يحيي الشعب التونسي اليوم الذكرى السابعة “ لثورة الياسمين”التي أطاحت بالرئيس السابق زين العابدين بن علي في 14 جانفي 2011، وكانت ترمي الى تحقيق الحرية وتحسين الاوضاع المعيشية من خلال إقرار نظام ديمقراطي يحقق تطلعات الشعب وآماله.
لكن، ورغم أن تونس قادت عملية التغيير والانتقال السياسي بنجاح وأصبحت تمثّل نموذجا لبلدان ما يسمى “ بالربيع العربي”، فإنها أخفقت على ما يبدو في مواجهة المصاعب الاقتصادية التي باتت تشكل اليوم طوقا يحاصرها من كل جانب، خاصة مع إهتزاز الشارع المتذمّر الذي شهد احتجاجات عارمة رفعت شعارات مناوئة لخيارات الحكومة الاقتصادية ودعت إلى تعليق العمل بقانون المالية، خصوصا البنود التي تسببت في غلاء عدد من السلع الاستهلاكية.
ومنذ الثامن من جانفي الجاري تعيش تونس أجواء من التوتر والاضطرابات الاجتماعية تخللتها أعمال نهب وتخريب وعنف، ما إضطر السلطات الى التدخل الامني الذي انتهى بتوقيف أزيد من 800 شخص.
ولم تسلم مختلف مناطق تونس من الاحتجاجات التي أخذت منحنيات تصعيدية بعدأن إستباح الغاضبون الاعتداء على المؤسسات العمومية فأحرقوا وخرّبوا عشرات المقار الحكومية مما دفع الحكومة - خاصة بعد دخول الارهابيين على الخط -إلى إرسال قوات من الجيش لحماية مواقع ومبان عدة أصبحت هدفا للمتظاهرين.
ورغم عودة الهدوء، وتراجع الاحتجاجات، فإن الوضع في تونس ما زال متوترا مع عزم المنتفضين مواصلة حركتهم الى غاية الغاء اجراءات التقشف، فالشعب التونسي يرى أنه كسب الحرية لكنه خسر مستوى العيش، وتبدو الحكومة في وضع لا يحسد عليه أمام صعوبات مالية خانقة بعد سنوات من التدهور الاقتصادي العائد خصوصا إلى تراجع السياحة - مصدر الدخل القومي الرئيسي -إثر اعتداءات ارهابية في 2015.
ومعلوم أن صندوق النقد الدولي منح تونس في 2016 خط ائتمان بقيمة 2,4 مليار يورو على أربع سنوات شرط إنجاز برنامج يهدف الى خفض عجز الميزانية والعجز التجاري، وفي ضوء ذلك، تضمنت ميزانية 2018 زيادة في الضريبة على القيمة المضافة والضرائب على الاتصالات الهاتفية والعقارات وبعض أصناف المنتجات المستوردة. كما تضمنت الميزانية ضريبة تضامن تقتطع من الأرباح والرواتب لتوفير موارد لخزينة الدولة، فالحكومة التونسية إذن بين سندان تخفيف الأعباء عن الشعب ومطرقة الوضع المالي الصعب، وهي بحاجة إلى معجزة حقيقية للخروج من هذا الكابوس.
وفي محاولة جادة لتجاوز هذه الأزمة، عقد الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي أمس اجتماعا مع الاحزاب الحاكمة، بالخصوص حزبي النداء والنهضة والمركزية النقابية القوية (الاتحاد العام التونسي للشغل) ومنظمة اصحاب العمل واهم منظمات المجتمع المدني.