من منطلق اهتمامها بعمقها الاستراتيجي، لم تتردد الجزائرفي عرض وساطتها على دولة مالي بقصد مرافقتها لحلحلة أزماتها، واقرار تسوية تحفظ أمنها ووحدتها.
وتسوية أمس ام تكن الا حلقة في سلسلة وساطات قانت بها الجزائر في مالي في سنوات 1990 و1996 و2006 و2012-2013.
لقد شهدت سنة 1990 أول صدام حقيقي بين قبائل الطواق والجيش النظامي المالي صاحبه إعادة إحياء مشروع دولة الطوارق الكبرى الامر الذي وجدت فيه الجزائر خطرا على أمنها وعلى امن المنطقة، لهذا بادرت إلى تنظيم وعقد قمة رباعية بمدينة جانت في سبتمبر 1990 ضمت كل من الجزائر، ليبيا، مالي والنيجر، نتج عنهااتفاقا يقضي باستبعاد العمل العسكري وتبني الحلول السياسية، والعمل على وضع حد للتهميش الذي يعاني منه الطوارق، وتم إنشاء لجنة دائمة تضم وزراء داخلية الدول المعنية، تتم متابعة أشغال هذه اللجنة من طرف وزراء خارجية هذه الدول الذين يجتمعون مرة كل سنة. ومن منطلق مبدأ حسن الجوار الإيجابي، قامت الجزائر بدور الوسيط الدبلوماسي لحل مشكلة الأزواد منذ 1991 بين الحركة الشعبية لتحرير الأزواد، والجبهة العربية الإسلامية للأزواد من أجل وقف العمليات المسلحة، في نفس الوقت قادت الجزائر دبلوماسية نشطة بين الطوارق وحكومتي مالي والنيجر، واحتضنت في هذا السياق العديد من اللقاءات وعمليات الوساطة مثل: اجتماع الجزائر العاصمة الأول من 29 إلى 30 ديسمبر 1991، واجتماع الجزائر الثاني من 22 إلى 30 جانفي 1994، وكذا الاجتماع الثالث من 15 إلى 25 مارس 1992، ولقاء تمنراست من 16 إلى 20 أفريل 1994، ولقاء الجزائر 10 إلى 15 ماي 1994، ثم جاء لقاء تمنراست من 27 إلى 30 جانفي 1994 الذي توج بالإعلان الرسمي عن تسوية النزاع في شمال مالي بتاريخ 26 مارس 1996.
عاد النزاع ليشتعل في العام 2006 بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية وعودة الجيش النظامي المالي إلى الشمال، نشب تمرد الطوارق في ماي 2006، بعد الهجوم على مواقع عسكرية في كيدال ومناكا من طرف قوات “التحالف الديمقراطي للتغيير”.
بعد اشتداد النزاع قادت الجزائر وساطة على أعلى مستوى أشرف عليها الرئيس بوتفليقة شخصيا، ما يدلل على اهتمام الجزائر الكبير بالدائرة الإفريقي، حيث توجت الوساطة الجزائرية بالتوقيع على اتفاق سلام بالجزائر في 04 جويلية 2006 تحت اسم تحالف 23 ماي من أجل التغيير الذي كان أثر المقاربة الجزائرية لإحلال الأمن في المنطقة واضحاً فيه.
قضية تطبيق بنود اتفاق الجزائر، شهدت خلافات أخرى بين الطرفين استدعت الدخول في مفاوضات جديدة برعاية الوسيط الجزائري دائما انتهت بالتوقيع في 20 فيفري 2007 بالجزائر على بروتوكول إضافي يضم ثلاث وثائق، الأولى تخص الإجراءات التطبيقية العالقة في اتفاق 04 جويلية، والثانية عبارة عن جدول زمني حدد آجال تسليم 3000 من عناصر التحالف لسلاحهم، أمّا الوثيقة الثالثة فتضبط شروط منتدى المانحين لتنمية منطقة شمال مالي (كيدال، تمبكت ووغاو) وطريقة تنظيم هذا المنتدى الذي عقد في 23 و24 مارس 2008، ولكن تصلب مواقف الطرفين أدى إلى تجدد القتال في نفس شهر مارس 2008، فقامت الجزائر مرة أخرى بجمع طرفي النزاع في اجتماعات تفاوضية بالجزائر العاصمة دامت أربعة أيام من 24 إلى 27 جويلية 2008، انتهت بتوقيع اتفاق لوقف وتثبيت وقف القتال بين الطرفين، مع التشديد على ضرورة إطلاق سراح المساجين الموجودين عند كل طرف وإيجاد حلول لمسألة العائلات اللاجئة التي وصلت إلى الحدود، وتم إنشاء لجنة مختصة لمراقبة تنفيذ بنود الاتفاقات، تتكون من نح ومائتي عض ومن الطرفين بالتساوي.
منذ اندلاع الأزمة المالية الأخيرة في جانفي 2012، قامت الجزائر التي كانت دائما هي الراعي الحصري لجميع اتفاقيات السلام السابقة، بدعوة طرفي النزاع لوقف إطلاق النار والجلوس إلى طاولة المفاوضات لإيجاد تسوية سلمية للأزمة.
وقد رعت بكفاءة سلسلة مفاوضات بين باماك و والاطراف الشمالية توّجت امس بالتوقيع على اتفاق سلام نهائي يفتح افاقا جديدة وجميلة امام مالي .
تمتد من 1990 إلى 2015
سلسلة الوساطات الجزائرية في مالي
شوهد:580 مرة