يقول الكاتب روجر بويز إن المقامرة الكبيرة للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل المتمثلة في استقبال الملايين من اللاجئين ومعظمهم من السوريين تؤتي ثمارها. وفي مقال نشرته صحيفة ذي تايمز البريطانية، يذكر الكاتب أن ملايين المهاجرين الذين قدموا من بلدان مختلفة سرعان ما اندمجوا في المجتمع الألماني، وعوضوا انخفاض معدل المواليد في البلاد.
يصف الكاتب المستشارة بأنها «ملكة أوروبا غير المتوجة» ويشير إلى أنها تستعد حاليا للخروج من الحكومة، وإلى اللقاء المرتقب مع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون في برلين.
فميركل - وفق وصف الكاتب - أصبحت شخصية هامشية على نحو متزايد في عالم الاتحاد الأوروبي، وأنها باتت تنظر للوراء لكل ما حققته ولا تنظر إلى الأمام حيث تغادر عالم السياسة.
يقول إنه لا أحد في برلين أولندن أوبروكسل يعتقد حقا أن ميركل لا تزال تتمتع بالنفوذ، أوأن لديها القدرة على مساعدة بريطانيا فيما يتصل بالخروج من عضوية الاتحاد الأوروبي، مضيفا أن ميركل مرتبكة جراء تعالي النبرة القومية حولها، غير أنه يجب ألا تلوم سوى نفسها.
فسبب كل الأوضاع التي تمر بها ميركل -وفق ما يرى الكاتب- يعود إلى فتحها أبواب بلادها أمام أكثر من مليون مهاجر ولاجئ قبل أربع سنوات، مما تسبب في تغيّر الخريطة السياسية للهوية الوطنية في أوروبا، وأبعد من ذلك.
يرى الكاتب أن تدفق اللاجئين إلى ألمانيا، والشعور بالقلق الشديد إزاء عدم وجود ضمانات للقادمين الجدد، كانا ضمن الدوافع الرئيسية لصعود اليمين المتشدد والشعبوية بأوروبا من السويد وحتى إيطاليا، وأنها كانت أحد أسباب الخروج البريطاني وفوز دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة. يقول أيضا: الثمن السياسي الذي دفعته ميركل يتمثل في صعود حزب «بديل لألمانيا» اليميني المتطرف عام 2017، والذي من المتوقع أن يحصد أغلب المقاعد شرق البلاد في الانتخابات البلدية هذا الخريف.
الثمن الذي دفعته ميركل
يضيف الكاتب أن عهد ما بعد ميركل (انتخابات 2021) قد بدأ بالفعل، وأن اللوم سيقع على ميركل إزاء ألمانيا «المريضة» ذات الاقتصاد المتعثر وإزاء فقدانها دورها الريادي بأوروبا لصالح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وإخفاقها في اختيار خلف لها، وعلى رأس ذلك كله دعوتها للهاربين من الحروب إلى بلادها.
يستدرك بأن إحصاءات سوق العمل في ألمانيا لا تبرر الافتراضات السياسية للوبي المناهض للهجرة، موضحا أن أكثر من ثلث اللاجئين -الذين قدموا من سبع دول أساسية ممثلة في سوريا العراق وإيران وباكستان وإريتريا وأفغانستان والصومال، لديهم وظائف رسمية ويدفعون الضرائب.
يعتقد أرباب العمل -وفق تعبير الكاتب- أن عدد الموظفين من اللاجئين سيرتفع ما لم يحصل ركود اقتصادي، وأنه لا توجد أدلة تثبت أن القادمين الجدد يستولون على فرص العمل من المواطنين أوأنهم يمتصون الاقتصاد بالعيش على نظام التأمين الاجتماعي.
يقول أيضا إن اللاجئين أصبحوا جزءا من القوة العاملة وإنهم اندمجوا مع زملائهم الألمان، في ظل صغر سنهم وتمتعهم بالقدرة البدنية ومستوى تعليمهم الجيد.
فنظام التعليم والتدريب واللغة الألمانية الذي اتبع معهم -يقول الكاتب- جعلهم مؤهلين للخروج مباشرة إلى سوق العمل الذي يحتاجهم.
اختتم المقال بتساؤل إزاء الثمن الاجتماعي بألمانيا في حال بدأ الاقتصاد يعاني ركودا وحال بدأ التنافس الوظيفي يأخذ حيزا على نطاق أوسع في البلاد.