بدت ملامح المشهد الليبي أكثر وضوحا من ذي قبل، بعد حدوث إجماع وطني على إجراء الانتخابات الرئاسية نهاية العام الجاري. فيما يصوّت اليوم أعضاء ملتقى الحوار السياسي على مقترحات اللجنة الاستشارية لاختيار سلطة تنفيذية جديدة تحدّد مسار المشهد السياسي وتضمن الحفاظ على اتفاق وقف إطلاق النار الموقع بين طرفي الصراع.
تسمح مقترحات اللجنة الاستشارية المنبثقة عن اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 باختيار السلطة التنفيذية الجديدة ممثلة في المجلس الرئاسي الليبي وحكومة وحدة وطنية وفق ما اتفق عليه في ملتقى الحوار السياسي، لكن كل المؤشرات والمعطيات توحي باستمرار فايز السراج رئيس المجلس الرئاسي الحالي لحكومة الوفاق الوطني المعترف بها من طرف الأمم المتحدة.
وتواجه اللجنة الاستشارية التي عكفت منذ يومين على صياغة مقترحات حول اختيار السلطة التنفيذية، تحديات تقنية في آليات التصويت. وأوضح الناشط الليبي أحمد أبوعرقوب لـ»الشعب» أمس، تفاصيل توصيات اللجنة الاستشارية المنبثقة عن ملتقى الحوار السياسي. حيث أن المقترح الأول ينص على أن يتوافق كل إقليم «مجمع انتخابي» على مترشح واحد للمجلس الرئاسي بنسبة 70 بالمائة بين أعضائه.
منافسة حادّة بين المترشحين
وأفاد الناشط أبوعرقوب أن هذه الآلية لن تنجح في اختيار رئيس المجلس الرئاسي ونائبيه، وذلك لحدة المنافسة بين المرشحين في كل المجمعات الانتخابية. فيما ينص المقترح الثاني وهو الحاسم حسب المتحدث على أنه إذا تعذر اتفاق الأقاليم حول مرشحيها، يجري الانتخاب على أساس القوائم الانتخابية بين كل أعضاء الملتقى الحوار، بحيث تتكون القائمة الانتخابية من 4 مرشحين لمناصب رئيس المجلس الرئاسي، وعضوية المجلس، ورئيس الحكومة.
ولكي تدخل القائمة دائرة المنافسة داخل ملتقي الحوار السياسي يشترط حصولها على 17 تزكية من أعضاء ملتقى الحوار السياسي الـ 75 موزعة على 8 من إقليم طرابلس و6 من إقليم برقة و3 من إقليم فزان.
وأشار أبوعرقوب إلى أن القائمة التي تحصل على 60 بالمائة من أصوات القاعة تعتبر فائزة ومن الجولة الأولى، قائلا أن «هذا الأمر صعب ويكاد يكون مستحيل، لذلك سوف يكون الحسم في الجولة الثانية من التصويت والذي سوف يقتصر على القائمتين اللتين حصلتا على أكبر عدد من الأصوات في الجولة الأولى».
وفي هذا الشأن أكد الناشط، تتنافس القائمتين في الجولة الثانية والآخيرة وتعتبر القائمة التي تفوز بـ 50 بالمائة + 1 هي السلطة التنفيذية الجديدة الناتجة عن ملتقى الحوار السياسي الذي ترعاه البعثة الأممية للدعم في ليبيا.
في الطريق الصحيح
وتعوّل بعثة الأمم المتحدة في ليبيا على الحفاظ على هدنة وقف إطلاق النار الموقعة في أكتوبر الماضي بين طرفي النزاع.
وأعلنت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بالإنابة ستيفاني وليامز دعوة بعثة الدعم في ليبيا أعضاء ملتقى الحوار السياسي للتصويت على الآلية المقترحة لاختيار السلطة التنفيذية المؤقتة اليوم الإثنين، على أن يجرى التصويت على مدار 24 ساعة، وإعلان النتائج فور الانتهاء من فرز الأصوات الثلاثاء.
ومع حصول شبه إجماع ليبي على ضرورة التوجه نحو الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة في ديسمبر القادم تكون ليبيا أمام مسافة قصيرة لتحقيق استقرار سياسي، يسمح بعودة الحياة الاقتصادية إلى طبيعتها، وهو ما يراه متابعون ضروريا لتفادي سيناريو عودة الحرب مع استمرار بقاء القوات الأجنبية التي تفوق حسب الإحصائيات 20 ألف جندي ومرتزق يتوزعون على 10 قواعد عسكرية على التراب الليبي.
في مقابل التقدم لمسعى اختيار السلطة التنفيذية. رحبّت الولايات المتحد الأمريكية، السبت، بـ التقدم الذي أحرزته اللجنة الاستشارية لملتقى الحوار السياسي الليبي نحو اختيار سلطة تنفيذية مؤقتة جديدة، ودعت في ذات الوقت الشعب الليبي والمجتمع الدولي إلى استخدام جميع الأدوات المتاحة لمنع أي محاولات لعرقلة الانتقال السياسي.
وتتمثل مهمة الحكومة الموحدة الجديدة، حسب البيان، في إجراء الانتخابات الوطنية في 24 ديسمبر من هذا العام، وتوفير الخدمات العامة، وإدارة وتوزيع ثروات ليبيا بشفافية لصالح جميع المواطنين.