تعاني عديد بلديات ولاية بومرداس، خاصة النائية منها، خللا كبيرا وعجزا واضحا في تسيير الميزانية السنوية وعدم القدرة في الموازنة ما بين الميزانية، التي لا تتعدى بالنسبة لبعض البلديات 2 مليار سنتيم، والاحتياجات الكبيرة لتحقيق التنمية المحلية وانشغالات المواطنين المطالبين بمزيد من المشاريع الحيوية كتوفير مياه الشرب، الصرف الصحي، غاز المدينة، تهيئة الطرق البلدية، المرافق والهياكل القاعدية وغيرها من المتطلبات الأخرى...
وجد بعض رؤساء البلديات الجدد أنفسهم مباشرة مع حقيقة الواقع المحلي الذي تسوده الكثير من الضبابية وتراكمات العهدات الانتخابية السابقة التي لم تحقق آمال المواطنين في تحقيق التنمية المنشودة، إضافة إلى عديد المشاكل الأخرى التي دخلت فيها بعض المجالس البلدية نتيجة الانسداد وغياب التوافق السياسي ما بين التشكيلات المشكلة للمجلس، الأمر الذي زاد من تفاقم الوضعية الاجتماعية والاقتصادية لهذه البلديات بسبب غياب الإجماع والمداولات في أكثر المشاريع التنموية حساسية.
ميزانية اعفير لا تغطي
أكثر من 8 أشهر في السنة
في تعليقه على الموضوع وكيفية التعامل مع هذه الاشكالية، كشف رئيس بلدية اعفير، علي عمراوي، في اتصال مع “الشعب”، أن البلدية تعاني كثيرا من مشكل غياب الموازنة ما بين الميزانية السنوية المخصصة للتسيير والتجهيز، التي تتراوح ما بين 3 إلى 4 ملايير سنويا، ومتطلبات التنمية المحلية من أجل تحسين الإطار المعيشي للمواطن عبر حوالي 25 قرية نائية بالبلدية.
وعن كيفية التعامل مع الوضعية وتجاوز العجز المسجل، قال رئيس البلدية في هذا الخصوص، إن الميزانية السنوية المخصصة لبلدية اعفير لا تغطي أكثر من 8 أشهر في السنة فيما يخص مرتبات العمال وباقي التكاليف الأخرى، ثم تدخل البلدية مرحلة الانتظار والبحث في كيفية الحصول على إعانة لإنهاء السنة.
وعن طريقة تمويل المشاريع القطاعية بالبلدية، أكد رئيس المجلس الشعبي البلدي لأعفير، أن بعض المشاريع يتم تمويلها إما من طرف مديرية الري أو الأشغال العمومية وهي قليلة جدا، بالإضافة إلى الإعانة المخصصة من قبل الصندوق المشترك للجماعات المحلية، لكنها إعانات لا تكفي، بحسب رئيس البلدية، في سد العجز المسجل، خاصة وأن بلدية أعفير منطقة جبلية نائية تنعدم فيها تماما كل أشكال الجباية، على غرار بعض البلديات، نتيجة غياب منطقة للنشاطات أو قطاع اقتصادي آخر بإمكانه تخفيف الضغط المسجل في تغطية بعض المشاريع والاستجابة لانشغالات المواطنين الكثيرة التي بقيت عالقة لسنوات عديدة، على حد قوله.
بلدية سيدي داود..
2 مليار سنتيم
لـ17 ألف نسمة
أكد رئيس بلدية سيدي داود، شرق بومرداس، السيد رشيد قانا، في تعليقه على الموضوع، أن بلدية سيدي داود، التي تضم أكثر من 17 ألف نسمة، وعدة قرى وتجمعات سكانية معزولة، لا تستفيد سنويا إلا من مبلغ 2 مليار سنتيم في إطار المخططات القطاعية للتنمية، في حين قد يكلفنا مشروع تنموي أزيد من 2 مليار سنتيم، يقول رئيس البلدية، الذي اعترف صراحة أن البلدية تعاني عجزا كبيرا في هذا المجال… أكيد هناك عجز وعدم الموازنة ما بين احتياجات البلدية الكثيرة التي يطلبها المواطن وما بين الميزانية السنوية المخصصة لبلدية سيدي داود، التي لا تملك ولا منطقة صناعية أو منطقة نشاطات اقتصادية أو أي مورد اقتصادي آخر بإمكانه تقديم إضافة مالية للبلدية.
وفي سؤال عن مدى استجابة الميزانية السنوية لحجم النفقات المتزايدة، قال رئيس بلدية سيدي داود رشيد قانا، إن الميزانية الحالية تغطي فقط نفقات الأجور، تكاليف الماء، الهاتف والكهرباء وبعض النفقات الأخرى البسيطة، لكنها لا تلبي طلبات التنمية الشاملة التي تتطلع إليها هذه البلدية النائية، التي عانت كثيرا من التهميش وغياب المشاريع التنموية ومخلفات الأزمة الأمنية وزلزال 2003، وكلها عوامل وظروف زادت من حدة الضغط على المجلس البلدي الحالي، يقول رئيس البلدية، المطالب بتسوية ملفات كثيرة متراكمة في فترة وجيزة، أبرزها مشكل السكن وكيفية التعامل مع قاطني الشاليهات وغيرها من الاحتياجات الأخرى التي يطالب بها السكان، كتهيئة الطرق البلدية وتوفير المرافق الشبانية.
هي، إذن، عيّنة صغيرة من مجموع 32 بلدية بولاية بومرداس، 80 من المائة منها بلديات ريفية نائية تنعدم فيها الحركية الاقتصادية، على غرار بعض البلديات المحظوظة كبودواو، أولاد موسى، خميس الخشنة وبرج منايل التي تنشط على إقليمها بعض المؤسسات الاقتصادية، وأخرى تملك دخلا منتظما من الأسواق الأسبوعية كبلدية بغلية التي تستفيد سنويا من 1.6 مليار سنتيم كلفة كراء السوق الأسبوعي و8 ملايير سنتيم بالنسبة لسوق السيارات ببلدية تيجلابين، في حين تظل بلديات مثل بني عمران، تيمزريت، عمال، قدارة، لقاطة، بن شود، تاورقة وأولاد عيسى تقتات سنويا ممّا تجود به الميزانية السنوية للولاية، التي لا تسيل لعاب المجالس البلدية ولا تقيهم ضغوطات المواطنين اليومية.