دخلــت اختصـــاص ألعـاب القـوى مُكـرها
كشف البطل المتوسطي بوعلام رحوي أنّه كان يعشق رياضة كرة القدم والجمباز، وأنه اكتشف موهبته برياضة ألعاب القوى صدفة، ومارسها مرغما بالثانوية في ذلك الوقت، مؤكدا بأنّ انطلاقته الفعلية في مسيرته الرياضية جاءت بعدما قرر مغادرة مدينة وهران إلى العاصمة، أين ركز أكثر على عمله وهو ما مكنه من بلوغ القمة وحصد أول ميدالية ذهبية في المنافسات الدولية للجزائر ومنها العديد من التتويجات القارية والإقليمية.
أكد الغزال الجزائري وبطل المسافات الطويلة بوعلام رحوي، أنه تعرف على رياضة ألعاب القوى بالثانوية بوهران ( ثانوية الإخوة خوارزمي حاليا )، لدى حلوله ضيفا على مقر جريدة «الشعب»، أين عاد لبداياته مع أم الرياضات إلى غاية فئة الأكابر التي حصد فيها كل الألقاب، ورفع الراية الوطنية عاليا في السنوات الأولى للاستقلال.
رحوي تحدث عن طريقة اكتشافه التي كانت على غرار العديد من الرياضيين الجزائريين للجيل السابق من المحيط الدراسي، حيث أعرب عن عشقه الكبير للكرة المستديرة التي كان يلعبها بإتقان حيث قال «كنت لاعبا مميزا في كرة القدم وكنت مهاجما بتقنيات فنية عالية، لعبت العديد من السنوات في الفئات الدنيا ولعبت بجانب المرحوم ميلود هدفي، كما كنت أعشق رياضة الجمباز».
وواصل كلامه «في السنة الأولى بالثانوية لم أكن أعرف ألعاب القوى تماما، وفي السنة الموالية لم أشارك في عملية انتقاء أفضل العدائيين من الثانويات حيث فضلت الاختباء».
وتابع «في السنة الموالية لم يكن لدي الحظ، حيث اكتشف أستاذ التربية البدنية الفرنسي نواري، والجزائريان بن زلات وتهمي اختفاء 6 تلاميذ، بحثوا عنا وجدونا وأرغمونا على الركض بمحيط الثانوية».
وختم «ألعاب القوى بالنسبة لي كانت صدفة لم أبحث عنها بل هي جاءت لي».
صاحب السرعة الفائقة في السباقات الطويلة أوضح أنه بعدما تم إرغامه على الركض بملابسه العادية ( غير الرياضية )، كان بجانبه أربعة عدائيين يتدربون بفريق مولودية وهران، موضحا أنّ الركض بالنسبة له كان من أجل الركض وفقط، عكس أساتذة التربية البدنية الذين كانوا يبحثون عن انتقاء أفضل العناصر لاختيار الفريق المدرسي، وقال «فزت بالسباق وخلال الأسبوع الموالي، أجروا سباق انتقاء الأفضل بالثانوية وفزت بالسباق».
وقال «تجاوزت البقية بأكثر من 400 متر، وقتها الأساتذة ظنوا أنني اختصرت الطريق من أجل الفوز».
وذهب إلى أبعد من ذلك حين أفاد بأنه مارس رياضة ألعاب القوى مرغما، كونه كان يتخوّف من تبعات حدوث مشاكل مع أساتذته وعائلته، وقال بهذا الخصوص «في يوم ما رفضت ممارسة الرياضة، أستاذ التربية البدنية نواري حرمني من الدراسة إلى غاية جلب الأولياء».
وقال أيضا «المرحومة جدتي رفضت القدوم إلى الثانوية من أجل الحديث مع الأساتذة إلى غاية ملء خزان كبير من الماء، وكانت المسافة بعيدة من أجل جلب الماء، ومنذ ذلك اليوم قررت مواصلة التدريبات».
البطل بوعلام رحوي تابع الحديث عن بداياته، حيث قال بأنه بعد أسبوع أقيمت منافسة بين الثانويات والسباق بالملعب الكبير لوهران، حيث أفاد بأنه كان على المتسابقين القيام بـ 6 دورات كاملة حول محيط الملعب والدورة الأخيرة داخل الملعب وفاز يومها دون عناء، ليمر إلى سباق اختيار تشكيلة فريق الولاية الذي سيمثل وهران مع ولايات أخرى من الوطن، «نافست في ذلك الوقت مع عدائيين يتدربون بانتظام مع فرق مدينة وهران، وكان زاوي ومكاوي ضمنهم».
واسترسل «ركضت دون حذاء في قصر الرياضات الذي يحمل حاليا اسم حمو بوتليليس، قمنا بثلاثة دورات كاملة من 8 كلم وكنت الأصغر بينهم».
ابن مدينة عين تيموشنت أوضح أنه قبل انطلاق السباق، قلل أحد المتسابقين من شأنه وقال له بأن هذا السباق ليس سباق الأصاغر بحكم صغر قامته، «الأستاذ نواري قال له هو ليس من فئة الأصاغر وهو من سيفوز».
وأضاف «عند انطلاق السابق قررت إتباع الدراجة النارية التي تسطر طريق السباق، في ذلك الوقت لم يكن لدي أي تدريب أو حيلة في تسيير السباقات».
وقال أيضا «أتذكر كنت أركض وحيدا في المقدمة لأنّ الجميع اعتقد أنني لن أصمد فوق دورتين، لكن مشكلتهم أنني لم أتعب ودخلت في خط البداية، متفوقا بأكثر من 600 مترا عنهم، وفي ذلك الوقت كانت أول مرة أركض فيها بالملابس الرياضية».
سنة 1966 كانت انطلاقتي الفعلية في رياضة ألعاب القوى
صاحب الميدالية الذهبية في ألعاب البحر الأبيض المتوسط لسنة 1975، أكد أنّ انطلاقة مسيرته الفعلية في ألعاب القوى والعدو الريفي كانت سنة 1966، وهي نفس السنة التي حملت فيها ألوان المنتخب الوطني.
استدعاءه إلى المنتخب الوطني جاء بعد تألقه في دورة ما بين الجهات وبين الولايات التي فاز بها، تألقه في الفريق المدرسي كان دائما ضد عدائين معروفين بأنديتهم والمنتخب الوطني الذين كان يتفوق عليهم دون عناء.
سيطرته على المنافسات الجهوية والمحلية في الرياضة المدرسية جعلت فريق الغالية وهران يمنحه شرف إمضاء أول عقد بمسيرته الرياضية، بالرغم من أنّ الغالية كان اختصاصيا في تكوين البنات في مختلف الاختصاصات الرياضية، وقال بهذا الشأن «رئيس النادي ونائبه كانا يسيران الرابطة الولائية لألعاب القوى وقررا انتدابي».
وعن تطور مسيرته أكد أنها جاءت بعد الفترة الممتدة ما بين (1966 – 1969) التي قضاها بين مدينتي الجزائر ووهران، وعن هذه الفترة تحدث «كنت أتنقل كثيرا إلى العاصمة من أجل إجراء المنافسات والتربصات، وبعدها منحني مدير رياضة النخبة بوزارة الشباب والرياضة بغدادي شقة بالعاصمة، حتى أكون قريبا من المنتخب».
بحلول 1967 حطمت جميع الأرقام الوطنية
وتابع «عند بلوغ سنة 1967 كنت قد تمكنت من تحطيم كل الأرقام القياسية الوطنية عند فئة الأكابر، من اختصاص 800 متر إلى غاية 20 كلم، وهو ما جعل مسؤولي الاتحادية والوزارة يتشبثون بي».
وأفاد متحدثنا «بعدها قررت البقاء في العاصمة خصوصا بعدما وجدت عملا، مغادرة مدينة وهران كان قرارا صائبا لأنّ في العاصمة ركزت على عملي وتدريباتي فقط».
وعلل أكثر «بعد نهاية العمل والتدريبات الوجهة كانت البيت، عكس مدينة وهران التي كنت أملك فيها جميع أصدقائي، والبقاء فيها كان سيحرمني من مواصلة مسيرتي الرياضية».
صاحب 74 عاما كشف أنّ قرار مواصلة الرياضة والتخصّص فيها، جاء بعدما توقف عن الدراسة ليقرر الذهاب بعيدا في رياضة ألعاب القوى، وهنا وضع أهداف النجاح والتتويجات في المقدمة، عكس الماضي الذي كان يمارس الرياضة مرغما.
ذهبية الألعاب المغاربية جعلتني أتخصّص في 3000 متر موانع
وعن قرار التخصّص في سباق 3000 متر موانع والسباقات الطويلة، أوضح أنّ ذلك جاء بعدما نال المركز الثالث في البطولة العالمية الجامعية سنة 1967 محققا وقتها رقما مميزا، وتابع فكرته «بعدها بسنتين في طرابلس في الألعاب المغاربية، وقعت في النهائي رفقة منشطي نهائي الألعاب الأولمبية بمكسيكو، التونسي العياشي والمغربي بن غازي الأخير كان بطلا للعالم».
وتابع «هناك فزت عليهم وأصبحت بطلا مغاربيا في 1969، من هنا انطلقت مسيرتي في اختصاص 3000 متر موانع، لكني رفضت الركض في تخصّص وحيد، وكنت خلال كل المنافسات الدولية والملتقيات أسجل نفسي في اختصاصين».
قرار اختيار تخصّصين في كل منافسة دولية كان من أجل تطوير قدراته البدنية والفنية أكثر، ولكسب أكثر تجربة وخبرة في تسيير السباقات، وهو ما جعله يحضر برنامج التدريبات بنفسه لأنه لم يكن يملك مدربا.