جائحة كورونا ألقت بظلالها على تحضيرات الرياضيين

تأجيل تظاهرات وإلغاء أخرى يطغى على الأحداث الرياضية في الجزائر

عمار حميسي

طغى فيروس كورونا على الرياضة الجزائرية بمختلف أطيافها حيث كان وراء توقيف النشاط الرياضي لفترة وغلق الملاعب، إضافة إلى أنه كان وراء رحيل بعض الشخصيات الرياضية المعروفة، لكن كان يجب رفع التحدي ومواجهة الفيروس من خلال العودة الى النشاط بصورة مختلفة ووفق معايير جديدة تحت شعار «التعايش مع الفيروس».

لن تكون نهاية 2020 مثل بدايتها على مستوى الرياضة الجزائرية التي وكغيرها من القطاعات الأخرى تأثرت بتداعيات فيروس كورونا حيث أجبر هذا الأخير المسؤولين عن الرياضة الجزائرية بتوقيف النشاط بصفة كلية تفاديا لانتشاره السريع وتبع هذا الأمر العديد من القرارات المهمة.
من أهم القرارات التي كان لها صدى كبير هو توقيف النشاط الرياضي بالكامل وعلى رأسه بطولة الرابطة المحترفة الأولى التي تحظى بشعبية ومتابعة كبيرة من طرف مختلف أطياف المجتمع وكان الهدف من هذا القرار هو تفادي إنتشار المرض بسرعة كبيرة بالنظر إلى التوافد الكبير للأنصار على الملاعب الجزائرية.
قرار توقيف البطولة في البداية كان مؤقتا حيث رفضت الإتحادية الحديث عن إلغاء الموسم في البداية وكان هدفها من الأمر هو إنتظار إمكانية تراجع أعداد المصابين، إلا أن العكس هو الذي حدث حيث تزايد أعداد المصابين، وهو ما دفع بالإتحادية باتخاذ قرار إنهاء الموسم قبل الأوان ومنح اللقب إلى فريق شباب بلوزداد.

شباب بلوزداد.. بطل من رحم المعاناة

لم يكن أشد المتفائلين من أنصار شباب بلوزداد يتوقع أن الفريق الذي نافس على ضمان البقاء سيتوّج باللّقب في الموسم الموالي وهو ما حدث حيث قررت الإتحادية منح اللقب لفريق شباب بلوزداد بحكم أنه من كان يتصدر الترتيب بعد إتخاذ قرار توقيف البطولة، وهو القرار الذي أثار الكثير من التحفظات.
بقاء 8 مباريات عن إنتهاء الموسم كان حجة المعارضين الذين رأوا أن منح اللقب لفريق شباب بلوزداد هو إجحاف في حقهم بحكم أن الفارق لم يكن كبيرا بين المتصدر شباب بلوزداد والفرق المطاردة له إلا أن قرار الإتحادية كان نابعا من رغبتها في إنهاء الموسم وطي الصفحة حيث لم يكن همها من يتوّج باللقب، بل إنهاء الموسم والتفكير في التحضير للموسم الجديد.
رغم أن تتويج شباب بلوزداد كان محاطا بلغط كبير، إلا أن الفريق إستحق الصعود على منصة التتويج وكان الأمر إيجابيا إلى حد كبير ويعكس نجاح مشروع الفريق بقيادة مجمع «مدار» الذي إستطاع تكوين توليفة إدارية وفنية في المستوى إستطاعت رفع التحدي خلال الموسم الماضي.
التتويج باللّقب والكأس قبلها فتح شهية شباب بلوزداد الذي يطمح لمواصلة المغامرة الناجحة خلال الموسم الحالي حيث يتواجد على مقربة من المقدمة ويستطيع التواجد على رأس جدول الترتيب في الجولات المقبلة بفضل الثبات في المستوى والنتائج الإيجابية المتسلسلة.

سنة 2020.. بلا جمهور

السمة الغالبة على سنة 2020 في الجزائر من الناحية الرياضية هو غلق المنشآت الرياضية أمام الجماهير، وهذا لتفادي الإحتكاك وإنتشار الفيروس حيث أجبر كورونا المسؤولين عن الرياضة في الجزائر بإتخاذ قرارات جريئة هي الأولى من نوعها، منذ الإستقلال من خلال غلق كل الهياكل والمنشآت الرياضية.
لم يكن من السهل إتخاذ قرار غلق المنشآت والهياكل الرياضية بحكم إنعكاساتها على المجتمع وحتى على المداخيل المالية بحكم أنها كانت من العوامل التي تساهم في إنعاش الخزينة العمومية بالأموال، إلا أنه كان يجب إتخاذ قرار من هذا النوع بالتوازي مع الإجراءات المتخذة من طرف وزارة الصحة.
الأمر الإيجابي هوتقبل الجميع لهذه القرارات من رياضيين وجماهير لإدراكهم أنها تصب بالدرجة الأولى في مصلحتهم من أجل حمايتهم من خطر الإصابة بالفيروس خاصة أن التوافد الكبير على هذه المنشآت والهياكل الرياضية كان سيكون له تأثير سلبي على الوضعية الصحية في بلادنا.
كان الرياضيون أبرز المتأثرين بهذا القرار الصعب خاصة أنهم فقدوا المكان الوحيد للتحضير الجيد للمواعيد المقبلة حيث تم إبتكار طرق جديدة لضمان التحضير الجيد منها التحضير في المنزل الذي أصبح موضة متبعة من طرف كل الرياضيين في الجزائر والعالم.

التدريب المنزلي.. موضة لاقت صدى كبير

في ظل غلق المنشآت والهياكل الرياضية لم يجد الرياضيون واللاعبون من مكان يحضرون فيه للمواعيد المقبلة والحفاظ على لياقتهم البدنية أفضل من المنزل وهذا لمواكبة إجراءات الحجر المنزلي المتبع من طرف الدولة الجزائرية، إلا أن هذا الأمر لاقى الكثير من التساؤل.
أبرز التساؤلات كانت عن نجاعة التحضير في المنزل ومدى قدرته على المساهمة في الحفاظ على لياقة اللاعبين البدنية وكان هناك إنقسام كبير حيث رأى البعض أنه ناجع وقادر على المساهمة في الحفاظ على لياقة الرياضي بينما رأى البعض الآخر أنه غير كاف ولن يسمح للرياضي بالحفاظ على لياقته البدنية.
المتضرر الأكبر من هذا الأمر كان لاعبو الكرة، لأنهم تعودوا على التحضير الجماعي للمباريات والبقاء في البيت جعلهم مضطرين للعمل الفردي من الناحية البدنية للحفاظ على اللّياقة الكاملة تحسبا لعودة التدريبات الجماعية، إضافة إلى ربط اللاعب نفسيا بالعمل المتواصل تفاديا لخموله بسبب تداعيات الحجر المنزلي.
إبتكرت الأجهزة الفنية على مستوى الأندية طرقا جديدة لمتابعة تدريبات اللاعبين الفردية في المنزل من خلال وسائل التواصل الإجتماعي عن طريق الفيديو المباشر حيث يجبر كل لاعب على تشغيل خاصية «مباشر» على مستوى الهاتف النقال ليلاحظ المدرب أو المشرف على الجانب البدني طريقة تدريبه.
سطر أعضاء الأجهزة الفنية برنامج تحضير منزلي يطبق على كل اللاعبين ويتم تطبيقه بالتوازي مع عمل فيديو جماعي مباشر لكل اللاعبين من منزلهم، وهذا حتى يتعرف المحضر البدني على مدى تقدم العمل البدني والمسطر ومستوى كل لاعب من الناحية البدنية.

التحضير للمواعيد المقبلة في خبر كان

إرتبط العديد من الرياضيين بأحداث رياضية إقليمية ودولية كانوا سيشاركون فيها إلا أن غلق المنشآت والهياكل الرياضية وحتى غلق المجال الجوي هذه العوامل، ساهمت في تعطيل عملية التحضير وكان من الصعب تفادي هذا الأمر بحكم أن هذا القرار إتخذ من طرف السلطات العليا.
ضحى العديد من الرياضيين بمواعيد دولية مهمة كانت ستفيدهم كثيرا من ناحية التحضير للأحداث الرياضية القادمة، إلا أن غلق المنشآت الرياضية والمجال الجوي حال دون ذلك ليتم تعويض الأمر بالتحضير المنزلي الذي جعل التأخر في التحضير يزداد في ظل عدم توفر أغلب الرياضيين على أماكن واسعة للتحضير في المنزل.
وضعية الرياضيين المعيشية ظهرت للعيان في السنة الماضية بعد أن تم إختيار عامل التحضير المنزلي لتكون الصرخة التي لاقت صدى كبيرا حيث تساءل أغلب الرياضيين عن كيفية التحضير في المنزل الذي لا يتسع أصلا لأفراد الأسرة فما بالك تخصيص مكان في المنزل للتحضير الرياضي.
لم يكن من السهل تدارك التأخر في التحضير وهو ما جعل المشاركة في بعض المواعيد الرياضية المهمة في خبر كان حيث عصف فيروس كورونا بأحلام العديد من الرياضيين الذين طالما حلموا بالتواجد على منصات التتويج إلا أنهم بقوا في منازلهم يتابعون هذه الأحداث الرياضية من خلال شاشة التلفاز.

تألق «الخضر».. نقطة مضيئة في ظل الاخفاقات

لم تكن سنة 2020 مختلفة عن سابقتها بالنسبة للمنتخب الوطني الذي واصل التألق من خلال توالي الإنجازات والإنتصارات، وهو الأمر الذي أكد نجاعة العمل الذي يقوم به الناخب الوطني جمال بلماضي الذي إستطاع كتابة التاريخ بأحرف من ذهب كيف لا وهو من قاد المنتخب إلى سلسلة تاريخية بدون هزيمة.
تم تأجيل مواجهات المنتخب التي كانت مبرمجة، خلال شهر مارس إلى أكتوبر، إلا أن الأمر لم يختلف كثيرا واستطاع المنتخب إنهاء سنة 2020 بإنجاز مهم، وهو الحفاظ على رصيده خاليا من الهزائم إضافة إلى تحقيق الهدف المنشود المتمثل في التأهل إلى كأس أمم إفريقيا 2022 التي ستجري في الكاميرون.
تألق المنتخب الوطني في سنة 2020 زاد من الفخر والاعتزاز بهذه المجموعة المميزة من اللاعبين وأكد أن العمل المتواصل والجاد سبب مباشر في النجاح والوصول إلى القمة لن يكون إلا من خلال هذه العوامل حيث لم تختلف المباريات سواء داخل أو خارج الوطن والهدف الأهم هو الحفاظ على السجل خاليا من الهزائم. توحي كافة المؤشرات إلى أن هذه السلسلة الإيجابية من الإنتصارات والسجل الخالي من الهزائم سيتواصل على الأقل خلال الفترة المقبلة بما أن الناخب الوطني أكد لأكثر من مرة أنه مستمر ومستمتع بالعمل على رأس الجهاز الفني للمنتخب الوطني حيث كان كلمة السر في كل الإنجازات المحققة لحد الآن.

شخصيات رياضية تغادرنا..

تأثير فيروس كورونا لم يكن فقط على النشاط الرياضي، بل طغى على حياة العديد من الرياضيين بعد أن أصيب الكثير منهم بالمرض ولحسن الحظ شفيوا، إلا أنه أصاب البعض وكان سببا في وفاتهم على غرار الراحل محند شريف حناشي ورابح شباح الذي غادرنا، منذ فترة قصيرة.
عانى الرئيس التاريخي لفريق شبيبة القبائل محند شريف حناشي كثيرا مع المرض الذي لازمه لفترة قاربت الثلاثة أسابيع، إلا أنه لم يستطع المقاومة حيث توفي وترك وراءه تاريخا حافلا بالإنجازات كرئيس للفريق ولاعب ومسير ومن الصعب جدا على أي أحد أن ينسى ما قدّمه «موح شريف» للشبيبة.
العديد من أنصار شبيبة القبائل لم يصدقوا خبر وفاة محند شريف حناشي حيث نزل هذا الخبر كالصاعقة على محبي الفريق الذين أكدوا خلال حضورهم جنازته أنه من الصعب العثور الآن على رئيس فريق في قيمة ونزاهة واحترافية حناشي الذي قاد الفريق لتحقيق العديد من الألقاب المحلية والإفريقية.
نفس الأمر، إنطبق على رياضة المصارعة التي فقدت رابح شباح رئيس الإتحادية والمفارقة أن خبر وفاة هذا الأخير كان مفاجئا للجميع حيث لم يتوقع أحد أن يغادرنا رابح شباح في هذه الفترة من السنة، وهو الذي إستطاع تحقيق العديد من الإنجازات على رأس إتحادية المصارعة.
رابح شباح هو ما أكفأ المسيرين على المستوى الرياضي واستطاع تسطير إستراتيجية ناجحة على مستوى إتحادية المصارعة لإكتشاف جيل جديد من الرياضيين رفعوا التحدي وراية الجزائر في آن واحد خلال المحافل الدولية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19524

العدد 19524

الإثنين 22 جويلية 2024
العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024