بعد ثمانية أشهر من الاحتجاجات

لهيب حراك الحسيمة يزداد استعارا والمغرب في قفص الاتهام

دخلت حركة الاحتجاجات الشعبية في منطقة الريف بالمملكة المغربية شهرها الثامن بينما المؤشرات لا تنذر بعودة الوضع إلى الهدوء، فانتفاضة الشارع التي بدأت بعد مقتل بائع السمك محسن فكري سحقا في شاحنة لجمع النفايات في 28 أكتوبر الماضي والتي تحولت بسرعة إلى حركة ذات طابع اجتماعي وسياسي، زاد حجمها رغم تدخل الملك محمد السادس.
منذ بداية الحركة الاحتجاجية في الحسيمة التي عرفت لاحقا باسم «الحراك» تم التركيز على سلمية المسيرات، وقام قادة الحراك، وأبرزهم ناصر الزفزافي، بالإشراف على مسيرات سلمية كمسيرة «الشموع والورد» في نوفمبر 2016 ومسيرة «الأكفان» في أفريل 2017.
وألحّ الزفزافي على سلمية الحراك معتبرا إيّاه السلاح الذي «زعزع أركان هذا «المخزن» الغاشم (في إشارة إلى الدولة وسلطاتها)» في بث مباشر على صفحته عبر موقع «فيس بوك».
لكن المعالجة البوليسية والقمعية لأزمة الريف من طرف السلطات، واعتمادها سياسة القمع والاعتقالات التي طالت عشراء الناشطين، زادت من تأجيج الوضع وإلهاب الشوارع.
فقد ألقي القبض على الزفزافي وعدد كبير من الناشطين في الحراك (تجاوز العدد 40 شخصا). ووجهت إليهم تهمة المس بالسلامة الداخلية للدولة وأفعال أخرى تشكل جرائم بمقتضى القانون. بموازاة ذلك، ارتفعت وتيرة الاحتجاجات وباتت تشهد صدامات يومية بين الشرطة والمحتجين.
وأفاد فيصل أوسر، عضو الفرع المحلي للجمعية المغربية لحقوق الأنسان، بأن الشرطة وقوات الدرك منعوا الدخول إلى منطقة الحسيمة من عدة اتجاهات بالإضافة إلى استعمالهم الغاز المسيل للدموع والهراوات والعنف المفرط في التعامل مع المتظاهرين. وألقت الشرطة القبض على أكثر من مئة متظاهر حتى الآن.
من جهتها، نددت منظمة العفو الدولية في بيان لها حول الأحداث بأسلوب السلطات في عقاب المحتجين من خلال الاعتقالات الجماعية وعدم احترام السلطات لحرية التعبير والتجمع وكذلك بتلفيق التهم للناشطين السلميين بسبب مشاركتهم في الحراك.
واعتبر محللون سياسيون أن الصدامات «مؤشر عن قرار السلطة بالتصعيد في المواجهة مما يدل على غياب أي حل سياسي»، مشيرين إلى أن المجلس الوزاري الذي عقد في 25 جوان لم يخرج بمقاربة سياسية للعلاج تبدأ بإطلاق سراح المعتقلين وإقالة المسؤولين عن أحداث العنف ومحاسبتهم بالإضافة إلى إطلاق المشاريع التنموية التي طالب بها المحتجون منذ اليوم الأول للحراك. وقالوا إن التصعيد الأمني سيزيد الأمور تعقيدا.
 هذا وتعد الحسيمة من أهم الحواضر التي تم تأسيسها في القرن العشرين، إلا أنها اكتسبت رمزيتها التاريخية في الذاكرة الريفية والمغربية على العموم لكونها إحدى أهم المراكز العسكرية في حرب الريف. وبعد انتصار المقاومة الريفية بقيادة عبد الكريم الخطابي على المستعمر الإسباني، أعلنت جمهورية الريف بين عامي 1921-1926.
وغالبا ما يشتكي سكان إقليم الحسيمة، كما باقي مناطق الشمال المغربي، من تهميش اقتصادي واجتماعي، ما أدى إلى تحويل الريف إلى بؤرة احتجاجات سياسية شهدت انتفاضة أولى في أكتوبر 1958 وانتفاضة ثانية عرفت بانتفاضة الجوع في جانفي 1984.
وفي فيفري 2004 ضرب زلزال عنيف منطقة الحسيمة مخلفا وراءه خسائر بشرية واقتصادية وعمرانية، لم تتعاف منها المنطقة حتى يومنا هذا.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024