حتى وإن كانت الجزائر قد أعلنت قبولها بكل الخيارات بما فيها خيار القوة لتسوية الأزمة التي تعصف بمالي منذ ٨ أشهر، وأكدت دعمها لأي تحرك عسكري هدفه محاربة الارهاب، وهذا بعد أن ظلت ترافع من أجل الحل السياسي التفاوضي فقط وتكسر بصوتها المعارض لاستعمال السلاح، الصخب الذي تحدثه فرنسا وهي تقرع طبول الحرب بمعية دول المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا، فان الموقف الجزائري وإن تغير ظاهريا، فهو في الباطن مازال على حاله اذ يؤكد المسؤولون الجزائريون في كل مناسبة بأن حل الأزمة في مالي يجب أن يكون بأيدي الماليين أنفسهم من خلال دعمهم لوضع خارطة طريق تحفظ وحدة الأرض والشعب وتُعيد الشمال الى سلطة الدولة وتسمح بحل المعضلة الانسانية المتفاقمة.
ولا يتردد المسؤولون الجزائريون بالتشبت صراحة وعلانية حتى بعد أن وافقوا على كل الخيارات، بأولوية الخيار السلمي لادراكهم تمام الادراك بأن الحل العسكري ستكون له عواقب وخيمة على استقرار المنطقة وعلى أمن الجزائر، ليس فقط للارتباط الجغرافي بينها وبين دولة مالي، ولكن لادراكها تمام الادراك معنى محاربة الارهاب ومواجهة مجموعات عنيفة متطرفة لا تتردد في استعمال كل الوسائل والأساليب اللاأخلاقية واللاشرعية بما فيها الانتقام من المدنيين وجعلهم دروعا بشرية واللجوء الى التفجيرات والاغتيالات لرد كل ضربة تتلقاها..
الجزائر مازالت ترافع من أجل الخيار السلمي ونستشف ذلك من خلال تشديد وزير الشؤون الخارجية مراد مدلسي قبل يومين في باماكو على ضرورة البحث عن حل سياسي تفاوضي يشارك فيه كل الفاعلين الذين ينددون بوضوح بالارهاب والجريمة ويرفضون أي مساس بالسلامة الترابية لمالي.
ولازالت الجزائر ايضا تنصح باعطاء فرصة للآلة الديبلوماسية على الأقل لإستمالة الانفصاليين التوارق ودفعهم الى القبول بالحوار مع السلطة المالية «وتطليق» المجموعات المسلحة حتى يتم حصرها فتسهل عليه محاربتها اذا تم اعلان هذه الحرب، وهي على مايبدو قادمة مادامت أمريكا نفسها التي كانت من أشد المدافعين عن الخيار السلمي على الأقل علنا التحقت بالطرح الفرنسي القائم على الخيار العسكري لحل أزمة مالي.
الموقف الجزائري عرف شيئا من التغير الظاهري هذا أكيد، والمؤكد أن ظروفا ووقائع ومصالح تكون أملت هذا التغير لكن المفروغ منه أن الدبلوماسية الجزائرية لا يمكن أن تراهن على موقف أو قرار معين يشكل أي خطر على أمن واستقرار البلاد كما أنها لا يمكن أن تكون غير مدركة لأطماع القوى الكبرى التي تتسابق ليكون لها موطن قدم في المنطقة لاقامة قواعدها العسكرية.
ولا يمكن بالمرة أن تكون آلتنا الدبلوماسية جاهلة لمعنى الحرب على الارهاب، لهذا، فاننا نؤمن بأن المقاربة الجزائرية في علاج الأزمة في مالي ستكون في الأساس مبنية على مبدأ الحفاظ على أمن واستقرارالجزائر أولا وأخيرا.
بعد الحسم في أزمة مالي.. الثابت والمتغير
فضيلة دفوس
شوهد:1102 مرة