تحولت جماعة «بوكو حرام» إلى معضلة قارية لا تهدد نيجيريا وحدها ولكن كل منطقة غرب إفريقيا، كما تهدد بامتداد نشاطاتها إلى الساحل الإفريقي وإمكانية تحالفها مع التنظيمات الإرهابية الأخرى الناشطة في هذه المنطقة وخاصة تنظيم «القاعدة في المغرب الإسلامي»، في الوقت الذي تتوفر فيه كل الظروف لامتداد نشاط هذه الجماعات وعلى رأسها هشاشة دول المنطقة، وفشلها الذريع في مراقبة حدودها والسيطرة عليها، الشيء الذي يسمح للجماعات الإرهابية التنقل بكل حرية عبر هذا المحور الاستراتيجي الذي يشكل قلب القارة السمراء.
جماعة «بوكو حرام» أصبحت أشهر من نار على عَلَم، بسبب ممارساتها الإرهابية غير المسبوقة والتي تحولت إلى علامة مسجلة للحركة والمتمثلة في اختطاف النساء. وكانت عملية اختطاف 200 تلميذة من ثانوية في شيبوك شمال نيجيريا، شهر ماي الماضي، أكبر خبطة إعلامية نجح فيها هذا التنظيم الإرهابي الذي حاول من خلالها إحراج الحكومة النيجيرية التي تأكد فشلها مجددا في وقف عمليات بوكو حرام، التي تحتفظ بتلك البنات كسبايا لديها إلى اليوم وهذا رغم التجند الدولي لتحريرهن والتعاطف العالمي معهن ومع الحكومة النيجيرية للمطالبة بإطلاق سراحهن. وأكثر من ذلك، نفذت بوكو حرام هجوما آخر، أمس، اختطفت خلاله ٦٠ امرأة وشابة في هجومات متفرقة قضى فيها، بالإضافة إلى ذلك، ثلاثون شخصا بقرية كومبازا التابعة لمقاطعة دومبوا شمال شرق نيجيريا، أكبر معاقل الجماعة، التي أصبحت تشكل مسرحا يوميا للفظاعات التي ترتكبها هذه الجماعة الإرهابية الدموية والتي أدت إلى تشريد أكثر من نصف مليون نيجيري، بحسب ممثلة المفوضية العليا لشؤون اللاجئين. كما أجبرت المواجهات بين الجيش النيجيري وعناصر تنظيم «بوكو حرام»، 40 ألف مواطن نيجيري على الفرار إلى دول الجوار بسبب انعدام الأمن والغذاء.
الاتحاد الإفريقي وأمام هذا التهديد المتزايد لهذه الحركة وممارساتها البشعة، يفكر في رد فعل مناسب على همجية هذا التنظيم الإرهابي، يتعلق الأمر، بحسب محافظ مجلس السلم والأمن في إفريقيا، بإنشاء قوة جهوية تضم دول الجوار الواقعة في بحيرة التشاد وهي نيجيريا، التشاد، الكاميرون والنيجر، ويهدف إنشاء هذه القوة، بالإضافة إلى مكافحة حركة «بوكو حرام»، مساعدة نيجيريا في التخلص من المساومات والتدخلات الخارجية في إفريقيا التي تحاول حل مشاكلها بعيدا عن الإملاءات. هذه القوة الإفريقية، يدرس الاتحاد الإفريقي إنشاءها ويتم الفصل بشأنها خلال قمة الاتحاد الإفريقي التي تنعقد بغينيا بيساو، غدا الخميس.
الأكيد أن إنشاء هذه القوة سيكون أول اختبار للـ«كاريك” الكفاءة الإفريقية للرد السريع على الأزمات واختبار لمدى تكفل إفريقيا بمشاكلها وحلها إفريقيا وقد أثبتت التجربة أن الحلول القادمة من الخارج لا يمكنها أن تشكل بديلا عن الجهود الإفريقية ولكن مرافقتها وتقديم المساعدة المادية اللازمة لهذه الجهود من أجل حل مشاكل القارة بعقول وسواعد إفريقية.