يعيش قطاع النقل بولاية بومرداس حالة التخبط في التسيير المغلق بالبريكولاج في إدارة هذا النشاط الحساس والحيوي، فبعد سيل الانتقادات التي تلقّاها القائمون عليه يوميا من قبل المسافرين وأصحاب المركبات والمنتخبين المحليين من أجل الإسراع في تجسيد مخطط النقل الجديد وتحسين مستوى الخدمات، إلاّ أنّ الواقع يظل راكدا وتستمر معه عملية المنح العشوائي لرخص الاستغلال.
لا يوجد نشاط قائم بذاته تلقى موجات الاحتجاج والشكاوي اليومية مثلما شهده قطاع النقل بولاية بومرداس التي تعرف أغلب خطوطه حالة من الفوضى نتيجة غياب الرقابة، وتحكم الخواص في هذا الشريان الحيوي فجعلوا من المسافرين رهينة بين أيديهم وممارسة الضغط النفسي يوميا على الزبائن عبر بعض الخطوط التي تنعدم فيها البدائل كالنقل بالسكك الحديدية وسيارات الأجرة، في وقت يزداد فيه الإقبال على هذه الوسائل خاصة في هذه الايام بعودة طلبة الجامعات وتلاميذ المدارس، حيث تشهد محطات النقل ونقاط التوقف اكتظاظا شديدا ليس لغياب المركبات المهترئة إنما راجع لطريقة تسيير مخطط النقل.
اللافت في قضية واقع النقل بولاية بومرداس «أن كل التقارير المرفوعة عن الوضعية الكارثية بما فيها لجنة النقل بالمجلس الشعبي الولائي التي قدمت معطيات جد سلبية مست جانب الخدمات وواقع محطات النقل لم تغير من هذه الحالة نحوالأحسن، بل تستمر معها هذه الوضعية وتواصل مديرية النقل سياسة البريكولاج»، والدليل في ذلك مواصلة منح رخص استغلال الخطوط لفائدة الخواص خاصة الريفية منها والبلدية بمجموع حوالي 100 رخصة جديدة سلمت شهر ديسمبر الماضي حسب مصادر من المديرية بحجة مواجهة النقص المسجل لكن بدون دراسة معمقة وشاملة تحاول إصلاح المنظومة، ووضع حد لسطوة أصحاب المركبات الذين ينشطون بطريقة غير مهنية في أغلب الخطوط.
كما يتساءل المواطنون والمتابعون لملف النقل بولاية بومرداس «عن المستفيد من استمرار الوضعية على حالها رغم كثرة الحلول والمقترحات لعصرنة التسيير وتجديد الحظيرة الولائية للمركبات التي لم تعد صالحة لنقل المسافرين بل وتشكل خطرا على حياتهم؟ وكذا مسألة تفعيل مخطط النقل ومصلحة الرقابة لوضع حد لحالة التلاعب اليومي لأصحاب المركبات الذين لا يحترمون أوقات الرحلات، الطاقة الزائدة والعزوف عن ضمان بعض الخطوط بحجة ضعف المردودية على الرغم من حيازتهم للرخصة بفضل هذه الخطوط وغيرها من السلبيات الأخرى التي يعاني منها المسافرون الذين يعاملون باحتقار من قبل القباضين، وبدون كرامة إنسانية في مشاهد يومية قد تختزل حجم المعاناة وواقع نشاط يواصل التقهقر يوما بعد يوم».
مقترح آخر ظل أيضا مطلبا لعدد من مديري النقل المتناوبين والمهتمين بالقطاع، لكنه بقي حبرا على ورق ويتعلق الأمر بحتمية فتح المجال أمام المنافسة الحقيقية لأصحاب المهنة المحترفين ومؤسسات النقل عن طريق عقود حق الامتياز والاستغلال لخطوط النقل بالولاية بوضع دفتر شروط صارم يحترم مواقيت السفر وكرامة المسافر، وبالتالي يستجيب لحجم التحديات المستقبلية لولاية بومرداس خاصة في المجال السياحي وموسم الاصطياف الذي يتطلب وجود شبكة مواصلات عصرية متكاملة وليست خطوط مبعثعرة ومركبات يتوقف نشاطها بعد الرابعة مساء، في حين يبقى مردود مؤسسة النقل الحضري التي تضمن بعض الخطوط داخل إقليم بلدية بومرداس جد ضعيف وبحاجة إلى تفعيل وتوسع.