البوليساريو..والمعركة الاقتصادية

ف - بودريش

يسابق الإحتلال المغربي الزّمن في استنزاف الثّروات الصّحراوية خوفا من اقتراب نهايته المحتومة وطرده من الأراضي الصّحراوية المغتصبة، حيث يراوغ بجميع الطرق المخزية، ويستعمل مختلف الخدع الدنيئة من أجل البقاء أطول مدة بالأراضي الصّحراوية المحتلّة، ويحاول بغباء أن يمحو من ذاكرة الرأي العام العالمي حقيقة أنّ الصّحراء الغربية مازالت ترضخ تحت أنياب الاستعمار رغم زوال الاستعمال التقليدي، غير أنّ صوت الأحرار في العالم يصدح مدويا وصرخة الحق لا تنقطع، ويعوّل عليها في تضييق حيّز تلاعب العدو، ولعل من الفضائح التي تلاحق المغرب نذكر عمليات النهب الممنهجة التي طالت الأسماك وثروة الفوسفات المورد الأهم في الدولة الصحراوية المحتلة.
الشّعب الصّحراوي ممثّلا في جبهة البوليساريو على درجة كبيرة من الوعي والذكاء، ولم يسكت أمام جرائم السّرقة والنّهب التي تستنزف فيها يوميا كميات كبيرة من الفوسفات، وكانت جمعية مراقبة الثّروات وحماية البيئة بالصحراء الغربية، قد تحدّثت عن سفن أجنبية ضالعة في نهب الثروات من الأراضي الصحراوية بتواطؤ مع نظام المخزن، عبر محاولات مشبوهة وأساليب جديدة تعتمد على التمويه والمراوغة للتغطية على عمليات النّهب والاستنزاف، ولم تقف الجمعية مكتوفة اليدين، بل حذّرت من الوضع الخطير وفضحت السّرقة المكشوفة، حيث طالبت بتحرك عاجل لمجلس الأمن الدولي عبر التسريع باتخاذ إجراءات رادعة ضد الاحتلال ووقف نزيف النهب.
وفي كل مرة تبلغ الجمعية عن السفن التي تتسلّل إلى الأراضي المحتلة، وتخرج محمّلة بالثّروات التي حان الوقت لكي يبسط الشّعب الصحراوي سلطته عليها وينعم برفاهية خيراتها، تتّضح الصورة الحقيقية للمحتل بشكل جلي للعلن، يضاف إليها النضال الدبلوماسي الذي أصبح يقف ندّا للند مع العدو المحاصر بعار الجرائم، ومن الانتصارات التي حقّقها صدور حكم قضائي في محكمة سويدية يمنع اقتناء الثّروات المنهوبة من الصّحراء الغربية، لأنّه يشكّل انتهاكا صارخا للمواثيق والعهود الدولية، واصفة الأمر باللاّشرعي تنخرط فيه سفن بعض الدول، باعتبار أنّ الصّحراء الغربية دولة مستعمرّة لم تستقل بعد كون شعبها لم يتمكّن من ممارسة حقه في تقرير المصير.
يذكر أنّ جبهة البوليساريو، الممثّل الشّرعي والوحيد للشّعب الصحراوي، يخوض منذ سنوات «معركة يمكن وصفها بالاقتصادية تضاف إلى النضال السياسي والدبلوماسي وكذا الكفاح العسكري، من خلال اللجوء إلى مجموعة من الإجراءات القانونية، من بينها تحريك الدعاوى بمحكمة العدل الأوروبية، لوقف مخطط الاستنزاف، ومضاعفة الجهود لإرغام بعض الشّركات الأوروبية التي تستثمر بطريقة غير شرعية في الصحراء الغربية بالرّحيل. ومن المكاسب القانونية المحقّقة، نذكر صدور قرار من محكمة العدل الأوروبية، في ديسمبر 2016، كان بمثابة الضّربة القاضية لأطماع المغرب، حيث يقضي الحكم بأنّ اتفاقات الشّراكة والتّجارة الحرّة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، لا تسري ولا يمكن تطبيقها على الصّحراء الغربية، واصفة بأنّ الوضع منفصل ومختلف، على اعتبار أنّ الصّحراء الغربية مدرجة ضمن قائمة الدول غير مستقلة للأمم المتحدة وتنتظر تقرير مصيرها، وقبل ذلك لا يحق للمغرب التصرف في ثروة لا تعنيه.
واستمرّت المعركة القضائية حيث أكّدت نفس المحكمة في نهاية فيفري 2018، أن اتفاق الصيد البحري بين الاتحاد الأوروبي والمغرب لا يمكن تطبيقه على مياه الصحراء الغربية.
وبعد تتويج المسار القضائي بالعديد من الانتصارات، حيث أنصفت القوانين الدولية الصّحراويّين، برزت القضية الصّحراوية «في شقّها الاقتصادي» خلال الأسابيع الماضية على مستوى محكمة العدل الأوروبية، وأخذت هذه الأخيرة بعين الاعتبار طعن جبهة البوليساريو وبعد سماعها للعرض المفصّل الذي قدّمه محاميها جيل دوفير، حول مختلف الدواعي القانونية التي تجعل من تمديد اتفاق الزراعة ليشمل الأراضي الصّحراوية المحتلة غير قانوني، ومع ضرورة إلغائه بشكل نهائي، علما أنّ حكما آخر سينطق به شهر ماي المقبل، ليتأكّد من جديد بأنّ الصحراء الغربية مستعمرة يجب أن يعجل باستقلالها وما عمليات السطو المتكررة إلا أسلوب فاشل يعكس طمع وإفلاس المغرب، لأن المنطقة لم تعد تحتمل موجات توتّر أخرى، وصارت تحتاج إلى استقرار وتوجيه الجهود نحو التنمية، ويكفي ما تعاني منه منطقة الساحل المحفوفة بخطر الجماعات الإرهابية.
إذا الصّحراويون بقيادة البوليساريو في الطريق الصحيح يستعملون مختلف الأسلحة القانونية والدبلوماسية والعسكرية المتاحة، علما أنّه ينتظر الكثير من المعركة الاقتصادية التي يخوضونها بثقة، ويبقى الانتصار مسألة وقت فقط.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024