شهد واقع الطفولة في المغرب وضعا قاتما تعكسه تحدّيات خطيرة تهدّد هذه الفئة من المجتمع وفي مقدّمتها التهميش الممنهج والعنف المتزايد وانتشار ظواهر الاستغلال وعمالة الأطفال والتسوّل، فضلا عن التسرّب المدرسي، في ظل غياب مقاربات حكومية “فعلية” تكفل لها مستقبلها.
وحذّرت “منظمة بدائل للطفولة والشباب”، بمناسبة إحياء اليوم الوطني للطفولة الذي يصادف 25 ماي من كل عام، من استمرار عدد من التحدّيات البنيوية التي تعيق حقوق الأطفال كاملة، مشيرة إلى “معاناة فئات واسعة من الأطفال في وضعية التسوّل، وآخرين في وضعية إعاقة، في ظل غياب مقاربات دامجة وإنسانية وسياسات عمومية متكاملة ومستدامة تضمن كرامة الطفل وتكافؤ الفرص أمامه”.
وأكدت المنظمة أن اليوم الوطني للطفل “ينبغي أن يشكل محطة سنوية لتقييم السياسات العمومية في مجال الطفولة والعمل على تجاوز النقائص لاسيما في المناطق الريفية، انسجاما مع مبدأي المساواة وعدم التمييز ولضمان الولوج العادل والمنصف لكافة الحقوق الأساسية لجميع الأطفال”.
وأمام واقع الاتجار بالأطفال والاستغلال الاقتصادي والجنسي الذي يطال القاصرين في المغرب، دقّ حقوقيون ناقوس الخطر لكون الأطفال “لا يزالون من أكثر الفئات الاجتماعية تهميشا رغم ما يقتضيه وضعهم من حماية خاصة واهتمام مضاعف”. وفي هذا الصدد، انتقد الحقوقي والأستاذ الجامعي، خالد البكاري، السياسات العمومية التي “تتجاهل حقوق الأطفال ضمن أولوياتها”، مضيفا أن “هذا الإهمال يظهر جليا في عدد من المؤشرات المرتبطة بالتخطيط الحضري والتعليم والترفيه والصّحة”.
تطرّق إلى التعليم العمومي الذي يعيش “وضعا كارثيا” كما قال، وباتت المدرسة العمومية “تعاني من هشاشة مزمنة، مسجلا ارتفاع نسبة التسرّب المدرسي” ما يشكل “مؤشرا بالغ الخطورة”، حيث يغادر أكثر من 300 ألف طفل مغربي سنويا مقاعد الدراسة دون إكمال الحدّ الأدنى من التعليم الإلزامي الذي يفترض أن يمتد إلى حدود سن 15 عاما.
إلى ذلك، لفت الحقوقي إلى ظاهرة تشغيل الأطفال التي “تتنامى نتيجة لتساهل المجتمع مع هذه الممارسة وليس فقط تقصير الدولة في التصدّي لها، إلى جانب غياب العناية الصّحية التي تظل في آخر اهتمامات قطاع الصّحة”، كما لم يخف قلقه إزاء “ارتفاع عدد الأطفال بالسّجون وداخل مراكز الرعاية الاجتماعية، وتصاعد ظاهرة الهجرة في صفوفهم، وهو ما ينذر بانفجار اجتماعي محتمل في حال استمرار تجاهل هذه الفئة”.
من جانبه، أكد رئيس الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، إدريس السدراوي، أن وضعية الطفل المغربي وخاصّة أطفال الشوارع والأطفال في وضعية فقر وهشاشة “لا تزال تثير العديد من التساؤلات حول فعالية السياسات العمومية ومدى التزامها بحماية حقوق الطفولة”، مسجلا ارتفاعا “مقلقا” لأعداد هؤلاء “الذين يتركون فريسة سهلة للعنف والاستغلال والانحراف في غياب تدخلات فعّالة ومستدامة من قبل المؤسسات المعنية”. واعتبر السدراوي أن “تفاقم مؤشرات الفقر وسط الأسر المغربية خاصّة في المناطق القروية والأحياء الهشة، ينعكس سلبا على وضع الأطفال الذين يحرمون من أبسط حقوقهم الاجتماعية الأساسية”.