مجلس الأمن يعقد جلسة حول الوضع العام

سيناريوهــات تـسوية الأزمـة اللّيبــية عـلى المـدى المتــوسـط

بوطي جلال

يسود هدوء تام واستقرار أمني وسياسي ليبيا منذ انتخاب السلطة التنفيذية الجديدة، التي وضعت خطة على المدى القريب لتحقيق مصالحة شاملة ستتوّج بتنظيم الانتخابات الرئاسية نهاية العام الجاري:
 في حين تسعى ألمانيا إلى حشد دبلوماسيتها لإنجاح مؤتمر «برلين2» المقرر منتصف جوان المقبل لإنهاء مرحلة الصراع العسكري نهائيا. في حين يعقد مجلس الأمن جلسة مفتوحة للاستماع إلى إحاطة المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية.
قال مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة طاهر السني، أمس، إن مجلس الأمن الدولي سيعقد جلسة مفتوحة للاستماع إلى إحاطة المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، فاتو بن سودا، لتقديم التقرير الحادي والعشرين لمكتبها حول ليبيا. وأضاف السني في تغريدة له أن الإحاطة ستكون عبر تقنية الدائرة الافتراضية، نظرا للقيود المفروضة بسبب جائحة وباء فيروس كورونا، والتي منعت مجلس الأمن الدولي ومعظم المنظمات والمجالس الدولية والعالمية من عقد اجتماعاتها بشكل مباشر.

 سيناريوهات حلّ الأزمة

مع الاستقرار الحاصل في ليبيا نشرت مجلة مودرن بوليسي الأوروبية تقريرا حول تصورات حل الأزمة الليبية والتسويات المتوقعة خلال المدى المتوسط أشارت فيه إلى أن بعض السياسيين والخبراء ومجتمع التحليل متفائلون بشأن تسوية مبكرة للنزاع الليبي، ما يؤدي إلى طي صفحة الأزمة نهائيا والدخول في مرحلة جديدة بقيادة جديدة.
فمن ناحية، هدأ تصعيد الأعمال العدائية الذي بدأ في أفريل 2019، ومن ناحية أخرى، تُظهر التجربة أن تحديد أي تواريخ محدّدة للعمليات الانتخابية في ليبيا وأحكام آليات شفافة لإنشاء هيئات حكومية شرعية لا يعني إجراء الانتخابات والاعتراف بنتائجها لاحقًا.
وعند التنبؤ بما سيكون عليه الصراع الليبي على المدى المتوسط، يقول التقرير إن من الضروري مراعاة أن الحرب في ليبيا هي نظام عدم توازن مطلق، في حين أن الاتجاهات الحالية عرضة للتغيير مع تطور الأمور، لكنها تسير في اتجاه الاستقرار رغم تشاؤم بعض الأطراف من الوضع الحالي.

 تسوية سياسية

استمرت الحرب في ليبيا منذ أكثر من عشر سنوات، وكانت هناك محاولات متكررة للتوصل إلى حل سياسي للصراع خلال هذا الوقت، ويبقى الأمل موجودا في أن يحدث هذا. فقد لا تذهب الجهود التي بُذلت في عام 2020 عبثا وللتوصل إلى إجماع وطني، لأنها يمكن أن تصبح أساسًا متينًا لتسوية سياسية للصراع، وقد تتمكن البلاد من إجراء انتخابات «ليبية بالكامل».
وسيسمح وقف الأعمال العدائية بالاعتماد على صادرات النفط الليبية المستعادة جزئيًا، وربما على خطوط أنابيب النفط الجديدة التي شُيدت مؤخرا. وستتم إعادة الإعمار التي طال انتظارها للبنية التحتية للنقل وإنتاج النفط ومصافي النفط، والتي ستؤدي دورًا أساسيًا في النهضة الاقتصادية للدولة الليبية الموحدة.

 مشاركة دولية

وستواجه السلطات اللّيبية الجديدة عددًا من المهام المهمة، بما في ذلك استعادة مرافق الإنتاج والبنية التحتية والمخزون السكني في البلاد. وستتاح للشركات الأجنبية فرصة المشاركة في «استعادة الدولة الليبية.» على غرار شركات دول الجوار التي تسعى هي الأخرى إلى استقرار ليبيا لضمان استقرارها على طول الحدود لاسيما الجزائر وتونس.
وفي اجتماع وزير الصناعة والتجارة لروسيا الاتحادية مع الوفد الليبي في 28 جانفي 2021، ناقش الطرفان ليس فقط آفاق تنويع التجارة بين روسيا وليبيا ولكن أيضًا سبل مشاركة الشركات الروسية في استعادة الطاقة والزراعة والصناعة والبنية التحتية الاجتماعية والنقل في ليبيا.
ومن المؤكد أن الصين ستظهر اهتمامها بإعادة إعمار ليبيا بعد الحرب. وقد رحبت حكومة الوحدة الوطنية بالمشاركة المحتملة للصين في إعادة بناء البنية التحتية للبلاد بمجرد انتهاء الحرب. وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، التقى دبلوماسيون صينيون مرارًا بمسؤولين ليبيين للتوقيع في النهاية على مذكرة تفاهم في إطار مبادرة الحزام والطريق.
وقد تؤدي المنافسة مع الشركات المصنعة من أوروبا والولايات المتحدة إلى انخفاض قسري في أرباح التصدير.

معضلة المرتزقة

يعتبر بقاء المرتوقة والقوات الأجنبية في البلاد تحديا لحكومة الوحدة الوطنية التي وضعت الملف على رأس أولوياتها رفقة المجلس الرئاسي، وبعد تحذير الأمين العام للأمم المتحدة هذا الأسبوع من استمرار تواجد المرتزقة يسعى الأطراف الفاعلون إلى بحث تسريع آليات خروج القوات الأجنبية التي تعتبر مسألة مهمة لنجاح المصالحة الشاملة وتحقيق سلام دائم قبل تنظيم الانتخابات.
أعلنت ستيفاني ويليامز، في اجتماع حول الحوار السياسي الليبي في 2 ديسمبر 2020، عن وجود عشر قواعد عسكرية في ليبيا محتلة كليًا أو جزئيًا من قبل القوات الأجنبية وتستضيف حوالي 20 ألف مرتزق أجنبي. واستخدمت الحكومة في طرابلس والجيش الوطني الليبي وقف الأعمال العدائية لتعزيز مواقعهما وتعزيز الفعالية القتالية لقواتهما، بما في ذلك من خلال المساعدة من الخارج.

حفاظ على الوضع الراهن

سيناريو آخر فيما يخص مسار التسوية الليبية وفقا لمجلة مودرن بوليسي هو الحفاظ على الوضع الراهن فعلى الرغم من محاولات الجانبين الشروع في حوار سياسي، فإن التصريحات الرسمية لممثلي الأطراف المتنازعة تحتوي على خطاب اتهامي عدواني لكنها تسير باتجاه المصالحة التي تفرضها الأجندات الدولية خاصة الولايات المتحدة الأمريكية التي عينت مبعوثا خاصا للازمة.

تأثير خارجي

وتثير الحرب في ليبيا صراعات في 14 دولة على الأقل في إفريقيا وآسيا، ويرجع ذلك أساسًا إلى تهريب الأسلحة. على الرغم من التعزيز المحتمل للسيطرة الدولية، فإن الحفاظ على توازن القوى الحالي في ليبيا سيؤدي إلى صراعات جديدة وسيكون بمثابة بؤرة لزعزعة الاستقرار في البلدان المجاورة. وإذا فشلت الخطة التالية للتسوية السياسية للصراع، فإن ليبيا تخاطر بأن تعود للتوتر وهو سيناريو مستبعد تماما بالنظر للمعطيات الحالية.
 وفي هذا الاتجاه أجرى الباروميتر العربي في 2019 دراسة اجتماعية تظهر بوضوح كيف ينظر الليبيون أنفسهم إلى الوضع في بلدهم وما يرون أنه مشاكل رئيسية.
أهم التحديات المذكورة تشمل التدخل الأجنبي (19٪)، ومكافحة الإرهاب (16٪)، والفساد (14٪)، والأمن (13٪)، والاقتصاد (12٪)، والاستقرار الداخلي (9٪) ، والقضايا السياسية ( 8٪).
كما اتضح أن الليبيين لا يثقون كثيرًا في المؤسسات السياسية. ومن بين المؤسسات الأكثر ثقة لليبيين هي: الجيش (59٪) والشرطة (46٪) والقضاء (37٪) ، بينما أقلها ثقة هي الحكومة (10٪) والبرلمان (9٪) والأحزاب السياسية (4 ٪). وبحسب استطلاعات الرأي، فإن الديمقراطية هي النظام السياسي المفضل دائمًا (58٪) في ليبيا.
«برلين2»
أكد متابعون أن «مؤتمر برلين 2» حول ليبيا الذي سيعقد في منتصف جوان المقبل، يأتي في توقيت «حساس ومهم للغاية»، خاصة أن خارطة الطريق ستكون في مهّب الريح إذا لم تتم تسوية بعض الملفات الشائكة. المؤتمر الذي يأتي بعد عام ونصف تقريبا من النسخة الأولى التي رسمت خطوطا عريضة للحل في ليبيا، من المنتظر أن يهيئ الأجواء الأمنية والدستورية لعملية الانتخابات المقرر إجراؤها نهاية العام الجاري.

أجندة المؤتمر

وذكرت تقارير إعلامية ليبية أن الملفات التي من المقرّر مناقشتها خلال المؤتمر، هي إخراج المرتزقة وحل الميليشيات المسلحة وتوحيد المؤسسة العسكرية الليبية، والتأكيد على موعد الانتخابات المقبلة التي ستنهي المرحلة الانتقالية.
وتلقي ألمانيا بثقلها لإنجاح المؤتمر وتبذل جهودا كبيرة لحشد الدعم الدولي. وكان وزير الخارجية الألماني هايكو ماس قال خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الإيطالي لويجي دي مايو، إن هناك تعاونا إيطاليا وألمانيا بالتنسيق مع الحكومة الليبية حول المؤتمر المزمع عقده خلال نصف الثاني من الشهر المقبل. وأوضح الوزير الألماني أن «هناك تحديات عديدة في ليبيا، وهي إجراء الانتخابات في موعدها المقرر 24 ديسمبر، والانسحاب الكامل للمقاتلين الأجانب من البلاد».
وتوصل مؤتمر برلين حول ليبيا الذي عقد في 19 جانفي 2020، بحضور مسؤولي 11 دولة من بينها الجزائر، إلى فرض عقوبات على الجهة التي تخرق الهدنة، وبذل جهود دولية لتعزيز مراقبة حظر تصدير السلاح، مطالبا بتسريح ونزع سلاح الميليشيات. ووعد المجتمعون باحترام حظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة عام 2011 على ليبيا، وبعدم التدخل في شؤونها الداخلية، سعيا إلى إعادة السلم إلى البلد الذي تمزقه الحرب.
وأسهم مؤتمر برلين الأول في خروج مبادرات وضعت أساسا لحل دائم في ليبيا، من بينها إعلان القاهرة الذي طرحته مصر في جوان 2020، وضم بنودا من بينها وقف لإطلاق النار، واستكمال مسار أعمال اللجنة العسكرية «5+5».

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024