تقريــر المصـــــير غـير قابــل للمساومــة
انتصرت قمة مابوتو لعدالة القضية الصحراوية بفضل تماسك الاتحاد الإفريقي، وحفاظه على مبادئه وميثاقه، بل صفع سياسة التطفل التي أعلنها ملك المغرب في خطابه الأخير تحت يافطة تنمية إفريقيا , غير أن الأسباب والدوافع وراء فشل محاولاته الأخيرة لا تخفى على أحد، فيما الذرائع تبدو أكثر مدعاة لـتأكيد المؤكد، بما فيها الحجة المثيرة للسخرية حول مقايضات في الاقتصاد المغربي ، التي جاءت أقبح من الذنب ذاته، حين افترض المتسول أنه يتكئ على رصيد يسمح له بأن يزعزع استقرار إفريقيا القارة العتيدة التي خرجت بالأمس من بين براثين التمزق والاقتتال فضلا عن الجهل والتخلف، فها هو المغرب بحمولته الاستعمارية وعمالته التقليدية لأعداء القارة يحاول إعادتها الى مرابط تلك الأزمات.
من دكار مرورا بكيغالي الى مابوتو، ثلاثة محطات كانت كافية لتؤكد أن انضمام المملكة المغربية الى الاتحاد الإفريقي، لم يكن بحسب ما يدعيه ملك الرباط محمد السادس من تنمية ووحدة وقوة، بل انكشف القناع، وخف وزن تلك الدعاية، وتلاشت القراءة الطويلة والمتمعنة للمفردات والمصطلحات والأفكار المشكلة لسياسة زرع التوتر التي خطط لها المغرب في غرف عمليات مشتركة بينه وبين معاونيه ومرشديه للتشويش على مكانة الدولة الصحراوية.
عادت في الأخير قمة مابوتو بين الاتحاد الإفريقي بقوة اتحاده، وبين اليابان الذي بدا منجرا وراء المصالح دون المبادئ، بانتصار القضية الصحراوية لتتربع على مكانتها الطبيعية في حضن قارتها، فعندما يزأر الأسد تختفي الثعالب، بل تحاول المشاركة من ثغور القاعة، والمضحك المبكي أن وزير خارجية المملكة المغربية غادر قاعة اللقاء، ثم عاد، وغادر دون أن يعيره أي كان اهتماما، لينحني مجبرا أمام حقيقة الدولة الصحراوية عامل توازن واستقرار في القارة الإفريقية .
ووفقا لهذه المعطيات، وبما أن الأمور بخواتمها كما يقولون، وعند استقراء نتائج قمة مابوتو بين الاتحاد الإفريقي واليابان، فان المملكة المغربية تحركت بفعل هزة سياسية تضرب مفاصلها جراء مكانة الدولة الصحراوية كحقيقة تحظى باحترام القارة الإفريقية وبكونها عضو مؤسس للاتحاد الإفريقي، بل هي التي قذفت به على شاطئ الاستجداء، ليطرق أبواب العديد من المحاولات اليائسة ممتهنا التسول والنفاق والتملق عسى أن يسجل نقطة أو جزءا منها يعيد اليه جرعة أكسجين اثر التضييق الذي طاله وحاصر سياسة نظامه المبنية على الاحتلال والتوسع. في المقابل تعززت القضية الصحراوية العادلة بقوة الموقف الإفريقي الموحد حولها والذي يجب أن يضع له كل الشركاء مستقبلا ألف حساب، وتعززت بتكريس مكانتها وفرض احترامها وتوسيع دائرة دعمها القاضي باحترام الشرعية الدولية والإقرار بحق الشعب الصحراوي في الحرية والاستقلال.
عجرفة تنتهي بإحباط ويأس
ان موقف الاتحاد الافريقي الصارم من اجل مشاركة الجمهورية الصحراوية في الاجتماع الوزاري للشراكة الافريقية اليابانية، دفع بالطرف المغربي الى الاحباط والياس اللذان دفعاه الى استعمال العنف الجسدي واللفظي في مواجهته مع الوفد الصحراوي الامر الذي دفع المنظمين الى اخراج وزير الخارجية المغربي بالقوة ومنعه من الدخول.
وقع هذا بعد مرور ثمانية اشهر فقط على انضمام المغرب الى الاتحاد الافريقي في جانفي 2017 حيث كانت استراتيجيته تهدف الى تغيير قرارات الاتحاد الافريقي ذات الصلة بالقضية الصحراوية والتحضير لمحاولات لطرد الجمهورية الصحراوية و كان مآلها الفشل مسبقا بعد الاجماع الافريقي الذي تاكد وتعزز بمابوتو .
عجز المغرب عن افشال الاجتماع بكل الوسائل بما فيها الاعتداء الجسدي على الوفد الصحراوي ، يثبت تمسك دول الاتحاد الافريقي بمبادئ القارة وعدم الرضوخ لأي مساومة أو ضغط سياسي كان أو اقتصادي .
تجدر الاشارة ان الاجتماع قد حضرته الدول الاوروبية والصين وروسيا والسلك الدبلوماسي والمجموعات الاقتصادية الاقليمية والصحافة الدولية والشركات الخاصة اليابانية والقطاع الخاص الافريقي والمجتمع المدني بالاضافة الى خبراء دوليين في التنمية .
صفعة وعزلة
توقفت جريدة الساحي اليابانية التي تعتبر ثاني اكبر جريدة في البلاد، عند فشل المغرب في عرقلة اجتماعات اشغال المنتدى السادس للشراكة بين الاتحاد الافريقي و اليابان (تيكاد) على مستوى كبار المسؤولين بسبب تمسك و اصرار الطرف الافريقي بمشاركة جميع دوله الاعضاء و خاصة الجمهورية الصحراوية.
اوضحت الجريدة ان الجمهورية الصحراوية تعتبر عضوا بالاتحاد الافريقي، معرجة على النزاع الصحراوي المغربي منذ 1976، وان القضية مطروحة امام الامم المتحدة في انتظار الوصول الى ايجاد حل لها ، و نقلت الجريدة تصريحا للسفير الصحراوي لدى الموزمبيق السيد “ودادي الشيخ احمد الهيبة” الذي عبر عن الاستغراب من المحاولات المغربية لمنع وفد الجمهورية الصحراوية من الدخول الى قاعة الاجتماعات رغم الموقف الافريقي الموحد حول ضرورة المشاركة الصحراوية. اضافت الجريدة ان عضو الوفد الصحراوي السيد ودادي الشيخ احمد الهيبة تعرض للضرب من بعض اعضاء الوفد المغربي، و هذا الموقف وضع البلد المضيف في حرج بالغ جدا .
ذكرت الجريدة اليابانية ان تعليمات سياسية يابانية عليا اعطيت و ان وزير الخارجية الياباني وافق على مشاركة جميع الدول الاعضاء بالاتحاد الافريقي بما في ذلك الجمهورية الصحراوية، الامر الذي جعل الاجتماع ينعقد اخيرا على مستوى الوزراء.
بدورها عادت صحفية اساشي اليابانية الى ماحدث في الموزمبيق، حيث أوردت ان مشادات وقعت عند مدخل قاعة المؤتمر بعد محاولة المغرب منع الوفد الصحراوي العضو في الاتحاد الافريقي من المشاركة في اشغال القمة. اضافت الصحيفة أنه كان من المقرر بدء حفل الافتتاح في وقت محدد، ولكن أمام مدخل المكان، حاول الوفد المغربي منع مسؤولين من الصحراء الغربية. وتم تاخير حفل الافتتاح لساعتين ونصف.
تحدثت الصحيفة عن الخلفية التاريخية لنزاع الصحراء الغربية، كما نقلت عن مسؤول ياباني قوله أن اليابان مدعوة الى التكيف مع موقف الجانب الأفريقي فيما يتعلق بقضية الصحراء الغربية. هذا ثمن ولد السالك المواقف الافريقية الداعمة لكفاح الشعب الصحراوي و قضيته العادلة و تمسك جميع الدول الاعضاء بمقررات و لوائح الاتحاد الافريقي الامر الذي انعكس ايجابا في اجتماع الدول الاعضاء حيث وجد المغرب نفسه وحيدا في عزلة خانقة.
