فقدت القضية الصّحراوية واحدا من أعمدتها الدبلوماسية ورجالها الكبار، الذين ظلّوا يحاربون الاحتلال بحجّة القانون وقوّة الحق داخل أروقة الأمم المتحدة، ويجهضون كلّ محاولاته اليائسة في التحايل على الشرعية الدولية بهدف إحكام سيطرته على الأرض الصحراوية.
توفي أمس الأول عضو الأمانة الوطنية لجبهة البوليساريو وممثلها لدى الأمم المتحدة، المناضل البخاري احمد، بعد صراع طويل مع المرض، عن عمر 64 سنة بمستشفى مدينة بلباو شمال إسبانيا.
انخرط الفقيد في صفوف جبهة البوليساريو وهو شاب على مقاعد الدراسة، وبرحيله «يفقد الشعب الصحراوي واحدا من رجالاته العظام الذين سخروا حياتهم لخدمة القضية الوطنية، حيث عرف بحنكته الدبلوماسية ومعرفته القانونية بالقضية الصحراوية ومكانتها في العلاقات الدولية، وخاصة على مستوى الأمم المتحدة، حيث ظل يعمل بصبر ومثابرة حتى داهمه المرض العضال ثم القدر المحتوم».
البخاري احمد، الدبلوماسي المحنّك الذي ظل يحارب الاحتلال المغربي في كل زاوية وبين ردهات الامم المتحدة، ترك بصمة لن تنمحي في تاريخ الدبلوماسية الصحراوية التي لم تحمل سوى قوة الحق وهي تواجه حق القوة الغاشم، ولكنها لم تفتر وظلت تقاوم في عنفوان وكبرياء، صمت السلاح وبقي البخاري احمد شاهرا عدالة القضية وهو يجوب البيت الأزرق في نيويورك يكافح وينافح عن قضيته العادلة بين الامم.
والملفت للانتباه أن شهيد الدبلوماسية الصحراوية ظل يحمل هموم قضيته ويدافع عنها إلى آخر يوم من حياته، حيت وافته المنية بعد ساعات فقط من توجيهه مراسلة الى الهيئة الأممية، احتجاجا على الإتهامات المغربية للبوليزاريو بخرق اتفاقية وقف إطلاق النار والتوغل في المنطقة العازلة بالصحراء.
وقال البخاري في رسالته التي نشرت الاثنين: «أنه لا خيار آخر أمام الاحتلال المغربي غير الخضوع للشرعية الدولية والقانون الدولي»، مشيرا إلى أن قوة الواقع الصحراوي والدفع الفعلي نحو الحل المحدد في قرارات مجلس الأمن المؤكدة على حق الشعب الصحراوي في تصفية الاستعمار وتقرير المصير، «حاصرت المحتل المغربي ودفعته لتحويل الأنظار عن هزائمه المتتالية».
وفي ردّه على سلسلة التصريحات والبيانات والتهديدات التي صدرت عقب اجتماع لجنتي الدفاع والخارجية بمجلس البرلمان المغربي، الأحد، قال السيد خداد: إنّ «المحتل المغربي، اليوم، لا خيار أمامه غير الخضوع للشرعية الدولية والقانون الدولي، لأن أي محاولة لعرقلة المساعي السلمية ستجعله في مواجهة مع الأمم المتحدة من جديد..وأي محاولة لتغيير الواقع سيجد نفسه في مواجهة مع جيش التحرير الشعبي الصحراوي».
وفي ذات السياق، أكد على «استعداد وجاهزية جيش التحرير الشعبي الصحراوي للرد بصرامة وقوة على أي تحرك مغربي للمساس بالأراضي المحررة»، مؤكدا أن المحتل المغربي «لا يملك خيارا غير الخضوع للشرعية الدولية والقانون الدولي، وإلا سيجد نفسه في مواجهة جيش التحرير الصحراوي».
هذه سنّة الحياة، حيث يرحل الانسان لا محالة، لكن عندما يرحل العظماء يبقى اسمهم مسجلا في التاريخ، واسم البخاري سيظل رمزا للكفاح من أجل القضية الصحراوية العادلة.