بعد يوم من الاحتجاجات الدامية ، و رغم انحسار العنف على الحدود بين غزة و الكيان الصهيوني الغاصب ، فإن القناصين الصهاينة كانوا بالمرصاد أمس وواصلوا توجيه رصاصهم الحي ضد الشباب الفلسطيني المنتفض حيث أصابوا الكثيرين .
وقالت مصادر طبية «إن شابا أصيب برصاص الاحتلال شرق (جباليا) شمالا, وآخر شرق خان يونس, وثالث شرق مخيم البريج في مواجهات في تلك المناطق».
وفي شرق مدينة غزة, قالت تقارير اعلامية, أن قوات الاحتلال أطلقت وابلا من قنابل الغاز تجاه عدد من المتظاهرين السلميين و قابلت المحتجين بإطلاق النار اتجاههم.
في الاثناء ، شيع آلاف الفلسطينيين في قطاع غزة شهداء مسيرة العودة الكبرى الذين قتلوا الجمعة برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي، وردد المتظاهرون شعارات تدعو للتضامن الشعبي في مواجهة المحتل، في حين عم إضراب الضفة الغربية وقطاع غزة، وسط دعوات للتصعيد ضد الاحتلال.
وفي الضفة، عم الحداد والإضراب الشامل ردا على قمع قوات الاحتلال مسيرات العودة الكبرى التي انطلقت الجمعة في قطاع غزة، مما أسفر عن استشهاد 17 فلسطينيا وإصابة نحو 1500 بجراح متفاوتة.وكذلك، أصيب نحو مئة فلسطيني في أنحاء الضفة .
وشمل الإضراب قطاع التعليم بما في ذلك المدارس والجامعات، والدوائر الحكومية، والمحال التجارية، والمؤسسات المختلفة، في جميع محافظات الضفة والقطاع،وسادت حالة من الغضب العارم بين المواطنين احتجاجا على جرائم الاحتلال بحق الفلسطينيين في غزة والضفة.
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس والقوى الوطنية وحكومة الوفاق قد دعوا إلى الإضراب العام حدادا على أرواح الشهداء.
وقد طالبت الهيئة الوطنية العليا لمسيرة العودة الأمم المتحدة بتشكيل لجنة تحقيق دولية في انتهاكات جيش الاحتلال ضد المدنيين العزل على حدود قطاع غزة الشرقية.
وخلال مؤتمر صحفي، دعا عضو الهيئة خالد البطش الجماهير الفلسطينية في الضفة والقدس المحتلتين وداخل الخط الأخضر للتحرك والانتفاض في وجه الاحتلال، كما أكد أن المسيرة ماضية حتى تحقق أهدافها، وستأخذ أشكالا متعددة.
المسيرة ماضية حتى تحقق أهدافها
أعلنت قوى وفصائل العمل الوطني الفلسطيني بالضفة تضامنها مع غزة، وشددت على أن أعمال الاحتلال وجرائمه لن تمر دون عقاب.
وداخل الخط الأخضر، نظم الفلسطينيون مسيرات حاشدة في بلدة عرّابة بالجليل وفي مدينة سَخنين، وبلدة دير حنا إحياء ليوم الأرض.
وأكد المشاركون في المسيرات مواصلتهم الدفاع عما تبقى من أراضيهم، والتصدي لسياسات إسرائيل التي تضيق على البلدات العربية داخل الخط الأخضر.
كما أكدت القوى الوطنية الفلسطينية الاستمرار في إحياء فعاليات يوم الأرض، والتصعيد ردا على ممارسات الاحتلال.
أمريكا تغطي عدوان اسرائيل
سياسيا، اعتبرت الرئاسة الفلسطينية الاعتراضات الأميركية في مجلس الأمن الدولي -على مشروع بيان لإدانة مجزرة غزة- بأنها تشكل غطاءً لإسرائيل لاستمرار عدوانها على الشعب الفلسطيني، وتشجعها على تحدي قرارات الشرعية الدولية الرامية لإنهاء الاحتلال.
وأفاد الناطق باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة في بيان صحفي أن استمرار الإدارة الأميركية بنهجها الحالي المتمثل بحماية الاحتلال، وتعطيل كل المحاولات الدولية الرامية للضغط على حكومة نتنياهو لوقف عدوانها وبطشها، سيزيد صمود الفلسطينيين وتشبثهم بأرضهم».
وفشل مجلس الأمن فجر امس -خلال جلسة مشاورات مغلقة عقدت بطلب من الكويت بشأن أحداث غزة- في التوافق على بيان يدين قمع إسرائيل للحراك الفلسطيني في ذكرى يوم الأرض إثر اعتراضات أميركية.
من جهتهم أعرب مندوبون عرب لدى الأمم المتحدة عن «خيبة الأمل بعد فشل مجلس الأمن الدولي ، في التوصل إلى نتيجة أو إدانة على الأقل بشأن المذبحة التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي خلال فعاليات احتجاجية لفلسطينيين عُزّل.
وفي الوقت نفسه طالب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس بـ «إجراء تحقيق مستقل وشفاف في الحادث».
وقال مندوب الكويت الدائم لدى الأمم المتحدة، منصور العتيبي، ومراقب فلسطين، رياض منصور وممثل الجامعة العربية ماجد عبد العزيز في تصريحات للصحافيين عقب انتهاء جلسة مجلس الأمن الطارئة، إن مشروع بيان رئاسي ستقوم الكويت بتوزيعه خلال أيام على أعضاء المجلس بشأن المذبحة الإسرائيلية يتضمن إدانة مقتل أكثر من 15 فلسطينيًا وإصابة نحو 1000 آخرين ويطالب بإجراء تحقيق في الحادث وأن تتحمل إسرائيل مسؤولياتها.
الاحتجاج يصل ذروته في 15 ماي
ومن المقرر أن يصل الاحتجاج الفلسطيني إلى ذروته في 15 ماي في ذكرى «النكبة» حين خرج مئات الآلاف من منازلهم أو أجبروا على تركها عام 1948 الذي شهد قيام دولة الكيان الصهيوني .
وترفض إسرائيل منذ أمد بعيد حق العودة خشية تدفق العرب بأعداد تقضي على الغالبية العددية لليهود، وتقول إنه يجب إعادة توطين اللاجئين في الدولة المستقبلية التي يسعى الفلسطينيون لقيامها. وتجمدت محادثات السلام منذ عام 2014.
وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة «رسالة الشعب الفلسطيني الجمعة كانت واضحة، بأن الأرض الفلسطينية باقية لأصحابها الشرعيين، وأن الاحتلال مهما طال سيزول».
الذخيرة الحية في مواجهة العزّل
تناقلت وسائل الإعلام الفلسطينية، ومواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يوثق قيام قناصة الجيش الإسرائيلي بقنص متظاهر فلسطيني، ضمن المشاركين في «مسيرة العودة الكبرى» على مقربة من السياج الأمني بين قطاع غزة وإسرائيل، وهو الفيديو الذي يوضح طبيعة الأوامر التي أصدرتها قيادة الجيش لهؤلاء القناصة، ومنحهم كامل الحرية لاختيار أهدافهم ومن ثم قنص هذه الأهداف باستخدام الذخيرة الحية.
وتشير تقارير إلى أن الفيديو الخاص بالمتظاهر الفلسطيني الذي استشهد بنيران قناصة جيش الاحتلال، يعود لشاب يدعى عبدالفتاح عبدالنبي يبلغ من العمر 18 عامًا، لافتة إلى أن الواقعة التي تم توثيقها حدثت قرب بلدة جباليا التابعة لمحافظة شمال قطاع غزة، خلال المسيرات التي انطلقت الجمعة.
ولا يوضح الفيديو المنتشر على مواقع التواصل ما الذي قام به الشاب الفلسطيني قبيل ظهوره، بينما حمل إطار السيارة، لكن الفيديو يدل بما لا يدع مجالاً للشك أن رصاصة القناص الإسرائيلي أصابته من ناحية الخلف، ما يفند الرواية الإسرائيلية بأنها ستستخدم الذخيرة الحية ضد من يحاولون التسلل عبر السياج الأمني.
أيديولوجيات عنصرية
ومن غير المستبعد أن يكون قناصة الاحتلال الذين تلقوا أوامر من القيادة العليا تعطيهم فيها الضوء الأخضر لقنص المتظاهرين الفلسطينيين بالذخيرة الحية، يحملون أيديولوجيات دينية متطرفة، على غرار العسكري إليؤور أزاريا، والذي كان قد أطلق الرصاص على شاب فلسطيني مصاب بمدينة الخليل وحكم عليه بعد ذلك بالسجن المخفف وتخفيض رتبته العسكرية.
ويتحمل المستوى السياسي الإسرائيلي فضلاً عن العسكري المسؤولية الكاملة عن قتل وإصابة عشرات الفلسطينيين من المشاركين في تظاهرات يوم الأرض، وكانت تقارير قد أكدت أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عهد إلى وزير دفاعه أفيغدور ليبرمان بالتعامل مع التظاهرات طبقًا لرؤيته.
وتجدر الإشارة إلى أن ليبرمان، والذي يترأس حزبًا يمينيًا متطرفًا هو حزب «إسرائيل بيتنا»، كان من بين أشد المدافعين عن الجندي القاتل أزاريا، ودعمه بشكل كامل إبان مرحلة التحقيقات والمحاكمة ثم الإدانة، كما أنه شن هجومًا حادًا على الرئيس الإسرائيلي ريؤوفين ريفلين حين رفض مسألة العفو الرئاسي عن الجندي.
رغم الحصيلة الدموية القضيةالفلسطينية تنتصر
رغم حماّم الدّم الذي اراقته إسرائيل أول امس في غزّة ، فإن الاحتجاجات الفلسطينية بمناسبة ذكرى يوم الارض حققّت العديد من أهدافها ، إذ شهدت الاراضي الفلسطينية واحدة من أكبر الاحتجاجات الشعبية منذ بداية الانتفاضة الثانية، قبل نحو 18 عامًا، كما نجحت في إثارة القضية الفلسطينية على المستوى العالمي و أعادتها إلى الأجندة الدولية.
وعلى الرغم من الحصيلة الدموية للمواجهات على السياج في قطاع غزة، فإن الفلسطينيين أظهروا لاسرائيل و من ورائها العالم أجمع تمسّكهم بأرضهم و بحقّ العودة وهم مستعدين لتقديم المزيد من الضحايا فس سبيل استرجاع أرضهم و حقوقهم المسلوبة.
فلسطين تُشيّع شهداءها وسط دعوات لمواصلة الاحتجاجات
خيبة أمل عربية بعد فشل مجلس الأمن في إدانة مذبحة «يوم الأرض»
شوهد:415 مرة