ردود الأفعال الأولية على حكومة يوسف الشاهد التي أعلن عنها السبت، تراوحت بين «الارتياح» و»الرضا» خاصة وأن تركيبتها الموسعة جعلتها تشكيلة جامعة لأغلب ألوان الطيف السياسي والايديولوجي وأيضا النقابي، وهو الأمر الذي يرى كثيرون أنه سيؤثر ايجابا على اللحمة والتضامن داخل الفريق، في انتظار الكشف عن البرنامج والتأكد من نجاعة الأداء، وبالتالي اختبار قدرتها على الأرض، في مواجهة التحديات المعقدة التي تعيشها تونس اليوم.
قراءة أولية في تركيبة الفريق الوزاري الجديد، تبرز أنها جاءت استجابة لمبادرة الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي، التي أعلن عنها في 2 جوان الفارط، التي دعا فيها إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية، تكون قادرة على الخروج بالبلاد من الوضع الصعب الذي تعيشه خاصة في المستوى الاقتصادي.
هنا نجح الرئيس السبسي في توسيع القاعدة السياسية والاجتماعية للحكم، خاصة بعد اشراك المنظمة العمالية، ما يجعلها حكومة قوية سياسيا .
بهذه تكون تونس قد انتقلت من «التوافق» الذي ميز الفترة السابقة، خاصة بين الإسلاميين والعلمانيين، إلى «الوحدة الوطنية» كضرورة وليس كاختيار، لمواجهة أوضاع اجتماعية واقتصادية وأيضا أمنية معقّدة، وسط محيط إقليمي ودولي متحرك ومضطرب.
كما كشفت التركيبة الحكومية عن بداية تحول مهم في الثقافة السياسية وفي العلاقة بالحكم، نحو تحول جوهري في العلاقة بين مكونات المشهد السياسي، فلأول مرة في تاريخ تونس الحديث يتم تشكيل حكومة تجمع اليسار والقوميين والإسلاميين والدساترة من بقايا نظام ما قبل «الثورة»، ما يعني تكسير الحاجز النفسي بين قوى متصارعة، وهي خطوة يمكن أن تكون مقدمة لمصالحة وطنية تقطع إرث الماضي. كما أنها تعبر عن وعي لدى كل هذه الحساسيات بأن الوضع صعب.
واللافت أيضا في التشكيلة الحكومية المعلن عنها، أنها تدعمت بحضور كبير للشباب (14 وزيرا أقل من 36 سنة) وللعنصر النسائي (8 وزيرات)، وهو ما كان قد وعد به رئيس الحكومة المكلف يوسف الشاهد في خطاب التكليف، في إشارة مهمة إلى أهمية المرأة في المشروع التحديثي التونسي، وإلى وجود إرادة سياسية لتشبيب الحياة السياسية والحزبية.
هاجس الاستمرارية في الإدارة والتسيير كان بدوره حاضرا في التشكيلة الحكومية الجديدة، في هذا الإطار تم إعادة تكليف 7 وزراء من حكومة الصيد المستقيلة، خاصة في وزارات مهمة تتعلق بالأمن والخارجية والاقتصاد والتربية.
وهم من الوزراء الذين حولهم إجماع كبير بفضل نجاحات حققوها في مجالاتهم، مثل الهادي مجدوب في الداخلية، وخميس الجهيناوي في الخارجية، وفرحات الحرشاني في الدفاع، وناجي جلول في التربية، وسلمى اللومي في السياحة، ومحمد صالح العرفاوي في التجهيز والبنية التحتية.
خمس أولويات
هذا وقد دعا رئيس الحكومة التونسية المكلف يوسف الشاهد التونسيين إلى الالتفاف حول حكومته الجديدة ودعمها أمام التحديات التي تواجهها البلاد، وحدد لها خمس أولويات رئيسية، وهي كسب المعركة ضد الارهاب، والحرب على الفساد، ودفع نسق النمو، والحفاظ على التوازنات المالية، ومعالجة ملف النظافة والبيئة.
ودعا الشاهد الجميع إلى ضرورة التحلي بروح المسؤولية ووضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار.
ومن المنتظر أن ينعقد البرلمان التونسي اليوم لتحديد تاريخ جلسة عامة مخصصة للتصويت على منح الثقة للحكومة الجديدة .
يذكر أن تونس تشهد الحكومة الثامنة منذ بدء مرحلة الانتقال السياسي في البلاد عقب الإطاحة بحكم الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي عام 2011.