حمل خطاب رئيس الجمهورية خلال الاحتفال بالذكرى السبعين لثورة نوفمبر المجيدة، العديد من الرسائل السياسية والأمنية، والتي تتصل مباشرة بعقيدة الجزائر الدفاعية ومرجعيتها الثورية، في ظل التحديات الإقليمية المعقدة. حيث وضع الرئيس تبون عقيدة الجيش الجزائري في سياقها التاريخي والحديث.
شدد الرئيس تبون على أن الجيش الوطني الشعبي، باعتباره سليل جيش التحرير، يلتزم بمبدإ الدفاع عن سيادة الجزائر وسلامة أراضيها، في مواجهة أي تهديدات محتملة. هذا المبدأ ينبع من إرث الجزائر التاريخي، الذي لم يكن قائمًا على العدوان أو التدخل في شؤون الدول الأخرى، بل على احترام سيادة الدول واستقلالها، مع الإصرار على حماية الاستقلال الوطني.
بالإضافة إلى ذلك، أرسل الرئيس تبون رسالة طمأنة داخلية وخارجية بشأن نوايا الجزائر العسكرية؛ فبينما تعمل الجزائر على تطوير قدرات جيشها، أوضح الرئيس أن هذا التطور ليس لأغراض توسعية أو عدوانية، بل هو حصريًّا لحماية السيادة الوطنية. علاوة على ذلك، أكد على أن الجزائر تلتزم بمبادئ القانون الدولي وتحرص على التعاون الإقليمي والدولي لإحلال الأمن والسلم، مما يعزز صورتها كقوة إقليمية مسؤولة تحترم التزاماتها وتساهم في استقرار المنطقة.
الخطاب ضمّن كذلك إشارة مباشرة إلى التحديات الأمنية المحيطة، في وقت تتزايد فيه النزاعات والصراعات في المنطقة.
تكرار الرئيس لالتزام الجزائر بعقيدتها الدفاعية، أتى كتذكير بأن البلاد، رغم ما تمتلكه من إمكانات عسكرية متطورة، ليست بصدد استغلال هذه القدرات للتدخل في شؤون الآخرين، بل لحماية حدودها وتعزيز استقرارها الداخلي. كذلك، يعكس الخطاب أن الجزائر ترى في هذه القدرات وسيلة للحفاظ على الأمن الداخلي، وأن تطوير العتاد والقدرات البشرية للجيش لا يستهدف سوى الدفاع عن سيادة الجزائر وكرامتها.
بالإضافة إلى ذلك، وضع الرئيس تبون مبادئ ثورة نوفمبر كمرجعية سياسية وأمنية ثابتة للسياسات الجزائرية. فرسالة الجزائر لا تقتصر على الدفاع عن أراضيها فقط، بل تمتد لتكون حامية للقيم التحررية التي لطالما دافعت عنها، مثل حق الشعوب في تقرير مصيرها ودعم القضايا العادلة. هذا الالتزام الذي تحدث عنه رئيس الجمهورية يعكس تمسك الجزائر بالدبلوماسية المبدئية، التي تستند إلى دعم الشعوب المضطهدة واحترام سيادة الدول الأخرى، مما يجعلها قوة إيجابية في محيطيها الإقليمي والدولي.
درع حامٍ
في سياق متصل، أوضح أستاذ الدراسات الأمنية والدولية الدكتور خليفي عبد الوهاب، في تصريح خص به «الشعب»، في تحليله لمضمون خطاب رئيس الجمهورية، أن الخطاب عكس بوضوح العقيدة الدفاعية للجيش الجزائري، مؤكدًا أن مهمة الجيش الوطني الشعبي، سليل جيش التحرير الوطني، هي حماية سيادة الجزائر وأمنها.
ولفت الدكتور خليفي إلى أن هذه العقيدة ليست وليدة اللحظة، بل تستند إلى موروث ثوري يتمسك بمبادئ عدم التدخل في شؤونا الآخرين واحترام السيادة، مما يعكس رؤية الجزائر كقوة سلام واستقرار في المنطقة.
بالإضافة إلى ذلك، أشار خليفي إلى أن عرض القدرات العسكرية في الاحتفال بالذكرى السبعين للثورة التحريرية، لم يكن فقط لإظهار الجاهزية القتالية للجيش، بل كان بمثابة رسالة واضحة؛ فبينما تمتلك الجزائر أحد أقوى الجيوش في منطقة حوض البحر المتوسط، فإن هدفها لا يخرج عن حماية الحدود وصون الأمن الوطني.
ويضيف خليفي أن الجيش، بفضل تحديث عتاده وتطوير كفاءة أفراده، أصبح قوة دفاعية رادعة، تؤكد الجزائر من خلاله أنها سترد بحزم على أي تهديد مباشر، مما يعزز مناعة البلاد ويضمن لها القدرة على التصدي لأي محاولة لزعزعة أمنها.
علاوة على ذلك، يضيف المتحدث، أن خطاب رئيس الجمهورية كان انعكاسًا لرؤية الجزائر الدبلوماسية، التي ترتكز على دعم القضايا العادلة والالتزام بمبادئ بيان أول نوفمبر. هذا الالتزام يعكس تمسك الجزائر بمبادئها التحررية، والتي تجعلها داعمة للشعوب المضطهدة والمطالبة بحقوقها، مما يعزز مصداقيتها واحترامها على الساحة الدولية. كما أوضح أن هذا النهج السلمي الذي تعتمده الجزائر، ورغم مثاليته الظاهرة، مدعوم بجيش عصري قادر على الدفاع عن البلاد بكفاءة عالية، مما يجعل من الجزائر قوة متزنة تجمع بين القوة العسكرية والالتزام الأخلاقي بمبادئ السلام.