تتكرر مشاهد الموت والدمار في حرب الإبادة الجماعية بقطاع غزّة الجريح، لتعيد كتابة المأساة ذاتها كل يوم، فتتجاوز حدود الخراب المادي إلى جراح غائرة في ذاكرة المكان ووجدان الإنسان، في حرب بلا نهاية، نزفها يطال كل زاوية ويترك أثرا عميقا لا يمحوه الزمن.
استشهد 48 فلسطينيا - صباح أمس الاثنين - في سلسلة غارات صهيونية متواصلة على مناطق متفرقة في قطاع غزة، شملت مدارس تؤوي نازحين ومراكز توزيع مساعدات وخيام إيواء. وأكد مصدر في المستشفى المعمداني استشهاد 13 فلسطينيا جراء قصف صهيوني استهدف مستودعا لتوزيع المساعدات في حي الزيتون (جنوبي مدينة غزة).
كما أفاد مجمع ناصر الطبي (في خان يونس) باستشهاد 13 فلسطينيا، وإصابة أكثر من 50 آخرين، في غارة استهدفت مواطنين كانوا ينتظرون مساعدات إنسانية (جنوب غربي مدينة خان يونس).
شلال دم لا يتوقّف
وبحسب مستشفى العودة، استُشهد فلسطيني وجُرح 23 آخرون نتيجة استهداف شارع صلاح الدين في منطقة وادي غزة، حيث كان يتجمع عشرات المدنيين على أمل الحصول على مساعدات غذائية. وأكدت مصادر في مستشفى الشفاء استشهاد 4 فلسطينيين في قصف على دوار حلاوة بجباليا البلد، حيث تم استهداف مجموعة من المدنيين بشكل مباشر.
واستشهد 3 مواطنين بينهم سيدة، نتيجة قصف بطائرة مسيرة صهيونية استهدفت منطقة الكتيبة في خان يونس، كما استشهد فلسطيني آخر وأُصيب آخرون جراء استهداف خيمتهم في منطقة المواصي (غرب المحافظة).
استهداف المدارس ومراكز الإيواء
وذكر مراسلون أن الطيران الحربي الصهيوني شن غارات على 5 مدارس تؤوي نازحين، 3 منها متجاورة (في حي الزيتون). وقد دمرت الطائرات الحربية الصهيونية مدرسة يافا في حي التفاح (شرق مدينة غزة) رغم تصنيفها كمركز إيواء “آمن”.
كما استهدفت قوات الاحتلال فصولا دراسية بمدرسة فهد الصباح في حي التفاح، مما أدى إلى إصابات بين النازحين. وقد أُصيبت مدرسة الحرية ومدرسة الفلاح (في حي الزيتون) بقصف مماثل أسفر عن جرحى آخرين.
لا علبة حليب واحدة للأطفال
وفي السياق ذاته، قصف جيش الاحتلال خيمة إيواء داخل مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح، مما أدى إلى وقوع إصابات بين النازحين.
وقال المتحدث باسم المستشفى الدكتور خليل الدقران إنهم لا يملكون “علبة حليب واحدة” للأطفال، مؤكدا أن جيش الاحتلال يستخدم سياسة التجويع ضد الأطفال في القطاع، إضافة إلى استهداف المستشفيات بشكل ممنهج.
استشهاد أسر بأكملها
من جهته، قال مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إن الجيش الصهيوني استهدف خيام نازحين في خان يونس، مما أدى إلى استشهاد أسر بأكملها. ووصف المكتب الأممي الوضع بأنه استمرار ممنهج في قتل العائلات الفلسطينية النازحة في مناطق صنفتها سلطات الاحتلال بأنها “آمنة”.
كما أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أن القوات الصهيونية استهدفت 256 مركز نزوح منذ بدء الحرب، تضم أكثر من 700 ألف نازح، مشيرا إلى أن جيش الاحتلال كثف استهداف المراكز خلال شهر جوان، إذ قصف أكثر من 11 مركزا للنزوح، معظمها مدارس.
وأصدر الجيش الصهيوني إنذارا بإخلاء 18 حيا شمال قطاع غزة، بما في ذلك الزيتون الشرقي وجباليا البلد وجباليا النزلة وحي التفاح والدرج والصبرة، مدعيا أنه سيواصل تصعيد عملياته العسكرية في تلك المناطق.
وطالب جيش الاحتلال السكان بالتوجه إلى منطقة المواصي عبر طريق الرشيد. لكن القصف استمر حتى في تلك المناطق المصنفة على أنها “آمنة” مما يزيد من خطورة الوضع الإنساني.
دعوات للتدخل الدولي
في الأثناء، اتهم رئيس شبكة المنظمات الأهلية في غزة الاحتلال بتعمد تجويع السكان وعرقلة إدخال المساعدات، داعيا الأطراف الدولية للضغط الفوري لفتح المعابر. وأكد أن القصف الصهيوني يرقى إلى جريمة حرب مكتملة الأركان ضد المدنيين، خاصة الأطفال والنساء.
ومن جانبها، دعت الأمم المتحدة إلى توفير الحماية العاجلة للنازحين، في ظل استهداف متواصل للملاجئ والمستشفيات، وانتهاك واضح لكل الاتفاقيات الدولية، خصوصا اتفاقية جنيف الرابعة.