مخارج للأزمة الليبية

مساعي دول الجــوار.. خطوة نحو الانفـراج

جلال بوطي

بعد إعلان طرفي النزاع في ليبيا، المجلس الرئاسي برئاسة فائز السراج ومجلس النواب برئاسة عقيلة صالح والجيش الليبي بقيادة الجنرال خليفة حفتر في 21 من شهر أوت الماضي وقف إطلاق النار عاد الهدوء نسبيا إلى شوارع المدن الليبية بعد الاستجابة للاتفاق الهام، لكن ذلك الهدوء لم يلبث حتى تحول الوضع لاحتقان وغليان نتيجة تردي الأوضاع المعيشية في البلاد بعد تعطل إنتاج النفط من المؤسسة الوطنية التي تعتبر أحد أبرز أسباب الصراع الدائر، غير أن جوهر الأزمة بات أكثر تعقيدا من ذي قبل بعد تزايد التدخلات الخارجية والأجنبية، وهو ما يضع الأزمة أمام عدة سيناريوهات، يصعب مواجهتها.
لم تكن الأمم المتحدة تعتقد أن الوضع في ليبيا سيكون أكثر تعقيدا بدعم طرف على حساب آخر واللجوء إلى حلول مؤقتة لإنهاء الصراع الدائر في بلد له ثروات طبيعية هائلة اسالت لعاب الأطراف الخارجية التي سارعت إلى التدخل في الشؤون الداخلية للبلاد دون قراءة وتحليل ذكي لسوسيولوجية المجتمع الليبي القبلي الذي يرفض التدخل في شؤونه الداخلية مهما كانت الظروف، وهوأحد الأسباب إطالة الأزمة منذ سقوط نظام معمر القذافي في 2011، حينها بدأت الأزمة تتعقد أكثر بتصاعد أطراف داعمة لرموز النظام السابق الذي حكم ليبيا لأربعة عقود من الزمن.

المؤسسة النفطية ولعبة المصالح

عند بداية الأزمة الليبية لم يكن الحديث واضحا وكثيرا على المؤسسة الليبية للنفط، وبدت الأزمة سياسية محضة، غير أن البلاد تتربع على حقول نفطية هائلة جعلتها تملك ثالث احتياطي للنفط داخل منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك» قبل الأزمة طبعا، غير أن حدة الصراع الدائر أوقفت عجلة الإنتاج مرات عديدة بعد بروز طرفين يسعيان إلى امتلاك أكبر عائدات الذهب الأسود واستغلالها في حشد الدعم الشعبي وتقوية الجهاز الدفاعي الأمني لكلا الطرفين، إلا أن الاعتراف الأممي والدولي بحكومة الوفاق الوطنية منح صلاحيات الاستغلال للحكومة المعترف بها، لكن مجلس النواب لم يتقبل هذا الأمر وجند ميليشياته للسيطرة على عائدات الشركة ما أدى إلى تأزم الوضع الأمني وتدهور الوضع الاقتصادي بعد تعطل الإنتاج بشكل قوي، ويعتبر سيناريوتقسيم العائدات بارزا لوقف الاحتقان في الوقت الراهن لكن إلى مدى يمكن تقبله من طرف حكومة الوفاق، وفي ظل تراجع القدرة الشرائية للمواطن الليبي.

التدخل الأجنبي.. وورقة تدفق السلاح

أدى التدخل الأجنبي في الأراضي الليبية الى زيادة الاحتقان السياسي لاسيما لجوء كل طرف من طرفي الصراع إلى إبرام تحالفات مع قوى خارجية لدعم جهازه الأمني وفي مقدمتها الجيش وهوما نتج عنه تزايد عدد الحاملين للسلاح حسب تقارير اممية لمواجهة الطرف الآخر واعتبار تدخل الأجانب احتلال واضح الأراضي الليبية. الشعب في كل المدن من بنغازي غربا إلى طرابلس شرقا يرفض تماما التدخل الأجنبي في الأراضي الليبية، ويعتبر سيناريوإخراج الأجانب من البلاد مستحيلا مع إستمرار لعبة التقوي بالخارج، بعد عجز الأمم المتحدة على لجم طرفي النزاع لحل مشكلة تدفق السلاح خاصة مع رفض شعبي لدعم طرف على حساب آخر.
كما أن التدخل الاجنبي شكل تحديا أمنيا لدول الجوار عبر تدفق السلاح والجماعات الإرهابية رغم تراجعها في الآونة الاخيرة بفضل سياسات أمنية للدول، وبات التدخل الأجنبي يمثل هاجسا لاستنزاف جيوش دول الجوار بعد وقوع هجمات إرهابية في بعض الدول نظرا لغياب تنسيق مباشر وفعلي مع أطراف النزاع في ليبيا لاسيما في الغرب والشرق.
يبدوأن سيناريو مساعي دول الجوار لحل الأزمة الليبية بات الأقرب حسب كل المعطيات، لأن احتضان الجزائر سنة 2015 لجولة حوار بين مجلس النواب والجيش الليبي بقيادة الجنرال حفتر، وحكومة الوفاق بقيادة فائز السراج كانت خطوة إيجابية وهامة في مسار حل الأزمة سياسيا بعيدا عن التدخل الخارجي الذي ترفضه الجزائر نهائيا، وقامت الدبلوماسية الجزائرية آنذاك بتقريب وجهات نظر الأطراف الليبية دون إقصاء أوإلغاء لمقترح آخر، كما لقيت المبادرة ترحيبا من طرف الشعب الليبي الشقيق.
وبرز دور تونس في الآونة الأخيرة بشكل واضح بعد تعيين سفيرا لها بطرابلس لأول مرة منذ عام 2014، هي خطوة إيجابية نحوالحل بعيدا عن التدخلات الأجنبية التي يرفضها الشعب الليبي نهائيا.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19634

العدد 19634

الأربعاء 27 نوفمبر 2024
العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024