رغم التهديد والوعيد الامريكي، فقد أقرت الأمم المتحدة، الخميس، بأغلبية 128 صوتا، مشروع قرار، قدمه اليمن وتركيا، يؤكد اعتبار مسألة القدس من قضايا الوضع النهائي، التي يتعين حلها عن طريق المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وفقا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
وبينما غابت عن جلسة الجمعية العامة 21 دولة، امتنعت 35 دولة عن التصويت وعارضت القرار 9 دول، من إجمالي الدول الأعضاء في الأمم المتحدة الـ 193.
وانضمت سبع دول هي غواتيمالا وهندوراس وطوغو وميكرونيسيا وناورو وبالاو وجزر مارشال إلى إسرائيل والولايات المتحدة في التصويت ضد القرار.
ومن البلدان الـ35 التي امتنعت عن التصويت الأرجنتين وأستراليا وكندا وكرواتيا والتشيك والمجر ولاتفيا والمكسيك والفلبين ورومانيا ورواندا، والبوسنة والهرسك التي كانت الدولة الاسلامية الوحيدة التي امتنعت عن التصويت برغم الدعم الكبير الذي تلقته هذه الدولة خلال حربها في تسعينيات القرن الماضي ضد الصرب.
أما أوكرانيا التي أيدت مشروع القرار في مجلس الأمن، فكانت بين 21 بلدا تغيب عن جلسة التصويت.
القرار- الذي قدمت مشروعه تركيا واليمن باسم المجموعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي - اعتبر رسالة إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب برفض إعلانه القدس عاصمة لإسرائيل، ولتهديده بمعاقبة الدول التي تصوت لصالح القرار عبر قطع المساعدات المالية عنها.
وقد انعقدت الجلسة الطارئة وفق القرار 377 لعام 1950 المعروف بقرار «الاتحاد من أجل السلام». وعقدت الجمعية العامة عشر جلسات فقط من هذا النوع طوال تاريخها.
ولجأت الدول العربية والإسلامية إلى هذه الآلية بعدما استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) في جلسة مجلس الأمن الاثنين الماضي، بشأن قرار لحماية القدس كانت مصر قدمته بطلب من الفلسطينيين
عزلة أمريكية
وجدت واشنطن نفسها معزولة على الساحة العالمية مع تصويت الكثير من حلفائها الغربيين والعرب لصالح القرار، ومن بين تلك الدول الحليفة، دول تتلقى مساعدات ضخمة عسكرية أو اقتصادية، كمصر والاردن والعراق.
و في سابقة تاريخية، تجرّدت أمريكا عن الاعراف الدبلوماسية، ومارست التهديد والوعيد لتخويف المصوتين والضغط عليهم ليؤيّدوا موقفها المنافي للشرعية الدولية بخصوص القدس، حيث كررت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي تهديداتها للدول المؤيدة للقرار، وقالت «ستتذكر الولايات المتحدة هذا اليوم الذي عُزلت فيه وهوجمت في الجمعية بسبب ممارستنا حقنا كدولة ذات سيادة».
وأضافت «سنتذكره حين يطلبون منا مجددا دفع أكبر مساهمة مالية في الأمم المتحدة، وسنتذكره حين تطلب منا دول عدة -كما تفعل دائما- دفع المزيد واستخدام نفوذنا لصالحها».
وقد غادرت هيلي الجلسة عقب كلمة السفير الإسرائيلي الذي قال إن من يدعم مشروع القرار «مجرد دمى».
وعيد واشنطن لم ينفع
تواصلت المواقف العربية والإسلامية المرحبة بالقرار الذي اتخذته الجمعية العامة للأمم المتحدة بالأغلبية الخميس لرفض تغيير وضع مدينة القدس المحتلة، ليؤكد حق الشعب الفلسطيني ويبطل قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل.
ورحّبت منظمة التعاون الإسلامي في بيان بالقرار «التاريخي» واعتبرت أنه يجسد إجماعا دوليا على دعم الحقوق الفلسطينية وتثبيتها، مضيفة أنه يمثل رفضا لأي محاولات غير شرعية من شأنها المساس بالوضع التاريخي والقانوني والسياسي للقدس.
وهنأ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كافة الدول التي صوتت لصالح القرار، مشيرا إلى أن الأمم المتحدة أظهرت عدم شرعية الخطوة الأميركية بشأن القدس أمام الرأي العام العالمي.
وفي إيران، قال وزير الخارجية محمد جواد ظريف إن «القرار رفض واضح لعمليات التخويف التي أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب».
وطالبت إندونيسيا جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة احترام نتيجة التصويت لصالح القدس، وأشارت إلى أن تبني القرار الأممي أظهر أن غالبية العالم يساندون القضية الفلسطينية.
كما ثمّن الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي يوسف بن أحمد العثيمين المواقف المبدئية للأغلبية الساحقة من دول العالم، واعتبر أنها وقفت إلى جانب الحق وسيادة القانون الدولي، واتحدت من أجل تحقيق السلام العادل والشامل استنادا إلى رؤية حل الدولتين وقرارات الشرعية.
إشادة فلسطينية وعربية
عربيا، رحبت جامعة الدول العربية بالقرار، وقالت في بيان إنه يأتي «تأكيدا للحق العربي الفلسطيني بالقدس، فضلا عن إبطاله أي أثر للقرار الأميركي» أما فلسطينيا، فقد أشادت الرئاسة الفلسطينية بموقف المجتمع الدولي الذي لم يذعن لتهديدات ترامب بقطع المساعدات عن الدول المؤيدة لذلك القرار، وقال المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة إن القرار «يؤكد مجددا وقوف المجتمع الدولي إلى جانب الحق الفلسطيني»، وتوجه بـ «الشكر لكل الدول التي دعمت القرار وعبرت عن إرادة سياسية حرة رغم كل الضغوط التي مورست عليها».
كما اعتبر رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية أن القرار «انتصار للحق والعدل والتاريخ»، وأن الدول التي دعمته «عكست إرادة الشعوب الحرة في رفض الهيمنة الأميركية ومنهج البلطجة السياسية».
من جانبه، وصف الرئيس السابق للحركة خالد مشعل الرفض الواسع في الأمم المتحدة لقرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأنه صفعة قوية من المجتمع الدولي للإدارة الأميركية.
نصّ القرار الذي إنتصر للقدس
صوّتت الجمعية العامة للأمم المتحدة مساء الخميس، بأغلبية لصالح القرار رقم a/es-10/L.22 الذي يطالب الجميع بعدم تغيير طابع مدينة القدس الشريف أو مركزها أو تركيبتها الديمغرافية، ويؤكد أن أي قرار ينص على ذلك هو لاغ وباطل وليس له أي أثر قانوني، ما اعتبر صفعة لقرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
القرار-الذي قدمت مشروعه تركيا واليمن باسم المجموعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي- اعتبر رسالة إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب برفض إعلانه القدس عاصمة لإسرائيل، ولتهديده بمعاقبة الدول التي تصوت لصالح القرار عبر قطع المساعدات المالية عنها.
وقد انعقدت الجلسة الطارئة وفق القرار 377 لعام 1950 المعروف بقرار «الاتحاد من أجل السلام». وعقدت الجمعية العامة عشر جلسات فقط من هذا النوع طوال تاريخها.
نص القرار:
إن الجمعية العامة، بتأكيدها على قراراتها ذات الصلة، بما فيها القرار « »، الصادر في 30 نوفمبر 2017 بشأن القدس، وبتأكيدها على قراراتها ذات الصلة، بما فيها القرارات 242 (1967)، و252 (1968)، و267 (1969)، و298 (1971)، و338 (1973)، و446 (1979)، و465 (1980)، و476 (1980)، و478 (1980)، و2334 (2016).
وإذ تسترشد بمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وإذ تؤكد مجددا جملة أمور، منها عدم جواز الاستيلاء على الأراضي بالقوة.
وإذ تضع في اعتبارها المركز الخاص الذي تتمتع به مدينة القدس الشريف، ولا سيما الحاجة إلى حماية البعد الروحي والديني والثقافي الفريد للمدينة والحفاظ عليه، على النحو المتوخى في قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.
وإذ تشدد على أن القدس تشكل إحدى قضايا الوضع النهائي التي ينبغي حلها من خلال المفاوضات، تمشيا مع قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.
وإذ تعرب في هذا الصدد عن بالغ أسفها إزاء القرارات الأخيرة المتعلقة بوضع القدس.
فإنها:
1 - تؤكد أن أي قرارات وإجراءات تهدف إلى تغيير طابع مدينة القدس الشريف أو مركزها أو تركيبتها الديمغرافية ليس لها أي أثر قانوني، وأنها لاغية وباطلة، ويجب إلغاؤها امتثالا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وتدعو في هذا الصدد جميع الدول إلى الامتناع عن إنشاء بعثات دبلوماسية في مدينة القدس الشريف، عملا بقرار مجلس الأمن 478 (1980).
2- تطالب جميع الدول بالامتثال لقرارات مجلس الأمن المتعلقة بمدينة القدس الشريف، وبعدم الاعتراف بأية إجراءات أو تدابير مخالفة لتلك القرارات.
3- تكرر دعوتها إلى تكثيف وتسريع وتيرة الجهود وأنشطة الدعم على الصعيدين الدولي والإقليمي من أجل تحقيق سلام شامل وعادل ودائم في الشرق الأوسط دون تأخير على أساس قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، ومرجعيات مدريد، بما في ذلك مبدأ الأرض مقابل السلام، ومبادرة السلام العربية، وخريطة الطريق التي وضعتها المجموعة الرباعية، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي الذي بدأ عام 1967.