لم تحظ القارة الأفريقية في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب بأولوية في السياسة الخارجية بشكل كبير، واكتفت واشنطن بالانحياز في التعامل مع عدة ملفات شائكة، اقتصرت على شركائها، وزادت من حدة التوتر في مناطق أخرى، على غرار ما حدث في المنطقة المغاربية. وتبقى أفريقيا مطالبة بتحقيق الاستقرار السياسي لبناء علاقات قوية مع إدارة بايدن الجديدة.
من المؤكد أن إدارة الرئيس جو بايدن ستلتفت إلى قارة أفريقيا لكونها أصبحت منطقة صراع ونفوذ عالمي بين القوى العظمى، وبالتالي لا يمكن لواشنطن ان تسمح بتوسع نفوذ بعض الدول مثل الصين وروسيا، رغم أن أولويات إدارة البيت الأبيض الجديدة في الوقت الحالي منصبة على ملفات داخلية وخارجية كثيرة أهمّها إعادة عظمة أمريكا بعد ما أحدثه ترامب من شرخ كبير في العلاقات مع المؤسسات الدولية.
ورغم ذلك كانت القارة الأفريقية حاضرة في أولى القرارات التي وقعها الرئيس بايدن بعد تنصيبه مباشرة، وتعلق الأمر برفع حظر السفر من دول ذات أغلبية مسلمة وشملت بعض الدول الأفريقية.
لكن التوترات في إفريقيا لا تكاد تهدأ حتى تتفجر أزمة أخرى، وباتت القارة الافريقية محل قلق لأوروبا على وجه الخصوص بسبب تنامي ظاهرة الهجرة غير الشرعية، وتسعى أوروبا الأقرب جغرافيا إلى أفريقيا لبناء شراكة إستراتيجية خاصة مع دول شمال أفريقيا لمواجهة التحديات الراهنة.
وتشهد منطقة شمال أفريقيا والساحل وكذلك منطقة القرن الأفريقي حاليا توترات قد تعرف تصعيدا في المستقبل، وكان لإدارة ترامب دورا في تأجيجها، على غرار إعلانه الإعتراف بالسيادة المغربية المزعومة على الصحراء الغربية، إذا أحدث القرار قلقا دوليا من تحول الموقف الأمريكي من النزاع ومعارضته لقرارات الأمم المتحدة، ناهيك عن انعكاسات القرار على المنطقة المغاربية.
كما تعتبر أزمة إقليم تيغراي واحدة من الملفات الساخنة في القارة السمراء، إضافة إلى أزمة سد النهضة وتداعياتها على الدول الثلاث المعنية بالملف. وفي هذا الشأن قال رئيس معهد الدبلوماسية الشعبية في إثيوبيا ياسين أحمد، ان أفريقيا يمكن أن تستفيد كثيرا من إدارة الرئيس بايدن لكن بشروط، عادة ما تضعها الإدارة الديمقراطية وتتمثل في تحقيق نظام شفاف واحترام حقوق الإنسان.
لكن في مقابل ذلك توقع ياسين حدوث علاقة جديدة مع الدول الأفريقية تبنى على شراكة إستراتيجية، دون إغفال ان العلاقات الدولية تحكمها المصالح المشتركة، كما أن إدارة البيت الأبيض الجديدة ستعتمد على القوة الناعمة والصلبة في نفس الوقت لتأكيد تواجدها في القارة السمراء ومواجهة المنافسة العالمية فيها.
وتتميز إدارة الديمقراطيين بالانفتاح على كل الشعوب والدفاع عن حقوق الإنسان، وفي هذا الصدد قال عباس محمد صالح باحث سوداني في الشؤون الأفريقية، أن إدارة بايدن ستضع شرط الاستقرار السياسي في البلدان الأفريقية لمد يد المساعدة.