لازال الوضع الذي تعيشه منطقة الهلال النفطي الليبية والظروف الأمنية الجارية هناك، تثير قلقا داخليا ودوليا ومخاوف من وقع ذلك على مجمل الوضع بليبيا، بالنظر إلى أهمية المنطقة التي تحوي على 80٪ من احتياطي نفط ليبيا، الذي يعتمد عليه اقتصاد البلاد ومعيشة سكانه.
كما يهدد مثل هذا التصعيد، المساعي والجهود الرامية لتحقيق مصالحة وطنية شاملة وتسوية سياسية للأزمة التي تضرب البلاد منذ 6 سنوات.
ففي ظل استمرار الاقتتال في منطقة الهلال النفطي، الذي جاء وفق المتتبعين «ليغذي الأزمة» التي تعيشها ليبيا وليخلق بؤرة أخرى للصراع، أبناء ليبيا في غنى عنه، تعالت الأصوات المطالبة بـ «ضرورة تجنيب المنطقة مزيدا من التوتر وتجنب الاحتكام إلى السلاح»، مع التأكيد على أن الحل الوحيد بين أبناء الوطن الواحد هو الحوار وبمشاركة الجميع دون إقصاء وفي إطار الحل السياسي المطروح ضمن الاتفاق السياسي.
المجلس الرئاسي ينأى بنفسه ويدين
في ردّ فعل له، نبّه المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية، في بيان له، تعقيبا على ما يجري بمنطقة الهلال النفطي، أن «النفط ثروة الليبيين جميعا وهو مصدر رزقهم الوحيد ولابد أن يخرج من دائرة الصراع بمختلف مسمياته وأشكاله وأن لا تكون مناطقه ساحة له».
وأدان المجلس بقوة، هذا التصعيد الخطير الذي قال إنه «يتزامن بطريقة مشبوهة مع ما يبذله من جهود مكثفة على مستويات داخلية وإقليمية ودولية لتحقيق المصالحة الوطنية وتوحيد الصف لتجاوز بلادنا ما تمر به من محنة».
وأكد أنه لا علاقة للمجلس الرئاسي بالتصعيد العسكري في منطقة الهلال النفطي، ويؤكد بأنه «لم يصدر عنه أي تعليمات أو أوامر لأيّ قوة بالتحرك نحو المنطقة».
ووجهت وزارة الدفاع بحكومة الوفاق الوطني، دعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار في المنطقة.
من جهتها حذرت الأمم المتحدة، على لسان مبعوثها إلى ليبيا، مارتن كوبلر، من «التهديد الخطير» الذي يشكله الاقتتال بمنطقة الهلال النفطي على مصدر معيشة الملايين من الليبيين ودعت إلى ضبط النفس لمنع المزيد من التصعيد، والعمل على حماية المدنيين والمنشآت النفطية في ليبيا.
وكانت قوات تابعة لما يسمى بـ «سرايا الدفاع عن بنغازي»، قد شنت، صباح الجمعة، هجوما على منطقة الهلال النفطي، التي تضم مناطق البريقة وراس لانوف والسدرة وبن جواد والنوفلية، بهدف السيطرة على المنشآت النفطية وفق تقارير ليبية.
وتعتبر منطقة الهلال النفطي الحوض الطاقوي الأغنى في ليبيا وتمتد على طول 250 كيلومتر إلى الشرق، حيث يحتوي ما يعرف بحوض سرت على نحو ثمانين من المئة من إجمالي احتياطي النفط الليبي.
نداءات إلى ضبط النفس وتجنب التصعيد
موازاة مع هذه التطورات، دعا حزب «العدالة والبناء» الليبي، إلى ضرورة تجنيب منطقة الهلال النفطي الصراع وتسليمها لحرس المنشآت النفطية التابع للمجلس الرئاسي، على أن يتم تشغيلها من قبل المؤسسة الوطنية للنفط.
وجدد الحزب التأكيد على أنه «لا يمكن لأي طرف في النزاع تحقيق أهدافه بالاحتكام إلى السلاح بل بالحوار وحده».
من جانبها عبّرت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا، عن إدانتها واستنكارها إزاء التصعيد العسكري بالهلال النفطي، الذي قالت إن «من شأنه جر البلاد لحرب أهلية جديدة وتعريض الوحدة الوطنية والاجتماعية والجغرافية لليبيا لخطر التقسيم».
مواصلة الجهود لتحقيق المصالحة
ولخص رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فايز السراج، التحديات التي تواجه العملية السياسية وجهود المجلس لحل الأزمة الليبية، بالتحذير من أن «الوضع لم يعد يحتمل أية مناورات سياسية، وأن البلد يواجه تحديات أمنية معقدة وانتشارا كبيرا للسلاح».
وتعهد المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، من على أكثر من منبر، بمواصلة بذل الجهود من أجل الخروج من الأزمة الراهنة وتحقيق التوافق المطلوب، على أساس ثوابت الاتفاق السياسي الليبي، والذي بموجبه تسلم المجلس الرئاسي مقاليد السلطات التنفيذية باعتباره الحكومة الشرعية الوحيدة في البلاد». كما تعهد بمواصلة الجهود من أجل تعزيز الحوار البناء مع مختلف الأطراف.
نفي تأجيل الدراسة
نفى المكتب الإعلامي بوزارة التعليم في حكومة الوفاق الوطني الليبية، تأجيل الدراسة إلى 12 مارس الجاري، واصفا الأخبار المتعلقة بالتأجيل والتعميم المنشور بهذا الصدد بالشائعات.
وأكد المكتب الإعلامي بالوزارة، أن الدراسة استؤنفت، أمس الأحد، بجميع المدارس العامة والخاصة في كافة المناطق والمدن الليبية.
وكان مصدر إعلامي ببلدية خليج السدرة، ذكر في وقت سابق، أن «الظروف الأمنية بالهلال النفطي دفعت بوقف الدراسة لأسبوع بالمنطقة، ابتداء من أمس، يمس مناطق البريقة والسدرة والعقيلة ورأس لانوف وبن جواد والنوفلية، حتى سرت غربا».