الدكتور حوسين بلخيرات في حوار مع “الشعب”:

الهجرة غير الشرعية أكبر تحديات الاتحاد الاوروبي بعد الحرب الباردة

أجرت الحوار بورڤلة: إيمان كافي

بروكسل تتهرّب من المسؤولية وتبحث عن حلول خارج أطر الاتحاد

أثار التفاوض حول ملف الهجرة في قمة قادة دول الإتحاد الأوروبي ببروكسل أخذا وردا واسعا، نظرا لاختلاف وجهات النظر في الحلول المقترحة لحل هذه الأزمة، خاصة بعد اقتراح حل الأزمة خارج حدود القارة الأوروبية، من هذا المنطلق توقفت “الشعب” لمناقشة نتائج قمة بروكسل وما تضمنته من اقتراحات وحلول في هذا الحوار مع الدكتور حوسين بلخيرات، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجلفة.

-  ”الشعب”: بداية، كيف يمكن تقييم توصيات  قمة بروكسل حول أزمة الهجرة؟

 الدكتور حوسين بلخيرات: ما تم التوصل إليه في قمة بروكسل حول أزمة الهجرة هو “اتفاق إطار” أكثر منه اتفاقية قانونية ملزمة هذا الاتفاق هو محاولة للتوفيق بين وجهات النظر المختلفة عبر التركيز على تهذيب المسائل الخلافية، حيث تم التوصل إلى تصور للتعامل مع أزمة الهجرة يتشكل من ثلاثة عناصر وهي، إنشاء منصات إنزال للمهاجرين خارج القارة الأوروبية من خلال التنسيق مع حكومات تلك الدول، إعادة التأكيد على اتفاقية “دبلن “ وما يحوم حولها من إشكالية المسؤولية الفردية والمشتركة، وأيضا اقتراح آليات جديدة وإضافية لتعزيز الحدود المشتركة ومع ذلك يبقى هذا “الاتفاق الإطار” اتفاق هش لثلاثة أسباب تتعلق  بكون الحل لم يعد مرتبطا فقط بالدول الأوروبية، بل بحجم التعاون الذي تبديه دول ومنظمات إقليمية خارج القارة الأوروبية بالإضافة إلى أن اتفاقية “دبلن” التي تثير منذ مدة إشكاليات حول المسؤولية الفردية والمشتركة، وليس من المتوقع أن تحل هذه الإشكاليات دون مراجعة تلك الاتفاقية، هذا فضلا عن التساؤل حول كيفية توزيع الأعباء بين الدول الأوروبية، فيما يتعلق بمراقبة الحدود.
ونظرا لهذه الصعوبات من المتوقع مبدئيا أن تلجأ دول الاتحاد الأوروبي إلى زيادة حجم الدعم المادي لبعض الدول لمواجهة تدفق المهاجرين في انتظار تحويل هذا الاتفاق إلى سياسة عملية ملموسة.

- فيما يكمن الخلاف بين دول الاتحاد الأوروبي حيال تحدي الهجرة؟

 مشكلة الهجرة واللجوء هي مشكلة قديمة بالنسبة لدول الاتحاد الأوروبي، طرحت لها جملة من الحلول والآليات، لكن المسألة في حد ذاتها تعقدت منذ سنة 2014 لسببين رئيسيين الأول مرتبط بالتزايد الرهيب في عدد المهاجرين غير النظاميين واللاجئين، نتيجة الفرار من بؤر التوتر والنزاعات سواء في منطقة الشرق الأوسط أو من القارة الإفريقية، أما الثاني وهو سبب إيديولوجي بحت يتعلق بصعود الاتجاه الشعبوي كتيار سياسي في القارة الأوروبية، حيث يوجد الآن ما يقارب 47 حزبا شعبويا ممثلا في المؤسسات الداخلية للدول الأوروبية وكذلك في المؤسسات الأوروبية المشتركة وهذا التيار له موقف مختلف عن موقف التيار الليبرالي حول مسألة التعامل مع قضيه الهجرة غير النظامية.

- لماذا اعتبرت بعض الأطراف أن نتائج قمة بروكسل لم تسفر عن أي تقدم في المفاوضات حول الملف الشائك؟

قمة بروكسل تعقد في ظل خلافات حول مسألتين أولاهما تتعلق بالفصل في إشكالية: هل المهاجرين هم مسؤولية الدولة المستقبلة أم مسؤولية مشتركة، فبينما تفضل دول معينة اعتبار أن المهاجرين مسؤولية الدولة المستقبلة وفق مقتضيات القانون الدولي البحري فإن دول أخرى تفضل أن يكون التعامل مع المهاجرين غير النظاميين مسؤولية مشتركة، أما الإشكالية الثانية تتعلق بمبدأ الإجماع فدول معينة مثل الحكومة الإيطالية الجديدة مصرة على ضرورة عدم اعتماد أي سياسة رسمية دون تحقيق مبدأ الإجماع حتى لا تتكرر مسألة تنصل الدول من التزاماتها مثل ما حدث منذ 2014، حيث رفضت دول معينة استقبال المهاجرين غير النظاميين واللاجئين مما حمل دول أوربية أخرى أعباء إضافية لم تستطع الالتزام بها.

- تطرح المفاوضات بعض الاقتراحات من بينها المقترح الإيطالي الموجه لدول شمال إفريقيا القاضي باحتجاز الأفارقة في هذه الدول قبل وصولهم إلى أوروبا، ما تعليقكم ؟

 الدول الأوربية تطرح حلولا مختلفة، لكن لو ندقق في طبيعتها سنجد أن الفرق الأساسي يتمثل في هل يتم التعامل مع مسألة الهجرة غير النظامية داخل القارة الأوروبية من خلال تقاسم الأعباء أم يتم معالجة المسألة خارج القارة الأوروبية، بالنسبة للجزئية الأولى يظهر المقترح الفرنسي بفرض عقوبات اقتصادية على الدول التي تتنصل من التزاماتها وهو المقترح الذي لاقى ردود فعل قوية من دول أوربية أخرى، أما بالنسبة للجزئية الثانية فيظهر المقترح الإيطالي بالبحث عن حلول خارج القارة الأوروبية من خلال إنشاء ما تسمى بـ«مناطق التجميع والاحتجاز” في دول معينة تم تقديرها على أنها تشكل دول عبور رئيسية وقد عرض هذا المقترح بشكل رسمي على “دول” في شمال إفريقيا، حيث تستغل مناطق الاحتجاز في عملية الفرز بحيث يتم تصنيف الحالات المعنية بالاستقبال في أوربا.

- يبدو واضحا أن هناك انسدادا بين دول الاتحاد الأوروبي للتفاوض حول الحلول، فهل من المنطقي الزّج بدول شمال إفريقيا لتحمل مسؤولية هذا المشكل؟

 لو نتوقف عند تصريح المستشارة الألمانية “أنجيلا ميركل “ بشأن أن أزمة الهجرة قد ترهن مستقبل الاتحاد الأوروبي سيتضح بشكل كبير عمق الأزمة، لكن الظاهر أن هناك أزمة ثقة بين الدول الأوروبية مرتبطة بالتخوف من التنصل من الالتزامات وبالمحصلة الدول الأوروبية لديها من الآليات ما يمكن من خلاله التفاوض حول الأزمة داخل القارة الأوروبية بدل البحث عن حلول خارج القارة مثل مقترح “مناطق الاحتجاز” وهو مطلب ليس من السهل تقبله، لأنه يفرض من جهة ضرورة وجود مندوبين أوروبيين بشكل مستمر في دول معينة، ومن جهة ثانية لأنه يفرض أعباء إضافية على دول خارج القارة الأوروبية كما يحفز على تدفق المهاجرين إلى الدول التي تشكل فيها مناطق احتجاز، وبالتالي فالحل يجب أن يكون نتيجة التواصل المباشر بين الدول الأوروبية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19634

العدد 19634

الأربعاء 27 نوفمبر 2024
العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024