وضع المغرب نفسه في حصار دبلوماسي غير مسبوق مع جيرانه ودول أوروبية تربطه بها علاقات تعاون وشراكة، فبعد ألمانيا التي خرجت مؤخّرا لتحذره من جديد وتبدي تمسكها بحل أزمة الصّحراء الغربية وفق قرارات الأمم المتحدة، صفعت إسبانيا المحتل المغربي وفضحت أطماعه وأكاذيبه، وبسبب ذلك أدرك الرأي العام العالمي حقيقة الأزمة وأهمية التعجيل بتقرير مصير الشعب الصحراوي، في وقت بات المحتل يجني المزيد من الهزائم السياسية.
أكّدت الحكومة الألمانية أنّ موقفها من قضية الصّحراء الغربية لم يتغيّر، حيث يتلخّص في دعم التّوصّل إلى حل يحظى بموافقة الطرفين المغرب وجبهة البوليساريو، وذلك في إطار الأمم المتحدة.
ألمانيا تحذّر المغرب
أوضحت الحكومة الألمانية في رد مكتوب على أسئلة عدد من نواب البوندستاغ، أنّ أحداث الكركرات التي وقعت منتصف شهر نوفمبر 2020 أظهرت مدى خطورة اندلاع التصعيد المسلح في الصحراء الغربية، وأوضحت الحاجة إلى ضرورة التوصل الحل للنزاع. وجدّدت الحكومة الاتحادية التأكيد على ضرورة استئناف المفاوضات بين المغرب وجبهة البوليساريو تحت رعاية الأمم المتحدة، والإسراع في تعيين مبعوث جديد على الصحراء الغربية. وفي هذا السياق، أوضحت الحكومة الألمانية أنّ التعاون الاقتصادي بين البلدين يخضع لاختبار بسبب تطورات الأزمة، وفي حالة استمرار الوضع الحالي، تحذّر الحكومة الفيدرالية من النتائج السلبية على قطاع أعمال وجذب الاستثمارات للمغرب.
من جهة أخرى، وصف مستشار الرئيس الصحراوي، السيد لحريطاني لحسن، قرار المحكمة العليا الاسبانية، والذي فنّد الاتهامات التي وجهت للرئيس الصحراوي، ابراهيم غالي بـ “التاريخي”، داعيا إلى محاكمة قادة الاحتلال المغربي على جرائمهم ضد الشعب الصحراوي.
وقال لحريطاني، أنّ إدلاء الرئيس الصحراوي إبراهيم غالي بشهادته أمام المحكمة العليا الاسبانية “دليل على إيمان جبهة البوليساريو بالشرعية والقانون”.
وفي سياق متصل، دعا المستشار لحريطاني إلى النظر في جرائم النظام المغربي في الأراضي الصحراوية المحتلة، حيث تعتدي القوات المغربية كل يوم على النساء والأطفال”. وتساءل قائلا في هذا السياق: “لماذا لا ينظر الحقوقيون إلى النساء الصحراويات اللاتي يتم سحلهن في الطرقات؟”.
ضربة قاضية
بينما قالت مستشارة الرئيس الصحراوي المكلفة بالعالم العربي، النانة لبات الرشيد، إنّ تكذيب واشنطن للرباط، بخصوص إجراء مناورات عسكرية “الأسد الإفريقي” في جزء من الأراضي الصحراوية المحتلة “ضربة قاضية للاحتلال المغربي”. وأوضحت النانة لبات الرشيد، أن “ نظام المخزن ككل الانظمة الاستعمارية تلميذ غبي لا يستوعب الدروس”.
وتتساءل المسؤولة الصحراوية، ماذا بقي يا ترى من إعلان ترامب، الذي قايض به المغرب الصحراء الغربية بالقضية الفلسطينية، مشيرة إلى أنّ الإدارة الأمريكية الجديدة لم تحسم لحد الساعة موقفها منه، وفق ما ذكرته الخارجية الأمريكية.
ووصفت ذات المسؤولة، الهجمة الشرسة لنظام المخزن على مدريد بـ “قمّة الجنون”، موضّحة أنّ استقبال إسبانيا للرئيس غالي للعلاج طبيعي جدا ولا غرابة فيه، خاصة وأن الشعب الاسباني يناصر القضية الصحراوية ويتضامن بشكل كبير مع شعبها.
التّوظيف السياسي للقضاء
في حين أكّد ممثل جبهة البوليساريو في إسبانيا، عبد الله العرابي، أنّ المغرب اتّخذ تواجد الرئيس الصحراوي، السيد إبراهيم غالي، في إسبانيا للعلاج، “ذريعة للقيام بسلسلة من المناورات لانتزاع مواقف سياسية من إسبانيا”.
وقال ممثل جبهة البوليساريو في فرنسا، محمد سيداتي، إنّ الاحتلال المغربي لم يجن من سياسة “التهور والتوتر الممنهج” مع دول العالم إلا “النكسات الدبلوماسية”، مشيرا إلى أن رفض واشنطن إجراء مناورات عسكرية “الأسد الافريقي” بأجزاء من الاراضي الصحراوية المحتلة “ضربة قاسية لنظام الاحتلال”. أوضح محمد سيداتي، أن المغرب أصبح يعيش اليوم في “عزلة دولية”، بسبب “سياساته المتهوّرة” ومحاولته “ابتزاز كبرى دول العالم”، بسبب مواقفها الداعمة للشرعية الدولية في الصحراء الغربية، مضيفا أنّ من كان يعول عليهم نظام المخزن، لبسط سيادته المزعومة على الاراضي الصحراوية المحتلة، أصبحوا يديرون له الظهر، بسبب تصرّفاته “اللامعقولة”. ولفت الدبلوماسي الصحراوي إلى أنّ “العالم اليوم أصبح يعرف حقيقة النظام المغربي، كنظام احتلال توسعي، لن يتوانى عن التضحية بشعبه في سبيل تحصيل مكاسب سياسية”.
واعتبر ذات الدبلوماسي، مراهنة النظام المغربي على الكيان الصهيوني “رهان فاشل”، يدل على “حالة التخبط “ التي يعيشها نظام المخزن، ما دفعه، يقول، للمقايضة بالقضية الفلسطينية، رغم أنها قضية مركزية للشعب المغربي الذي يعادي الاحتلال الصهيوني ويتضامن بشكل مطلق مع الشعب الفلسطيني.