بعد موسم الصيف

مصاريف إضافية لاقتناء الأدوات و الكتب المدرسية

استطلاع: بن النوي - ت

تعرف محلات بيع اللوازم المدرسية هذه الأيام ببجاية، إقبالا منقطع النظير من طرف الأولياء، حيث لا تفصلنا سوى أياما معدودات على الدخول المدرسي. و ما أرهق كاهل الآباء ارتفاع الأسعار،  خاصة أن المناسبة تحل علينا هذا العام بعد مضي شهر على رمضان  وعيد الفطر، وهو ما ضاعف ميزانية العائلات، التي تجد نفسها مجبرة على تزويد أبنائها بكل اللوازم المدرسية مهما كان الثمن.

وللتعرف عن قرب عما يعانيه الأولياء ذوي الدخل المحدود في سبيل توفير الحاجيات المدرسية، تجوّلت “الشعب” في مختلف أحياء بجاية ونقلت لكم هذه الشهادات.
الجودة ...مطلبي الأول
وفي هذا الصدد، تقول السيدة “شريفة” طبيبة مختصة في أمراض القلب: “أنا أفضل شراء الأدوات المدرسية ذات النوعية الجيدة لأبنائي الثلاثة، رغم ارتفاع ثمنها فأنا لا أتردد في فعل ذلك، لأنني مقتنعة أن نوع الأدوات الدراسية يؤثر على استيعاب أبنائي للدروس في المدرسة، فمثلا إذا كانت سطور الكراس غير واضحة فهذا يعيق الكتابة الجيدة للتلميذ، لذلك يستحسن أن تكون محافظ أبنائي مملوءة بالأدوات ذات النوعية الجيدة”.
 وأضافت “شريفة” قائلة: “لن ينكر أحد أن السواد الأعظم من الأولياء لا يستطيعون شراء هذا النوع من الأدوات ذات الصنع الأجنبي لأن أكثرهم من ذوي الدخل المحدود الذين يجدون أنفسهم في حيرة أمام كل المتطلبات المدرسية ومنذ الأسبوع الأول من الدخول المدرسي تراهم يبحثون عن الحلول للخروج من المأزق ولعلّ الاستدانة ستكون الحل المناسب لهم”.
 الاستدانة أو شدّ الحزام حل للعائلات البسيطة
ومن جهته أكد مخلوف موظف في إحدى المؤسسات العمومية قائلا: “لهيب الأسعار أدخلني في دوامة حقيقية ولا أرى أنها ستنتهي قريبا فكيف لرجل يتقاضى أجرة تقدر بـ 20 ألف د ج أن يسدّد ثمن المستلزمات المدرسية لأبناء بمثل عدد أبنائي الخمسة، بالإضافة إلى الميزانية الخاصة بتسيير شؤون البيت، سيما وأن موعد الدخول المدرسي جاء متزامنا مع مناسبات كثيرة، وكل ما ادخرته صرفته علينا.”وهنا يضيف قائلا: “لكن ما باليد حيلة سأستدين كما تعودت كل سنة من الجيران لأنه الحل الوحيد الذي أملكه حاليا، ولكن على خلاف السنوات الماضية سجلت نفسي في قائمة العائلات المعوزة على مستوى البلدية علها تخصص لنا إعانة”، واستطرد قائلا بأسف:”أتذكر أن المؤسسات في الماضي كانت تخصص إعانات لجميع عمالها تكون في غالبها محافظ و أدوات مدرسية، أما اليوم فقد تغير كل شيء وأصبح العامل لا يحظى بهذا الاهتمام”.   

 أما “غنية” ربة بيت فتقول: “أنهكتنا المصاريف المتعاقبة منذ بداية فصل الصيف فمن شهر رمضان إلى العيد، إلى العطلة الصيفية والآن الدخول المدرسي الذي قضى على آخر فلس نملكه ما جعل ميزانية العائلة في أزمة حقيقية، وبما أن أسعار اللوازم المدرسية والملابس غالية، فقد قرّرت الاستغناء على اقتناء الملابس، حيث سيستعمل أبنائي ملابس العيد، وسأكتفي بشراء الأدوات المدرسية التي تُباع بأسعار منخفضة أو تلك التي تصنع من نوعية رديئة “و أضافت قائلة: “أما بشأن الكتب المدرسية، فإن راتب زوجي لا يكفي لشرائها لذلك ألجا إلى استعارتها من أبناء الجيران أما أن تغيرت كما يشاع بين المتمدرسين فأنا مضطرة إلى انتظار منحها إلى أطفالي من المدرسة مجانا، حيث تخصص كل مؤسسة تعليمية كل سنة كمية محددة لأبناء العائلات المعوزة يسد حاجياتنا، وعليه يتعين علينا شد الحزام”.
صالح عامل نظافة يؤكد بدوره ما قيل في السابق  بالقول: “لا يمكنني إرضاء رغبات الأطفال، حيث يتطلب ذلك صرف ميزانية كبيرة والاستدانة التي أكرهها، فارتفاع الأسعار حتم عليّ شراء الأدوات المدرسية المطلوبة ذات النوعية الرديئة، خاصة أنها تصنع من مواد قد تؤثر على صحة التلاميذ، خاصة منهم تلاميذ التحضيري والابتدائي، الذين لا يرفضون استعمالها في غالبية الأحيان، أما أبنائي المتمدرسين بالاكمالية والثانوية فيشترطون نوعية الأدوات التي يستعملونها، لذلك أتحايل عليهم ليقبلوا بتلك التي اسعارها منخفضة.”ويضيف قائلا: “أتذكر أنني عندما كنت أدرس كان والدي عاملا بسيطا لذلك لم نكن نشترط أي شيء بل نقبل كل ما يشتربه لنا، والحمدلله فقط نجح اخوتي في دراستهم، وأنا الوحيد بينهم من طرد من المدرسة ربما لأنني كنت اكبرهم لذلك شعرت بواجب مساعدة ابي في مصاريف البيت”.  
أين التضامن الاجتماعي؟؟
من جهته يرى “عماري” بصفته تاجرا أن “ارتفاع الأسعار يعزى إلى غلاء السلع المستوردة ولكن الاختيار موجود فكما هناك سلع غالية جدا هناك سلع أخرى سعرها منخفض وفي متناول ميزانية العامل البسيط أو أصحاب الدخل المحدود، ولكن علينا أن نعترف أن نوعيتها رديئة قد تؤثر على صحة التلميذ ولكن ما باليد حيلة، أتمنى فقط أن يوفق هؤلاء في دراستهم لأنها الطريقة الوحيدة لتسديد الدين لأوليائهم الذين يعانون كثيرا في كل سنة عند الدخول المدرسي. و”يضيف قائلا: “الملاحظ في المجتمع انه فقد روح التضامن بين أفراده وإلا فكيف نفسر وجود هذه الهوة بين الفقراء والأغنياء، فلو كان هناك تضامن لما اضطر صاحب الدخل المحدود إلى الاستدانة من أجل تدريس ابنه بل وصل ببعضهم إلى توقيف أبنائه خاصة الفتيات من مزاولة الدراسة، فحتى الإعانة التي كانت تقدمها المؤسسات على اختلافها إلى عمالها أصبحت من الماضي البعيد”. وهنا يتاسف قائلا: “اشعر بمرارة كبيرة عندما أرى مجتمع يعاني غالبية أفراده بسبب قلة الحال، خاصة عندما يذر التجار على جروحهم ملحا ويستغلون المناسبات من أجل خنق العامل البسيط بالغلاء”.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024