يأتي قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنقل سفارة بلاده لدى الكيان الصهيوني من تل أبيب إلى القدس، كاستجابة لقرار الكونغرس الأمريكي سنة 1995 ، إلا أن الرؤساء السابقين لم ينفذوا القرار واعتمدوا المماطلة والتأجيل وعيا منهم بأن القدس هي جوهر القضية الفلسطينية، ومن الممكن أن تفجّر انتفاضة ثالثة ، وغضبا شعبيا عربيا وإسلاميا غير محمود العواقب.
كما يأتي وسط متاعب يعانيها ترامب و نتنياهو ،حيث تعرف الولايات المتحدة انتقادات لاذعة لإدارة ترامب، ومتابعة مسؤولي حملته الانتخابية قضائيا بسبب تورطهم في تسريب معلومات لصالح روسيا، و مزاعم بتدخل هذه الأخيرة في الرئاسيات ، و اتهامها باختراق أنظمة المعلومات الأمريكية .
بدوره يعرف رئيس الوزراء الإسرائيلي بن يامين نتنياهو ضغطا إعلاميا كونه متورط في قضايا فساد، وبالتالي يحتاج الرئيسان إلى توجيه أنظار الرأي العام الداخلي لبلديهما الى القضية الفلسطينية لتخفيف الضغط عليهما.
لماذا اختار ترامب الإعلان عن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس في هذا الوقت تحديدا ؟
اختيار ترامب هذا التوقيت بالذات لإعلان نقل سفارة بلاده نحو القدس لم يأت من فراغ، بل جاء في سياق عربي سياسي مضطرب ومأزوم، وهذا نتيجة التشرذم العربي وفرقة الصف بين الإخوة الأعداء، كالتدخل العسكري في اليمن و الحرب في سوريا و الأزمة في ليبيا، و تنامي الخطر الإرهابي ، كل هذه الأوضاع تعد فرصة سانحة لإعلان القدس عاصمة لإسرائيل، وبالتالي تحقيق وعد بلفور بعد مائة سنة من إعلانه، خصوصا أن ترامب ونظرا لقلة تجربته في السياسة الخارجية يفكر في حل للقضية الفلسطينية خارج إطار الشرعية الدولية، وذلك عن طريق تجسيد «صفقة القرن» والتي تتمثل في إرضاخ الفلسطينيين وترحيلهم إلى سيناء وتأسيس حكم ذاتي.
غير أن المواقف العربية والأوروبية والدولية غير راضية ومستنكرة ومستهجنة لفكرة نقل السفارة، وهي تحذر من تفجير الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، وامتداد موجات الغضب الشعبية إلى جميع الدول العربية والإسلامية، كون «القدس هي خط أحمر بالنسبة للمسلمين».
موقف الجزائر حكومة وشعبا من دعم القضية الفلسطينية لازال ثابتا ما تعليقك ؟
يعتبر موقف الجزائر من القرار الأمريكي المنحاز للكيان الصهيوني، موقفا ثابتا نابعا من مبادئ السياسة الخارجية الجزائرية التي تقر بحق الشعوب في تقرير مصيرها، ومساندتها للقضية الفلسطينية كونها قضية عادلة، فحتى قبل إعلان قيام الدولة الفلسطينية في الجزائر في 15 نوفمبر 1988، لم تتراجع الجزائر عن مواقفها ودعمها الكلي للقضية الفلسطينية وفي جميع الظروف، وحتى في ظل العشرية السوداء أين كانت تواجه مصاعب أمنية واقتصادية. كانت ولازالت وستبقى الجزائر تطالب بتطبيق قرارات الشرعية الدولية والمبادرة العربية المتمثلة في حق الفلسطينيين في تأسيس دولتهم وعاصمتها القدس الشرقية في حدود 1967، مع حل عادل لقضية اللاجئين، حتى يتمكن الفلسطينيون من العيش في كرامة مثل بقية شعوب العالم.