عُمان من البلدان التي تتميز عن غيرها بعادات وتقاليد أهلها، فهناك عدّة مواسم خلال العام الواحد، مثل رمضان، وعيد الفطر، وعيد الأضحى، وكل موسم يكون له طقسه الخاص الذي يميزه عن باقي المواسم، فإن أتينا إلى العادات في شهر رمضان سنجد أن أغلب الولايات في السلطنة تتشابه فيها، و”جعلان بني بو علي” إحدى تلك الولايات التي يكون لها في رمضان مذاق خاص.
كان الناس في ولاية “جعلان بني بو علي” يستقبلون شهر رمضان بسماع صوت المدفع من قلعة آل حمودة، وكان يتم إرسال المرسال (المطراش) ليخبر الناس عن حلول الشهر الفضيل عليهم، وبما أن الحالة الاقتصادية كانت بسيطة آنذاك، فقد كان الإفطار عند أهالي الولاية يتكون من التمر والأرز والسمك والقهوة والشوربة التي تتكون من الأرز المطحون، وبعض البهارات البسيطة، والشحم المذوّب (عبارة عن شحوم أضحية عيد الأضحى، حيث يقومون بفصل الشحم من اللحم وتسخينه على النار حتى يذوب ويوضع فيه البهارات البسيطة والكركم ثم يترك حتى يبرد ويخزن في مكان آمن، حيث يقومون بأخذ قطعة صغيرة من الشحمة وتوضع في الشوربة، فكان تناول الإفطار جماعيا في المساجد للرجال، أما النساء فكن يفطرن في تجمعات.
كان الناس في الولاية يصلون صلاة التراويح تحت الأشجار، وقد اشتهرت بكثرة في تلك الأثناء شجرة (العُود)، وكان مصدر الضوء عبارة عن علبة فيها زيت ويسحب من داخله خيط وتولع فيه النار فيضيء المكان. بعد الصلاة يعقدون جلسات يتناولون فيها بعض أمور الدين وقراءة القرآن، وكذلك الحال عند النساء، في حين أن السهرات الرمضانية تكون حافلة بالزيارات بين الأهل والجيران.
أما الأولاد فكانوا يلعبون بعد التراويح بعض الألعاب الشعبية كلعبة ساري سرى (وهي عبارة عن عظم يقوم شخص برميه في الظلمة ويتنافس الأولاد على العثور عليه)،أما في الوقت الحالي فقد تطورت الأحوال الاقتصادية في الولاية، وتحسنت الظروف المعيشية للمواطنين، وكثرت المراكز التجارية الكبيرة فيها، وأصبحت الولاية تتميز بنشاطها التجاري المتنوع.
فبعد الإعلان عن الشهر المبارك يتسابق الناس إلى المحلات التجارية لشراء جميع المستلزمات والأكلات على حسب حجم كل أسرة، وتنوعت الوجبات في شهر رمضان عند أهالي الولاية، وأصبحت مائدة الإفطار متنوعة بأشهى الأطباق، فهناك (الشوربة، والعيش (الأرز) بمخلتلف أنواعه كـ “البرياني، المكبوس، التحته، وغيره...”، الثريد، اللقيمات، المندازي، الكيك، وغيرها من الأكلات).
وكذلك هناك العديد من أنواع المشروبات، مثل: الفيمتو والتانج بأنواعه، وكذلك المحلبية (الكستر) والجَلي، ومن العادات الطيبة التي يمارسها أهل الولاية في هذا الشهر الفضيل توصيل ما يطبخه أهل المنزل من فطرة رمضان إلى بيوت الجيران، وهو ما يسمونه (التهادي).