محمد هاني شعيب أستاذ في الجامعة اللبنانية لـ «الشعب»:

الجزائــر دومــا فــي طليعــة الــدول الداعمــة للبنــان

حوار: عزيز.ب

اعتبر محمد هاني شعيب، أستاذ محاضر في الاقتصاد بالجامعة اللبنانية، أن تضامن ودعم الجزائر كان دوما في طليعة الدول الداعمة للبنان على مختلف المستويات. ويرى أنه ليس بغريب على البلد الذي عهدناه دائما سبّاقا لمثل هذه المبادرات في عدة مناسبات، داعيا الأشقاء العرب إلى التضامن مع الشعب اللبناني بشكل مباشر، ودعمه في طريق التغيير لتجاوز الأزمة.

الشعب: هل يمكن إطلاعنا على تطورات الوضع في لبنان وما هي قراءتكم لزيارة الرئيس الفرنسي عقب الانفجار؟
محمد هاني شعيب: مع كارثة بهذا الحجم، أي زيارة تنطوي على دعم للبنان مرحب بها. لكن زيارة الرئيس ماكرون من حيث الشكل جاءت لافتة، لأن الدعم الفرنسي لم يكن عبر سفير أو مندوب، بل عبر رئيس الدولة نفسه. علما أن الرسائل التي وجهها ماكرون، سواء بشكل مباشر على أو غير مباشر، للسياسيين اللبنانيين، أكدت أن زمن «الدعم المادي الأعمى» قد انتهى، سواء كان فرنسيا أو من الاتحاد الأوروبي، وهذا يعكس انعدام الثقة في الطبقة السياسية اللبنانية، ليس فقط على مستوى شعبها بل على المستوى الدولي أيضا، حيث لم يعد بالإمكان إخفاء فشل مختلف الحكومات المتعاقبة، التي أنتجتها الطبقة السياسية دون استثناء، بسبب بعض الأساليب الملتوية من تنفيذ مشاريع إنمائية، باستعمال جزء من المساعدات والقروض، وهدر الباقي.
على هامش زيارة ماكرون علت هتافات تطالب برحيل الحكومة والأحزاب؟
- طبعا برزت خلال زيارة الرئيس ماكرون، دعوة قلة من النشطين لعودة «الانتداب الفرنسي». هذه الدعوة تمثل أصحابها ولا تمثل الرأي العام.
 لكن برأيي، الشباب الذي أطلق هذا النداء للرئيس الفرنسي، حاول إبلاغ المجتمع الدولي أن الشباب اللبناني قد فقد ثقته بالطبقة السياسية، حيث دفعه هذا اليأس إلى البحث عن حلول من الخارج، والرسالة وصلت طبعا وفهمها ماكرون والمجتمع الدولي. لكن، للأسف، لم يفهمها الساسة في لبنان.
كيف جاء التجاوب والتضامن العربي مع ما بعد الانفجار؟
- لا شك أن الدول العربية، على غرار الجزائر التي كانت دوما في طليعة الدول الداعمة للبنان، على مختلف المستويات، بدليل إرسالها 4 طائرات من المساعدات العينية والطبية، إلى جانب فريق بحث وإنقاذ يتكون من 39 شخصا بين إطفائي ودفاع مدني، وفريق طبي من 11 شخصا.
 وهذا ليس بغريب على الجزائر التي عهدناها دائما سباقة لمثل هذه المبادرات الطيبة في عدة مناسبات، ليس فقط خلال هذه الأزمة تحديدا، حيث برز التضامن العربي بقوة، لكن ما أريد الحديث عنه في هذا المجال هو الدعم والتضامن العربي ما قبل الحادثة الذي كان كبيرا، لكن تراجع منذ سنوات قليلة بسبب بعض الخلافات السياسية، حيث بدأنا نرى قيودا على كل المستويات في السياسة والاقتصاد والاستثمارات الأجنبية وحتى في المساعدات الإنسانية، مشروطة بأن يتخذ لبنان قرارا على المستوى الرسمي.
ما هي الرسالة التي توجهها للدول العربية المتضامنة مع لبنان؟
- إن تركيبة لبنان المعقدة من موزاييك الطوائف والمذاهب والتوجهات السياسية، التي لا ترى مثيلا لها في أي دولة من الدول العربية، أنتجت يوما ما خصوصية وتنوعا لطالما كان يوصف أنه نعمة، لكنه اليوم تحول إلى نقمة.
ومع هذه المعطيات، فإننا ندعو الإخوة العرب إلى التضامن لا مع الدولة اللبنانية، لا مع أي من مكوناتها الحزبية التي فقدت ثقة الناس، بل مع الشعب اللبناني بشكل مباشر، وأن يدعموا الشعب نفسه في طريق تغيير وإنتاج طبقة سياسية جديدة تخرج لبنان من واقعه المأزوم.
كيف تفسر انتفاضة الشعب في الشوارع مجددا؟
- انتفاضة الشعب اللبناني لم تبدأ أمس، كما يعلم الجميع، بل بدأت في 17 أكتوبر 2019، حيث كان نزول الناس إلى الشارع بشكل عفوي وتوحدهم حول عناوين وطنية جامعة، مشهدا لم تشهده الساحة اللبنانية منذ عقود. هذه الأيام تكرر هذا المشهد في وسط بيروت، ونحن ربما أمام سلسلة تحركات جديدة، قد تتخذ منحى أكثر عنفا ربما، لأن الناس حقيقة وصلت إلى ما بعد الإختناق. ولأنه في كل دول العالم عندما تنزل هذه الحشود إلى الشارع، يتم مقابلتها بتغيير سياسي، إلا في لبنان نحن أمام تعنت طبقة سياسية فقدت ثقة الجميع، وأثبتت فشلها على كافة الأصعدة.
لذا، فإن الكثيرين من الذين نزلوا إلى الشارع منذ 17 أكتوبر 2019، كانوا يراهنون على أن تشكل الحشود الكبيرة السلمية، ضغطا على السلطة يدفعها إلى التغيير.
ما هي الحلول المقترحة لتجاوز الأزمة؟
منذ 17 أكتوبر إلى غاية اليوم، رفعنا في الحراك الشعبي عناوين واضحة للإصلاح، وهي:
- استقالة الحكومة (وهذا حدث باستقالة الرئيس سعد الحريري، لكن حكومة الرئيس حسان دياب لم تقدم أي بديل).
- إجراء انتخابات نيابية مبكرة بناء على قانون انتخابي عادل خارج القيد الطائفي يضمن صحة التمثيل.
- استقلالية القضاء ووقف التدخلات السياسية.
- محاسبة الفاسدين واستعادة الأموال المنهوبة.
نحتاج تغييرا حقيقيا يفضي إلى هيئة تأسيسية جديدة، تحظى بثقة الناس وتقود مسيرة الإصلاح.
هل أحالت الحكومة اللبنانية ملف انفجار المرفأ على القضاء بناء على اقتراح وزيرة العدل؟
- في ظل انعدام الثقة بالطبقة الحاكمة، وبما أن «استقلالية القضاء» هو من ضمن المطالب التي رفعها الحراك الشعبي، فلا شك أن معظم اللبنانيين لا يثقون بأي تحقيق قد تجريه لجنة قضائية تشكلها هذه الطبقة نفسها التي تتدخل كل يوم في عمل القضاء.
وكما ذكرت سابقا عن تعقيد الوضع اللبناني، فإن أي لجنة تحقيق دولية سيتم تسييسها، وسيرى جزء من الناس أنها محايدة ومهنية، وسيراها الجزء الآخر أنها مسيّسة تعمل وفق أجندة دولية.
بالنسبة لي حقيقة، كما كثيرين، لسنا بحاجة إلى تحقيق سواء محلي أو دولي لإدانة هذه الطبقة، لأن السبب الأول والأساسي لما حصل في مرفأ بيروت هو الفساد والإهمال، الذي ترك هذه الأطنان من المواد الخطرة قابعة في مواجهة مدينة بيروت وفي مواجهة أرواح الناس وممتلكاتهم.
نفهم من حديثك أنك ضد التحقيق بصفة عامة، بالرغم من أن القانون الدولي يسمح بإجراء ذلك؟
- أي تحقيق محلي أو دولي قد يصل إلى أي من الفرضيات التي يتحدث عنها الناس أو وسائل الإعلام، بأن يكون الانفجار نتيجة صاروخ، أو عمل تخريبي، أو تخزين أسلحة، أو محض صدفة وحادث مأسوي، والتي قد تشير بأصابع الاتهام إلى هذا الطرف أو ذاك.
 لكن بالنسبة لي المسؤولية تقع على كامل الطبقة السياسية التي يجب أن تستقيل من مقاعدها النيابية والوزارية، وتعترف بفشلها على مدى سنين، أقله فشلها في وضع خطة لإدارة الكوارث لكي تكون إلى جانب المواطنين. وفي جميع الأحوال، اعتقد أنه سيكون هناك مشاركة دولية في التحقيقات المحلية، خاصة وان العديد من الدول، على غرار فرنسا، كان ليدها رعايا سقطوا بين قتيل وجريح، عدا خسائرهم المادية نتيجة الانفجار، وبحسب القانون الدولي يحق لهذه الدول أن تشارك في التحقيق.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19634

العدد 19634

الأربعاء 27 نوفمبر 2024
العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024