يستعد الماليون لإجراء انتخابات رئاسية في 29 يوليو الجاري، لانتخاب رئيس جديد للبلاد لمدة خمس سنوات، خاصة بعد موافقة المحكمة الدستورية العليا، أول أمس السبت، على قبول ملفات 17 مرشحا واستبعاد مبدئيا 13 ملفا آخرا، وسط الدعوة لتنظيم انتخابات «شفافة ونزيهة» يتوقع أن تبدأ عهدا جديدا في هذا البلد بإنجاح المسار السياسي وتعزيز الاستقرار وأسس الدولة ومحاربة الارهاب.
ووافقت المحكمة الدستورية في مالي - الهيئة المخولة للفصل في ملفات المترشحين من بين مختلف الأحزاب السياسية والجماعات الحرة - أمس على أسماء 17 مرشحا للانتخابات الرئاسية المقرر تنظيمها في 29 يوليو، جميعهم من الرجال، فيما عدا مرشحة واحدة امرأة، إيساتا سيسيه، فيما استبعدت مبدئيا ملفات 13 مرشحا آخرا، مؤكدة أنها «وبعد أن إكتمل العمل بشأن التحقيق ومراجعة ملفات المتقدمين للترشح لمنصب رئيس جمهورية مالي، قد انتهت وقررت استبعاد عدد من طالبي الترشيح لعدم توافر شرط أو أكثر من الشروط الواجب توافرها قانونيا لهذا المنصب»، مضيفة أنها «تعطي المرشحين المستبعدين مهلة لاتقل عن 24 ساعة للطعن بقرار المحكمة بشكل قانوني».
وقد دعت الحكومة المالية في وقت سابق هيئة الناخبين إلى إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها المحدد، وستنطلق الحملة الانتخابية في 7 يوليو وتختتم في 27 من نفس الشهر، بحسب بيان صادر عن مجلس الوزراء، والذي أضاف إنه في حال تقرر إجراء شوط ثان، فإن الحملة الانتخابية الخاصة به، تنطلق في 12 أوت المقبل.
وقد أثارت هذه الانتخابات الرئاسية بمالي تفاؤلا لدى الطبقة السياسية التي ما فتئت تحشد أركانها ومؤيديها في انتظار فرز المرشحين النهائيين، ترقبا لهذا الموعد الانتخابي حيث نظمت في وقت سابق مظاهرات تطالب بشفافية ونزاهة التصويت قد حشدت الآلاف من المواطنين.
ووافقت المحكمة على ترشيحات الرئيس الحالي إبراهيم بوبكر كيتا حيث صرح في 28 مايو المنصرم رغبته في الفوز بعهدة ثانية على رأس البلاد قصد تجديد «ثقته مع الشعب المالي» بالإضافة إلى زعيم المعارضة، لكنها استبعدت ملفات الوزير الأول الأسبق الشيخ موديبو ديارا، ومرشحين بارزين آخرين من بينهم شوغيل كوكالا ميغا، ومونتاغا تال، ويي ساماكي، وحمدون توري وهارون سنكاري، وفقا لبيان أصدرته أمس.
اتفاق السلم و المصالحة أساس التلاحم الاجتماعي والاستقرار
ولا يزال اتفاق السلم والمصالحة في مالي بعد ثلاث سنوات من توقيعه «أساسا للتلاحم الاجتماعي والاستقرار»، كما أن تنفيذ نصه لا يزال يعطي إشارات جيدة لا سيما بعد أن تم مؤخرا إنشاء دوريات مختلطة مسبوقة بانعقاد ندوة الوفاق، وكذا تنصيب السلطات المؤقتة في مناطق شمال البلاد سنة 2017.
ومن أهم النقاط التي تجدر الإشارة إليها في اتفاق السلم المنبثق عن مسار الجزائر، هي وقف إطلاق النار وتنصيب السلطات المؤقتة لمناطق الشمال الخمس (تاودينيت، ميناكا، كيدال، تومبوكتو وغاو)، وإنشاء مواقع تجمع وتسليم قائمة المقاتلين المسموح لهم الاستفادة من إعادة الإدماج في القوات العسكرية، وإنشاء الدوريات المختلطة على غرار تلك التي قاموا بها مؤخرا في تومبوكتو ناهيك عن انخراط جميع الماليين في مسار السلم.
وفي هذا السياق، أكد وزير الشؤون الخارجية، عبد القادر مساهل، في وقت سابق، أن مسار السلم في مالي «يتقدم بشكل جيد»، مضيفا أنه من المهم إنجاح المسار السياسي لتعزيز أسس الدولة المالية.
ومن جهته، كان وزير المصالحة الوطنية والتلاحم الاجتماعي في دولة مالي، محمد المختار، قد أشار - في تعليقه على حصيلة ثلاث سنوات لاتفاق السلم والمصالحة، أن هذه الذكرى يجب أن تمثل لكل شخص «وقتا للأمل والالتزام الجماعي بغية ضمان تنفيذ الاتفاق»، موضحا بذات المناسبة أن «الاتفاق لا يزال وسيظل أساسا للتلاحم الاجتماعي والاستقرار في مالي، بحسب الصحافة المحلية.
وقال محمد المختار «تحسنت حالة أطفال مالي بفضل الدول الصديقة والمنظمات الإقليمية والدولية التي رافقت توقيع اتفاق السلم والمصالحة في 15 مايو 2015 بباماكو». وعن الجهود المبذولة حاليا لإحلال السلم نهائيا في مالي، قال الوزير»لا يمكن إحلال السلم والاستقرار دون مصالحة حقيقية للقلوب والعقول».
يذكر أنه تم إبرام اتفاق السلم والمصالحة في مالي الموقع في مرحلة أولى في مايو 2015 بالجزائر العاصمة وفي مرحلة ثانية في يونيو من السنة نفسها من طرف كافة الأطراف المالية بباماكو (الحكومة والمجموعات السياسية العسكرية) عقب خمس جولات من الحوار تمت مباشرته في يوليو 2014 تحت إشراف الوساطة الدولية بقيادة الجزائر.