الباحث في الشؤون الإستراتيجية الأفريقية، إدريس آيات:

زيارة باه انداو إلى الجزائر تعزيز لمسار السلام في مالي

عزيز.ب

يرى الباحث في الشؤون الأمنية والإستراتيجية الأفريقية إدريس آيات، أن زيارة رئيس جمهورية مالي باه انداو إلى الجزائر، لها دلالة جيوسياسية هامة، نظرا للظروف التي تعرفها المنطقة، مبرزا أنها جاءت لتؤكّد دور الجزائر الفاعل في عملية إقرار السلم والمصالحة في مالي ودعم المرحلة الانتقالية. وأثنى على الجهود المبذولة من قبل وزير الخارجية صبري بوقدوم، كثاني دبلوماسي رفيع المستوى زار مالي في أعقاب الإنقلاب العسكري شهر أوت 2020 الفارط.
قال إدريس آيات، إن زيارة رئيس مالي إلى الجزائر، جاءت بناء على الأدوار النشطة التي تلعبها الجزائر في القضايا السياسية بالمنطقة ولاسيما الجارة مالي، مشيرا إلى أن هدف هذه الزيارة الرسمية جاءت لتعزيز العلاقات الثنائية بين الدولتين؛ ومناقشة أبرز التطورات المحلية والاقليمية.
وأضاف الباحث في الشؤون الإستراتيجية، في اتصال مع «الشعب»، أن زيارة رئيس مالي جاءت في الوقت الذي تشهد فيه الحكومة الانتقالية المالية تحديات كثيرة، أبرزها ملفَّا «الميثاق الانتقالي لخارطة الطريق للمرحلة الانتقالية» والضغوطات المحلية والدولية لتطبيق بنود اتفاق السلام الذي ترعاه الجزائر.
أما على الصعيد الإقليمي، فإنّ جارتها الشرقية النيجر تعرف هي الأخرى انتقالاً للسلطة، حيث أُحرزت تقدما نسبيا في مساعي الاستقرار السياسي والأمني. كما أن ليبيا خطت خطوات ايجابية بمنح الثقة لحكومة عبد الحميد الدبيبة.
وفيما يخص الجزائر، فإنها تسعى لتسخير جهودها الإقليمية لإحياء اتفاقية سابقة (مسار الجزائر)، بعد الاجتماع التاريخي الذي قادته في كيدال للدورة 42 للجنة متابعة الاتفاق في أواسط فيفري الماضي، والهدف منه استغلال الظروف المواتية إقليمياً لإعادة ديناميكية المسار لِلمّ شمل الحكومة المركزية في باماكو والجماعات الارهابية في شمال مالي، المنطقة التي تعتبرها الجزائر عمقها الجيو استراتيجي، وقضية تمس أمنها القومي، باعتبار أن المنطقة بؤرة للجماعات الدموية تهدد استقرارها. كما أنّ إعادة تفعيل الاتفاقية مع الحكومة الانتقالية تسرّع من مغادرة القوّات الفرنسية - أو على الأقلّ لن يبقى لها مسوغ بقاء- على حدودها.
وفي سياق متصل، أوضح آيات أن مبادرة الجزائر تنصب على «إعادة إعمار شمال مالي»، وهي المبادرة التي أعلنت الخارجية الجزائرية أنها حصلت على تعهدات دولية من فرنسا بتقديم مليوني يورو، كما أعلنت بعثة الأمم المتحدة (ميونسما) ببناء سد مائي بمليون دولار.
وبحسب رأي الباحث، فإنّ الانطباع السياسي العام لدى حكومة باماكو، يرى أن الجزائر ليست تلك الدولة التي تترأس لجنة متابعة اتفاق السلام بين الحكومة المركزية بمالي، ومسلحي الحركات الأزوادية شمالي البلاد فحسب، لكن كلاعبٍ مؤثرٍ يمكن أن يساهم في وضع حدٍ لتبعات النزاع في مالي الذي طال أمده.
في نفس السياق، قال الباحث، إنّ الحكومة الانتقالية في مالي لم تدخر أي جهدٍ لدعم الجهود الجزائرية في هذا الاتجّاه، وهو ما يرمي إليه تعيين مفتش الخدمات الاقتصادية، إنهاي آغ محمد ممثلا أعلى لتنفيذ اتفاق السلام والمصالحة المنبثق من عملية الجزائر، خلفاً للمفتش العام الأسبق محمدو دياغوراغا، ما يفضي إلى استنتاجٍ واحدٍ، وهو أنّ هذه الزيارة هي زيارة عملٍ تحت ظلال الصداقة.
فحكومة مالي - كما الجزائر - ترمي إلى وضع نقاط جوهرية لملف الشمال، لا سيما وأن مالي تعرف تحديّات ما بعد انقلاب أوت 2020 الذي أسقط حكم أبوبكر كيتا، وخاصةً أنّهما يدركان أنّ القوى الدولية تَعِدُ بالكثير وتُنْجز القليل، وبالتالي نجاح تنفيذ بنود الاتفاقية لتحقيق السلام الدائم يتوقف على مدى ضلوعهما لإعطائها دينامكية جديدة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024