تحتضن العاصمة الإيطالية روما، اليوم، قمة تاريخية تجمع قادة الإتحاد الأوروبي لبحث ملفات جد حساسة، أبرزها مستقبل الوحدة الاوروبية والهجرة والإرهاب. تقعد هذه القمة التي تحمل شعار «أوروبا هي مستقبلنا المشترك» بالتزامن مع الذكرى الـ60 على إعلان روما المؤسس للإتحاد الأوروبي وذلك وسط ظرف اقليمي ودولي بالغ الصعوبة تطبعه التحديات التي تواجه وحدة الدول الأوروبية وعلى رأسها خروج بريطانيا والهجرة والإرهاب وهي المواضيع التي ستكون في صلب أجندة القمة.
تأتي هذه القمة بعد نحو يومين من الاعتداء الذي وقع يوم الأربعاء قرب مبنى البرلمان البريطاني وسط لندن مخلفا 4 قتلى وعشرات الجرحى الأمر الذي دفع وزارة الداخلية الإيطالية إلى تكثيف التدابير الأمنية، حيث أكد وزير الخارجية الإيطالي ماركو مينيتي أن «المزيد من رجال الأمن سينتشرون في المناطق التي تتجمع بها حشود كبيرة خلال الاجتماع، فضلا عن المواقع السياحية التي تزدحم عادة بالزوار».
كانت إيطاليا قد رفعت مستوى التأهب الأمني إلى الدرجة الثانية وهي الأعلى في غياب أي هجوم قائم بالفعل وكان مقررا نشر حوالي 3 آلاف رجل شرطة في العاصمة، خلال الاجتماع لكن هذا العدد قد يرتفع إلى 5 آلاف في أعقاب الهجوم على لندن.
يشار إلى أن معاهدة روما (1957) تعد نواة التكتل الاقتصادي الأوروبي، حيث تم بموجبها تأسيس المجموعة الأوروبية الاقتصادية الأولى التي نصت على إنشاء سوق أوروبية مشتركة حتى يتم الاستفادة من المنتجات الأوروبية وخلق تكتل إقتصادي وسياسي مندمج بين الدول الأوروبية قبل أن تتحول إلى ما يعرف حاليا بالاتحاد الأوروبي.
قضايا مصيرية
تأتي هذه القمة في ظل تحديات جمّة يواجهها التكتل الاوروبي لاسيما منها تنامي النزاعات الانفصالية من طرف الحركات الشعبوية المناهضة للإندماج الأوروبي الكامل وهي النزاعات التي تأجّجت في عدد من الدول الأوروبية، مثل هولندا وفرنسا خاصة بعد تصويت البريطانيين لصالح الخروج من الإتحاد.
بهذا الخصوص قال رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر أنه « لم يعد من الممكن أن نتصور أننا سنكون قادرين جميعا على أن نفعل الشيء نفسه معا «في إشارة إلى إمكانية التخلي عن برامج العمل المشترك في بعض القطاعات، نظرا للتفاوت الاقتصادي بين الدول.
من المنتظر أن تسفر قمة روما المقبلة عن إعلان مماثل لإعلان روما الصادر منذ 60 سنة حيث يحمل مشروع هذه الوثيقة التي ستخضع لنقاش مستفيض «إلزام الدول الأعضاء بالعمل الجاد لكي يكون الاتحاد الأوروبي أقوى وأكثر صلابة عبر تشديد وتمتين الوحدة وتوثيق التضامن بين الأعضاء»، بحسب ما أوردته مصادر إعلامية.
كما يركز مشروع الإعلان على فكرة العمل على قيام أوروبا «بوتيرات متفاوتة» وهي فكرة تتيح للدول الأوروبية التعاون في بعض المجالات من دون أن تتشارك جميع الدول فيها بشكل إلزامي لاسيما في مجالات الأمن والدفاع والاقتصاد والنقد على غرار منطقة اليورو التي لا تشمل كافة الدول.
حول هذه السياسية قال زعيم حزب القانون والعدالة القومي الحاكم في بولندا ياروسلاف كاتشينسكي، إن «ذلك يعني أن المال سيتركز في الغرب بما يخلق حالة من عدم العدالة بين دول القارة. حول أزمة الهجرة التي تعاني منها أوروبا تعرض بعد الدول الأوروبية فكرة غلق الحدود أمام المهاجرين حيث شدد وزير الخارجية الإيطالي انجلينو ألفانو، إن إغلاق حدود الإتحاد الأوروبي لن يوفر أمانا أكبر لدوله الأعضاء، قائلا: « إن ما ينادي به أولئك الذين يدعون السيادة، من إغلاق الحدود وخروج من الاتحاد الأوروبي وترك اليورو، لن يجعلنا أكثر أمانا وثراء، بل أعتقد أن ما سيحدث هوالعكس تماما»، موضحا أنه «إذا أقمنا الحواجز وفصلنا بين الدول الأوروبية المختلفة، فلن نقوم بأي تبادل للمعلومات الأمنية، وهذا يوضح كيف أن الاتحاد الأوروبي يعد فائدة من ناحية الأمن ومكافحة الإرهاب.