عرفت مدينة الحسيمة وصول تعزيزات أمنية وعسكرية بدأت في الإنتشار داخلها أو بمداخلها وعلى مشارفها، كما بالبوادي القريبة والمحاذية لها. ففي الوقت الذي كانت فيه الحسيمة ومنذ حوالي شهر تعيش وضعا عاديا، بإزالة حواجز التفتيش وجلاء القوات الأمنية من ساحة محمد السادس، والساحة المحاذية للمعهد الإسباني، وتوارت عن الأنظار في بعض الشوارع غير الرئيسية، سجلت المدينة وصول تعزيزات جديدة من الأمن والسيارات المصفحة المستعملة في مكافحة الشغب، والتي أخذت مكانها في الأماكن المذكورة، معيدة المدينة للحالة التي كانت عليها قبيل اندلاع حملة الاعتقالات والقمع التي تلت اعتقال ناصر الزفزافي، والعديد من نشطاء الحراك أي قبل مسيرة 20 جويلية الماضي.
من جهة أخرى، تم إعادة الحواجز الأمنية التي كانت بمدخل مدن الحسيمة وإمزورن وبني بوعياش، بالتزامن مع دعوة عديد النشطاء بالحسيمة، كما بالخارج، للخروج للتظاهر وتخليد الذكرى الأولى لوفاة سماك الحسيمة «محسن فكري»، الذي قضى يوم 28 أكتوبر الماضي، طحنا داخل حاوية نفايات للأسماك، عندما كان يحول دون إتلاف بضاعته من سمك «أبوسيف»، التي حجزتها السلطات، وبالتزامن كذلك مع اغتيال «كمال الحساني» المعطل المتحدر من بني بوعياش، حيث كانت جمعية المعطلين بكل فروعها الإقليمية قد دعت إلى تخليد ذكراه بمسيرة احتجاجية الجمعة.
من جهة أخرى تعرف كل أحياء مدينة الحسيمة، كما بمدينتي إمزورن وبني بوعياش، انتشارا غير مسبوق للقوات الأمنية بكل تلاوينها، وبزيها الرسمي والمدني. كما تعرف مدن الإقليم انتشارا لنقط التفتيش تحسبا لاعتراض مسيرات مبرمجة تتجه من النواحي صوب الحسيمة، وذلك في الوقت التي بدأت فيه الحواجز الأمنية بمداخل مدن الإقليم تضيق الخناق على الوافدين للمدن المذكورة، والتدقيق في هوياتهم، وسؤالهم حول وجهتهم والغرض من زيارتهم للمنطقة في هذه اللحظة بالذات. وبحسب مصدر، فإن الغرض من ذلك هو ثني الوافدين الذين يصلون للمنطقة بالعودة والاتجاه لوجهات أخرى، لضمان عدم مشاركهم في تخليد هذه الذكرى.
هذا وقد حل والي جهة طنجة تطوان الحسيمة محمد اليعقوبي بمدينة الحسيمة، ولوحظ وهو يجوب المدينة والإقليم مصحوبا بموكب كبير من السيارات، المحملة بالمسؤولين عن مشاريع منارة المتوسط (مشروع التنمية المجالية لإقليم الحسيمة).
وكانت السلطات الإقليمية بالحسيمة قد قررت «منع كل المظاهرات بالأماكن العمومية يومي 27 و28 أكتوبر الجاري، وذلك في أعقاب نداءات عبر وسائل التواصل الاجتماعي تدعو للتظاهر».
ونقلت مصادر إعلامية عن سعاد الشيخي، عضو سابق بالبرلمان عن حزب العدالة والتنمية وعضو المجلس الجماعي بالحسيمة، أن حراك الريف الذي اندلع بسبب «التهميش الاقتصادي والسياسي والتاريخي» للمنطقة لم تظهر نتائجه الإيجابية بعد، بل بالعكس إذ تأزم أكثر، خاصة وأن المئات من النشطاء موجودون حاليا وراء القضبان.
وطالبت الفاعلة السياسية بإسقاط جميع التهم عن معتقلي الحراك والإفراج عنهم وأوردت أن «المنطقة وخلافا لما يتم الترويج له فإنها تعيش على وقع أزمة حقيقية».
من جهته اعتبر مصطفى علاشي رئيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالحسيمة، أن «جميع مظاهر العسكرة التي طالب نشطاء الحراك برفعها عن الإقليم لازالت مستمرة».