يحيي شعب الساقية الحمراء ووادي الذهب ذكرى قيام الجمهورية العربية الصحراوية في خضم الكفاح المسلح الذي تقوده جبهة البوليساريو الممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي ضد الاحتلال المغربي منذ 13 نوفمبر الماضي، عقب إسقاط الرباط اتفاق وقف إطلاق النار عقب حادثة الكركرات التي أعادت للعالم سيناريو الحرب المفتوحة إبان تسعينات القرن الماضي.
تأتي الذكرى الـ45 لإعلان قيام الجمهورية العربية الصحراوية في 27 فبراير 1976، في سياق متميز يعيشه الشعب الصحراوي فرضته عودة الحرب بين الطرفين رغم استمرار التكتّم على مجريات عمليات الكر والفر التي تقول قوات الجيش الصحراوي إنها تنفذها يوميا على طول الجدار العازل وتجاوزته أحيانا أخرى إلى داخل التراب المغربي وسط تخوّف المجتمع الدولي من استمرار النزاع وتأثيره على الجانب الإنساني في المنطقة.
تحديات جديدة فرضت على الشعب الصحراوي اليوم وهي ذكرى قيام الجمهورية التي كان لها الفضل في قطع مؤامرة دولية للالتفاف على حقوقه المشروعة في تأسيس دولة مستقلة كاملة غير منقوصة بشبر واحد، وها هو اليوم يعود الحلم الذي خطّط له المؤسسون الأوائل للجبهة الشعبية للساقية الحمراء ووادي الذهب، بعودة الكفاح المسلح رغم مرارة الحرب، لكن الخيار فرض على الصحراويين بعد فشل كل المساعي الدبلوماسية لإنهاء الاحتلال المغربي.
ومع استمرار شبه صمت دولي على ما يحدث يوميا في الصحراء الغربية تتزايد قناعة الشعب الصحراوي بأن لا مفر من الحرب لتحرير كل الوطن أو الشهادة التي جعلوا منها شعارا رسميا يتصدّر حناجرهم كلما حلّت ذكرى إعلان قيام الجمهورية الصحراوية. ولم يعد بالإمكان الحديث عن العودة إلى مربّع السلم أمام استمرار الوضع الراهن وسط سياق دولي خاص أملته جائحة كورونا التي رفعت من مستوى البراغماتية في العلاقات الدولية بشكل يشبه في مظهره الوضع إبان الحرب العالمية الثانية.
كل هذه الظروف تواجه المنطقة المغاربية التي لا تشكل الاستثناء من باقي العالم، لكن من دون شكّ وقعها على الشعب الصحراوي سيكون أكثر ضررا بالنظر لتقدّم النزاع المسلح بين الطرفين جبهة البوليساريو والمغرب، وبروز خلافات بين دول الحلفاء للطرفين تؤكد لا محالة تعمّق الأزمة على المدى القريب، في انتظار تحرّك من الإدارة الأمريكية الجديدة لإعادة تبّني سياستها القديمة في النزاع بعد إعلان الرئيس السابق دونالد ترامب الاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية.
كما أن الوحدة الوطنية للشعب الصحراوي لا تقتصر على الحروب فقط، إنما تتّضح في السلم أيضاً، من خلال تضافر أبناء المجتمع، وتزداد ضرورة وأهميّة الوحدة الوطنية في هذه المرحلة، حيث يواجه هذا الشعب كثيراً من التحدّيات تختلف عن تحدّيات الماضي. فمخططات الاحتلال، والتآمر الدولي، والخذلان القاري، تتطلّب إستراتيجية لمواجهتها عن طريق تنمية الوحدة الوطنية والعمل على ترسيخها، ونبذ كل أشكال التفرقة والعمل على بناء الإنسان وتنمية مهاراته من أجل الصمود أمام تحدّيات المرحلة.