أحدث الحوار السياسي الليبي في سويسرا قطيعة مع الخلافات السابقة بين الفرقاء. ومع إعلان بعثة الأمم المتحدة استلامها أربع قوائم لمرشحي المجلس الرئاسي المؤلف من ثلاثة أعضاء ورئاسة الحكومة، بدت الأجواء ديمقراطية وجرى تقديمها بحلول الموعد النهائي المحدد. لكن حسم النتائج سيكون في جولة ثانية لعدم بلوغ النصاب المحدد في الجولة الأولى.
تبدّدت المخاوف من سيناريو تعطيل مسار حل الأزمة الذي لوّح في الأفق قبل أيام، إثر التقدم الكبير الحاصل في أروقة الحوار السياسي في جنيف، ورغم التنافس الشديد بين المرشحين سادت العملية أجواء ديمقراطية وشفافة حسب البعثة الأممية، التي أعلنت في مقرها في جنيف الجمعة عن النتائج النهائية لانتخابات المجلس الرئاسي والحكومة في الجولة الأولى.
وبعد عملية فرز القوائم الصحيحة في الجولة الأولى بحضور لجنة التدقيق، أعلنت البعثة الذهاب إلى الجولة الثانية لعدم حصول أي من القوائم على نسبة الستين في المائة. ووصل إلى الجولة الثانية المرشحان وزير الداخلية في حكومة الوفاق الوطني فتحي باشاغا وعبد الحميد دبيبة.
وأشارت البعثة الأممية في بيان رسمي إلى أن القوائم تحصلت على التزكيات المطلوبة، وذلك على النحو المنصوص عليه في آلية الاختيار التي اعتمدها ملتقى الحوار السياسي الليبي في 19 جانفي الأخير. وعبّر البيان عن تفاؤل البعثة إزاء المشاركة القوية في هذه العملية والتنوع المتمثل في إعداد القوائم.
وكانت القائمة الرابعة حملت أسماء بارزة في المشهد السياسي الليبي، ويتعلق الأمر بكل من عقيلة صالح قويدر مرشحا لرئيس المجلس الرئاسي، أسامة عبد السلام جويلي، مرشح عضو المجلس الرئاسي، وعبد المجيد غيث سيف النصر مرشح عضو المجلس الرئاسي، وفتحي علي عبد السلام باشاغا، رئيس الحكومة لكن الجولة الأولى لم تحسم الأمر، ما استدعى الذهاب لجولة ثانية.
ويبلغ الحد الأدنى اللازم للاختيار 60 بالمائة من الأصوات الصحيحة. وفي حالة عدم وصول أية قائمة إلى هذا الحد، يتم إجراء جولة ثانية للتصويت على القائمتين اللتين حصلتا على أكبر عدد من الأصوات في الجولة الأولى. ويبلغ الحد الأدنى للجولة الثانية 50 بالمائة+1 من الأصوات الصحيحة، حسب البيان.
وقبل إعلان البعثة الأممية للقوائم، فاجأ المرشح خالد المشري الجميع بسحب ترشحه، على الرغم من تحصله الأصوات الأكثر في المجمع الانتخابي للمنطقة الغربية (9 أصوات). وقال المشري في تصريح تلفزيوني «قررت الانسحاب من الترشح للمجلس الرئاسي في ليبيا لإتاحة الفرصة لتوافق أكبر»، شاكرا كل من صوت له في الجولة الأولى التي جرت الاثنين.
بدوره، قال المرشح لرئاسة الحكومة في السلطة المؤقتة عثمان عبد الجليل إنه لم يتمكن من الحصول على العدد المطلوب من تزكيات أعضاء لجنة الحوار (17 تزكية) لتشكيل قائمة يكون فيها على رأس الحكومة حتى يدخل الجولة التالية من التصويت. وشارك في الاقتراع الذي صوت على أربع قوائم، 73 عضوا من أعضاء الملتقى إضافة إلى صوت عن بعد، حيث بلغت نسبة المشاركة 100 بالمائة.
نشر مراقبين دوليّين
على صعيد آخر، طلب مجلس الأمن الدولي من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس نشر مراقبين للإشراف على وقف إطلاق النار في ليبيا، ويفترض أن يكون مقر هؤلاء المراقبين غير المسلحين في مدينة سرت (450 كيلومترا شرق طرابلس) الخاضعة لسيطرة قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر.
من جهته، قال متحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة إن إرسال فريق من المراقبين الدوليين لدعم اتفاق وقف إطلاق النار في ليبيا لا يزال محل بحث في إطار اللجنة العسكرية الليبية المشتركة (5+5). ويأتي طلب نشر مراقبين في ليبيا بينما لم ينفذ بعد عدد من بنود اتفاق وقف إطلاق النار المبرم في 23 أكتوبر الماضي، خاصة ما يتعلق بانسحاب المرتزقة الأجانب.
إشادة باستمرار الحوار
في مقابل ذلك، رحّبت بعثة الأمم المتحدة بعقد الجولة السابعة من محادثات اللجنة العسكرية المشتركة التي بدأت الخميس بمدينة سرت. وقالت البعثة إن الاجتماع يتمحور حول الإسراع في فتح الطريق الساحلي بين مدينتي سرت ومصراتة بغية تمكين المرور الآمن للمواطنين و البضائع والمساعدات الإنسانية.
من جهة أخرى، التقى رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فائز السراج في طرابلس الأمين العام المساعد منسق بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ريزدون زيننغا، الذي تم تعيينه مؤخرا في هذا المنصب لبحث آليات الخروج من الأزمة والتحضير للانتخابات في إطار مرحلة انتقالية جديدة.