الرّوائية والمترجمة أمل بوشارب لـ «الشعب»:

«الشيخ جرّاح» أنقذ ما تبقى من كرامتنا

أسامة إفراح

تعتبر الروائية والمترجمة أمل بوشارب، في حديثها لـ»الشعب»، أنّ «حيّ الشيخ جرّاح هو من أنقذنا، وأنقذ ما تبقى من كرامتنا»، مشيرة إلى أنّ صمود المقدسيين وتشبّثهم بأرضهم فنّد الصورة النمطية التي اعتاد الإعلام الغربي بثّها، عن العرب الهاربين من أوطانهم، الذين «يتوسّلون دخول جنّة أوروبا، في مقابل حالة من الجدب التام لأي قيم عربية».
تشير أمل بوشارب، إلى أنّ المتابع الجيد للإعلام الغربي يدرك أنه، ومنذ حوالي عشر سنوات، دأبت الماكينة الإعلامية الغربية على الترويج لصور الفرار الجماعي من البلدان العربية نحو المدن الأوروبية على نحو ممنهج، رسخت معه كثير من التصورات الذهنية في المخيال الأوروبي عن ماهية الإنسان العربي المعاصر: صور أيقونية على الصفحات الأولى لكبريات الصحف لجحافل من الهاربين من أوطانهم، وتقارير إخبارية في ساعات الذروة عن مسحوقين يتوسلون دخول جنّة أوروبا، في مقابل حالة من الجدب التام لأي قيم عربية.
«لقد بدا كلّ شيء وكأنّه احتفالية سقيمة بلحظاتِ تخلّي سكان الهامش عن عالمهم الميؤوس من شفائه، وإقرارهم بانتصار المركزية الأوروبية، ليرافق كل هذا بكائيّات شعرية وسردية عربية ركيكة ومبتذلة تظهر العربي ككائن يائس جبان مكسور لا يعرف شيئا عن مفاهيم الصمود، البطولة والمقاومة»، تقول الكاتبة الجزائرية المستقرّة بإيطاليا، مضيفة: «لكن فجأة ودون سابق إنذار يستيقظ العالم على صور مختلفة؛ يسألني أحد الأصدقاء الشعراء الإيطاليين عمّا يحصل في القدس، وهو لا يكاد يصدّق أن هناك عربا «لا يريدون الرحيل عن أرضهم»!
«فهل علينا أن ننقذ الشيخ جراح؟ الشيخ جراح هو من أنقذنا، وأنقذ ما تبقى من كرامتنا»، تؤكّد صاحبة «سكرات نجمة».

«الرسوخ»..أو مقاومة شتات الرّحيل

في نفس السياق، وفي أعقاب أحداث باب العامود في القدس المحتلة مطلع شهر رمضان، كانت أمل بوشارب قد عادت إلى آخر إصداراتها الترجمية «أشرطة كاسيت أزنافور» للشاعر الإيطالي «نيكولا غراتو»، مستبطنة مفهوم «الرّسوخ» في المخيال الإيطالي الذي دارت حوله مواضيع المجموعة الشعرية. وذلك من خلال مصطلح سكّه الأنثروبولوجي الإيطالي «فيتو تيتي Vito Teti» للتعبير عن مقاومة غواية الرحيل عن الجنوب الإيطالي اتجاه مدن الشمال. «الرسوخ» بوصفه فعل مقاومة، وتحدّيا لأنماط العيش السلطوية، وكسر حصار نموذج العولمة. وكما توضح الكاتبة في المقدمة التي وضعتها للمجموعة الشعرية الصادرة مؤخرا عن منشورات «ضمّة» الجزائرية، فإن «مصطلح Restanza أو فعل الرسوخ بالصيغة المشددة، هو مصطلح مستحدث دخل القواميس الإيطالية عام 2017 يُحيل في الدراسات الأنثروبولوجية الإيطالية إلى الوضعية الإشكالية في جنوب إيطاليا وحال من قرّر البقاء هناك، في مقابل مصطلح Spartenza بمعنى الرحيل المرتبط بفعل التلاشي والضياع، وهي مفردة سكّها الكاتب الصقلّي «تومازو بوردونارو»، وحملت عنوان رواية تحكي هجرة الكاتب نفسه إلى أمريكا في أعقاب الحرب العالمية الأولى». لتصبح الأرض والتمسك بها محور تيار فكري ــ شعري إيطالي ظهر في السنوات الأخيرة تحت مسمّى «باييزولوجيا»، يرتبط بهشاشة الأماكن الريفية المقصيّة إعلاميا، مقابل تغوّل منطق الهجران للشمال على حساب منطق الرسوخ عندما يتعلق الأمر بشعوب الجنوب المنسية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024