تستقبل العائلات الوهرانية في كل مرة شهر رمضان المبارك بعاداتها وتقاليدها المتميزة والمتوارثة من جيل لآخر تتمسّك فيها بثبات بالقديم، وتفسح المجال أيضا للجديد والعصري من وصفات وتدبيرات غالبا ما تنشر عبر منصات التواصل الاجتماعي.
يدخل الشهر الفضيل في وهران بعد ترتيبات كثيرة ومعقّدة تقوم بها ربات البيوت غالبا في الأسبوعين الآخرين من شهر شعبان، حيث تقمن بتنظيف عميق للمنزل، شراء الأواني الجديدة وأدوات المطبخ، إضافة إلى كل مستلزمات المائدة الرمضانية من لحوم وبهارات وفواكه جافة.
مباشرة بعد ثبوت هلال شهر رمضان الفضيل تقوم ربات البيوت في وهران بتحضير طبق “السحور” والمتكون غالبا من “السفة” أو “الكسكس المدهون بالزبدة والمزين بالزبيب والمكسرات” والمقدم مع اللبن أو الرايب والتمر وبعض التحليات.
ويبدأ أول يوم من الشهر الفضيل بالذهاب الى السوق لاستكمال مستلزمات الطبخ أو شراء الخضر والفواكه والاعشاب العطرية اللازمة لتحضير طبق الحريرة التاريخي، سيد المائدة بلا منازع في الغرب الجزائري.
وتمزج أطباق المائدة الوهرانية في رمضان بين الوصفات التقليدية والعصرية، وبين النكهة المالحة والحلوة والسلطات الباردة والساخنة، فإلى جانب “الحريرة” التي تعتبر سيدة المائدة بامتياز يتم تقديم البوراك ومختلف المملحات من “ميني بيتزا” وفطائر محشوة، وغيرها التي باتت تزاحم طبق “المعقودة” المرافق سالفا للحريرة، يليها الطبق المالح وهنا تزاحم الوصفات العصرية، مثل شرائح الدجاج المحشوة، و«غراتان الخضار والدجاج”، طاجين “المحمر” وطاجين الزيتون والبازلاء باللحم المفروم، واللوبيا الخضراء بالدجاج، التي توارثت وصفاتها النساء من جيل لآخر، مع إضافة بعد التعديلات على مر السنوات.
ولا تخلو مائدة الإفطار من الأطباق الحلوة المكملة للتوازن في إفطار الصائم، فهناك “طاجين البرقوق باللحم وهو يمزج بين المالح والحلو”، وطاجين “السفيرية” باللوز، وغالبا ما يبدأ الجميع إفطارهم بالتمر والحليب، وبما أن شهر رمضان مناسبة لقاء كل أفراد العائلة على مائدة الافطار.
وتضيف الحلويات الشرقية مثل “الشامية” أو “قلب اللوز” الزلابية”، “السيڨار” وحلوة “صبع القاضي” لمستها هي الأخرى على المائدة الوهرانية دون نسيان الفواكه والمرطبات الباردة، ومختلف التحليات المقولة من صفحات التواصل الاجتماعي.
ومن عادات العائلات الوهرانية في رمضان تبادل وتقاسم الأطباق مع الأحباب والجيران، واستقبال الضيوف وتقديم لهم ما لذّ وطاب، كما يحرص الكثير على توطيد صلة الرحم وعلاقات المودة، وأيضا مساعدة المحتاج وعابر السبيل، حيث تقوم الكثير من العائلات بالتكفل بإفطار المعوزين ومساعدة الأرامل واليتامى والعائلات ذوي الدخل البسيط، إيمانا منهم بأن شهر رمضان هو شهر الرحمة والمودة والتلاحم والخير والبركات.