يتصاعد الجدل في ليبيا حول استمرار إغلاق الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا، مع الأزمات الحاصلة بسبب خلافات حول قوانين وتعديلات دستورية من المحتمل أن تقود البلاد إلى انقسام سياسي جديد.
تشهد البلاد منذ فترة خلافا على قوانين الانتخابات الصادرة عن مجلس النواب في طبرق، دون التوافق بشأنها مع المجلس الأعلى الدولة (نيابي استشاري)، كما ينصّ الاتفاق السياسي، وكان ذلك أحد أسباب فشل الانتخابات الرئاسية يوم 24 ديسمبر الماضي.
يضاف إلى ذلك جدل آخر بعد أن أعلن مجلس النواب في طبرق، قبل نحو شهر، تعديل الفقرة 12 من الإعلان الدستوري، المتعلقة بتشكيل لجنة لتعديل المواد الخلافية في مشروع الدستور.
وبعد تصويت مجلس الدولة على رفض هذا التعديل، أطلقت المستشارة الأممية ستيفاني وليامز مبادرة في الرابع من مارس الجاري، لتشكيل لجنة مشتركة من مجلسي النواب والدولة، لوضع قاعدة دستورية «توافقية» وإجراء الانتخابات في أقرب وقت.
ومع قبول مجلس الدولة والمجلس الرئاسي وحكومتي الوحدة والاستقرار للمبادرة، وتمسّك مجلس النواب بالقوانين الصادرة عنه، تصاعدت المطالبات بإعادة فتح الدائرة الدستورية التي من ضمن اختصاصاتها الأصيلة الفصل في التخاصم حول دستورية القوانين.
تحصين القوانين
في السياق، يقول المحامي والناشط الحقوقي خطاب المصراتي إن الحاجة الآن لتفعيل الدائرة الدستورية أكثر من أي وقت مضى، لأن الخلاف الحاصل حاليا في مجمله دستوري قانوني صرف.
وأضاف المصراتي، أن أمام الدائرة حاليا عدة قضايا ملحة تحتاج للفصل، من بينها التعديلات التي أجراها مجلس النواب على الإعلان الدستوري، وآخرها تعديل الفقرة 12.
وأشار إلى أن هذا التعديل أثار جدلا بالرغم من أن مجلس النواب قال إنه اعتمده وفق لجنة سابقة كان مجلس الدولة طرفا فيها.
وأوضح أن تفعيل الدائرة الدستورية والفصل في كل الطعون الدستورية سيجعل الإجراءات المتخذة لحل الأزمة محصنة قانونا، ومن بينها القوانين الانتخابية التي تعتبر الملاذ الأخير لإجراء انتخابات تنهي الصراع.
ولفت إلى أن إغلاق الدائرة الدستورية تسبب في تعميق الأزمة.
وأشار المصراتي إلى مطالبة هيئة صياغة الدستور بتفعيل الدائرة الدستورية للنظر في عدم عرض مشروع الدستور، الذي أنهت صياغته منذ 2017، على الاستفتاء الشعبي.
تعميق الأزمة
وفي رأي مخالف، يعتقد الخبير الدستوري الليبي عدنان بوراس أن تفعيل الدائرة الدستورية في هذا الوقت سيعمق الأزمة بدل أن يحلها، بالرغم من إقراره «بالحاجة لضبط الإيقاع التشريعي».
وأوضح بوراس أن أي حكم للدائرة الدستورية في القضايا الجدلية التي ستطرح أمامها سيجعلها طرفا في النزاع على الأقل بالنسبة للطرف الذي سيكون الحكم ضده، وهو ما سيفقد الثقة في القضاء لكونه سيُعتبر متحيزا لطرف ضد آخر.
وأضاف أن حكم الدائرة الدستورية، الذي سيرفضه بطبيعة الحال الطرف الخاسر في التخاصم، ستكون له تداعيات أمنية خطيرة مع وجود كيانات مسلحة ومؤيدين مسلحين لدى كل طرف.
ويرى الخبير الدستوري أن الحل ليس في تفعيل الدائرة الدستورية وإقحام القضاء الذي لا يزال حياديا، بل العمل على التوافق، فلا شيء غير ذلك سيحل الأزمة.