بعد أن توسّعت رقعة الاحتجاجات و باتت تهدّد أمن واستقرار المملكة، وبعد أن أصبحت الانتقادات الدولية تحاصر العرش لتعاطيه العنيف والبوليسي مع «حراك الحسيمة «، تحرّك الملك المغربي أخيرا في محاولة لتطويق الازمة التي تمخّضت عن مصرع بائع السمك محسن فكري قبل سبعة أشهر طحنا داخل شاحنة نفايات والتي أدخلت البلاد في مأزق أمني و سياسي عنيف زادته المعالجة البوليسية و حملات الاعتقال والتعذيب تصعيدا وانسدادا.
في السياق، أعرب العاهل المغربي محمد السادس خلال ترأسه مجلسا وزاريا داخل القصر الملكي في الدار البيضاء عن استيائه وقلقه لعدم تنفيذ المشاريع التنموية في الحسيمة شمالي البلاد في وقتها المحدد.
وجاء في بلاغ ملكي رسمي تلاه الناطق باسم القصر الملكي أمس الاول أن الملك أصدر تعليماته لوزيري الداخلية والمالية من أجل «قيام كل من المفتشية العامة للإدارة الترابية في وزارة الداخلية والمفتشية العامة للمالية، بالأبحاث والتحريات اللازمة بشأن عدم تنفيذ المشاريع المبرمجة، وتحديد المسؤوليات، ورفع تقرير بهذا الشأن، في أقرب الآجال».
شدد العاهل المغربي بحسب البلاغ، على «ضرورة تجنب تسييس المشاريع الاجتماعية والتنموية التي يتم إنجازها، أو استغلالها لأغراض ضيقة».
تابع البلاغ أنّ الملك قرّر أيضا «عدم الترخيص للوزراء المعنيين بالاستفادة من العطلة السنوية» من أجل دفعهم إلى «السرعة والاهتمام بمتابعة سير أعمال المشاريع المذكورة».
هذا ويشهد إقليم الحسيمة في منطقة الريف شمالي المغرب احتجاجات و مظاهرات منذ مصرع بائع سمك سحقا في 28 أكتوبر 2016، واتخذت التظاهرات مع الوقت طابعا اجتماعيا وسياسيا للمطالبة بالتنمية في المنطقة المهمشة.
فشلت الحكومة المغربية في احتواء الاستياء الشعبي المتواصل رغم بعض الاجراءات الترقيعية التي اتخدتها و المتعلقة بتنمية اقتصاد المنطقة، وضاعفت الوفود الوزارية التي ارسلتها لتهدئة الاجواء من حدة الغضب، خاصة بعد ان واجه الحراك بحملات قمع واعتقالات طالت العديد من النشطاء الذين سلّطت عليهم أحكام جائرة بالسجن، رغم أن حركتهم مشروعة و سلمية و بعيدة كلّ البعد عما تروجه السلطات من أنها مربوطة بدوافع انفصالية و بجهات خارجية.
المغرب يستدعي سفيره بهولندا
استدعى المغرب سفيره في لاهاي للتشاور بعدما اتهم السلطات الهولندية بالتقاعس عن اتخاذ إجراء ضد مغربي مقيم في هولندا يقول إنه يمول اضطرابات مدنية، واعتبرت لاهاي أن الخطوة المغربية غير مفهومة.
قال وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة إن الرجل يدعى سعيد شعو (50 عاما) من منطقة الريف حيث الاحتجاجات، وقد أصدرت محكمة مغربية مذكرتي اعتقال بحقه في 2010 و2015 بتهم «جرائم تكوين عصابة إجرامية والرشوة والتجارة الدولية في المخدرات».
لم يتهم بيان الخارجية المغربية شعو بشكل مباشر بتنظيم الاحتجاجات التي جرت في الآونة الأخيرة بشمال البلاد، لكنه أشار إلى أنه شارك في دعم الاضطرابات بمنطقة الريف.
قال واحد ضمن أكثر من ثلاثمئة محام يدافعون عن نشطاء الحراك الشعبي الذين احتجزوا أو سجنوا إن شعو لا تربطه أي علاقة بالحراك.
وردا على الإجراء المغربي قالت وزارات الخارجية والأمن والعدل الهولندية في بيان مشترك على مواقعها الإلكترونية إن استدعاء السفير «غير مفهوم وغير ضروري».
قبل يوم من استدعاء المغرب سفيره في هولندا بث شعو على صفحته بموقع فيسبوك فيديو مباشرا لمدة ساعتين تقريبا حصد أكثر من 120 ألف مشاهدة انتقد فيه طريقة تعامل السلطات المغربية مع الاحتجاجات التي تشهدها منطقة الريف.