بلدية المعالمة تكفّلت بمطالبهم ولا بلدية الجزائر الوسطى التي قامت بترحيلهم إلى هذه السّكنات الإجتماعية. وفي هذا الصدد، يقول أحد السكان «ل ــ ب» الذي شارك في الوقفة: «تصوّروا أنّنا ندفع ثمن الكراء إلى بلدية الجزائر الوسطى، ونحن الآن تابعين لبلدية المعالمة، فلمن نقدّم انشغالاتنا، كل واحد منهما تنصّل من المسؤولية». وشهدت الوقفة حضور ممثّلين عن دائرة سيدي عبد الله، الذين وعدوا السكان بتوفير النّقل في أجل لا يتعدى خمسة عشرا يوما، وتزويد الحي بالغاز الطبيعي في مدة لا تقل عن شهر.
وعليه، يناشد هؤلاء السكان تدخّل والي المقاطعة الإدارية لسيدي عبد الله لوضع حد لمعاناتهم، والتي تعهّدت في وقت سابق بالتكفل بانشغالات سكان سيدي بنور وتوفير لهم كل الضّروريات.